الوقت - أثار اختراق أحد الشباب اللبنانيين "الجدار الأمني" الذي أنشأه كيان الاحتلال الصهيوني في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة عدداً من التساؤلات بشأن قوة هذا الجدار من ناحية، وإمكانية خرقه مرة أو مرات أخرى من ناحية ثانية. فمن هذا الشاب الذي اخترق هذا الجدار بعمق 10 کلم وأثار الرعب في أوساط الكيان الإسرائيلي؟ وكيف تمكن من ذلك؟ وما هي دلالات ومعطيات هذا الحدث؟
اسم هذا الشاب (علي مرعي) الذي يبلغ من العمر 24 عاماً ويتمتع بكامل قواه العقلية، وهو من بلدة "حبوش" قرب النبطية في جنوب لبنان، وقد تربى في عائلة مع شقيقين (نعيم ومحمد) وشقيقتين (لين ودعاء)، وهو يتميز بالهدوء ولا تبدو عليه أي علامات تشير إلى إمكانية قيامه بمثل هذه الخطوة، وعندما تم تداول الخبر في وسائل الإعلام لم يخطر في بال أي من أقربائه أن يكون هو من قام بهذه الخطوة. وفي السابق كان مرعي يعمل بأحد المطاعم في تركيا قبل أن يغادرها منذ فترة عائداً إلى لبنان.
وقد تمكن هذا الشاب من اختراق السياج الشائك على الحدود اللبنانية -الفلسطينية والوصول ليلاً إلى تخوم مستوطنة "كريات شمونة" عبر مستعمرة "المطلة" انطلاقاً من "كفركلا" قبل أن يعتقله الجيش الإسرائيلي.
وخلال هذه الرحلة اخترق مرعي الذي لم يكن يحمل أي نوع من السلاح الكثير من الحواجز الأمنية الإسرائيلية بينها حقلاً للألغام بالقرب من موقع "الحماري". وتجدر الإشارة إلى أن مرعي لم يكن قد دخل أي دورة عسكرية أو تدريبية على كيفية اختراق هذه الحواجز.
وأدى هذا الخرق إلى استنفار أمني واسع ضمن سريّة "المطلة" الإسرائيلية الحدودية، بسبب عدم تشخيصها لهذا الخرق أثناء عبور مرعي من جهة بلدة "كفركلا" اللبنانية. وقابل هذا الاستنفار من الجهة الأخرى استنفار للأجهزة الأمنية والجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" التي تسلمت مرعي بعد اعتقاله من قبل دورية للجيش الإسرائيلي في عمق 10 كلم داخل الأراضي المحتلة. وبعد ذلك قامت "يونيفيل" بتسليم مرعي إلى الجيش اللبناني عبر معبر الناقورة الحدودي للتحقيق معه حول الأسباب التي دفعته لدخول فلسطين المحتلة.
وتحدث الجيش اللبناني لاحقاً عن إقدام دورية راجلة تابعة للعدو الإسرائيلي قوامها 9 عناصر على اجتياز خط الانسحاب لمسافة نحو 30 متراً داخل الأراضي اللبنانية المتحفظ عليها في محلة جبل الشحل - شبعا، ومحاولة خطف أحد الرعاة اللبنانيين من دون أن تتمكن من ذلك.
وأثار اختراق مرعي للحواجز الأمنية الإسرائيلية سيلاً من الانتقادات الشديدة اللهجة من قبل كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية، فيما أكد المراقبون بأن هذا الاختراق أثبت بما لا يقبل الشك أن الكيان الإسرائيلي وأجهزته الأمنية أوهن من بيت العنكبوت، متسائلين عن مدى قدرة هذا الكيان على منع قوات حزب الله من اختراق التحصينات والسياجات الأمنية الإسرائيلية إذا كان بإمكان شخص مدني وغير مدرب ولا يمتلك أي خبرة عسكرية على الاطلاق من اختراق هذه التحصينات بمفرده ودون الاستعانة بأي سلاح أو أجهزة متطورة كالتي يمتلكها حزب الله الذي تمكنت قواته من دحر الجيش الصهيوني وإذلاله كما حصل بشكل واضح في حرب تموز عام 2006.
وذكرت تقارير متعددة بأن الجيش الإسرائيلي قام بمعاقبة عدد من ضباطه في المنطقة المحاذية لجنوب لبنان لفشلهم في كشف الاختراق الذي تمكن من القيام به الشاب اللبناني (علي مرعي) في وقت يتطلب فيه المزيد من الحذر والترصد لمنع أي محاولة لاختراق الحواجز الأمنية الإسرائيلية سواء من جنوب لبنان أو المناطق المحاذية لهضبة الجولان المحتلة جنوب سوريا.
وسادت في الآونة الأخيرة أسئلة عمّا إذا كانت إسرائيل تتجه فعلياً لشنّ حرب جديدة على لبنان بشكل عام وعلى حزب الله بشكل خاص. وقبل فترة رصدت جهات أمنية لبنانية، جولة لضباط كبار في قيادة الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي على الجزء المحتل من منطقة العباسية في جنوب لبنان. وتألف موكب الوفد من ثماني آليات عسكرية تؤازرها خمس سيارات كان في داخلها شخصيات ارتدت الزي المدني، وأكدت معلومات أنهم ضبّاط استخبارات وقادة عسكريون للجبهة الشمالية الإسرائيلية.
كما رصد حزب الله في الآونة الأخيرة كثيراً من التغييرات التكتيكية العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي، من بينها تكثيف عمليات فرق الهندسة للبحث عن أنفاق في الجهة المقابلة للحدود اللبنانية على غرار ما حصل قرب "قطاع غزة" جنوب فلسطين المحتلة.