الوقت- بينما يتحضّر اسماعيل هنية لخلافة خالد مشعل، أسفرت نتائج الانتخابات الداخلية لحركة حماس في قطاع غزة، عن فوز يحيى السنوار، رئيسًا للحركة في القطاع، بالإضافة إلى عمله نائبا لرئيس المكتب السياسي، خالد مشعل.
ويعدّ القيادي العسكري يحيى السنوار، أحد مؤسسي الجناح العسكري لحركة حماس، والمسؤول الأول عن تأسيس جهازها الأمني "المجد"، إلى أنّ تعرّضه للأسر غيّبه عن الساحة، فمن هو السنوار؟ وكيف قرأ الكيان الإٍسرائيلي انتخابه رئيسا للمكتب السياسي للحركة في القطاع؟
النشأة والتأسيس للمقاومة
وُلد السنوار عام 1962، في مخيم خان يونس، وتعود جذوره الأصلية إلى مجدل عسقلان المحتلة عام 1948م، فاتخذ أهله من مخيم خان يونس مسكناً لهم .
وتنقل يحيى في مدارس المخيم -خان يونس- حتى أنهى دراسته الثانوية في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، ليلتحق بعد ذلك لإكمال تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية بغزة، ليحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، حيث عمل في مجلس الطلاب خمس سنوات، فكان أميناً للجنة الفنية، واللجنة الرياضية، ونائبًا للرئيس، ثم رئيساً للمجلس ثم نائبا للرئيس مرة أخرى.
كان السنوار من أبرز المطالبين بدخول غمار العمل العسكري، قبل تأسيس حركة حماس. وأسس السنوار الجهاز الأمني لجماعة الإخوان، الذي عُرف باسم "المجد"، عام 1985. وكان عمل الجهاز يتركز على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ومكافحة المتعاونين معه من الفلسطينيين.
الاعتقال.. السنوار بعيون المحققين
اعتقل يحيى السنوار أول مرة عام 1982 لمدة 4 شهور اداري، وفي عام 1985 اعتقل لـ8 أشهر بتهمة تأسيس جهاز الأمن الخاص بحماس الذي عرف باسم "مجد"، وفي عام 1988 اعتقل إداريا، قبل أن ينقل للتحقيق مجددا ويتم الحكم عليه بالسجن 4 مؤبدات بالإضافة إلى ثلاثين عامًا، بعد أن وجهت له تهمة بتأسيس جهاز المجد الأمني، والمشاركة بتأسيس الجهاز العسكري الأول للحركة، المعروف باسم "المجاهدون الفلسطينيون".
وتابع سخاروف:" في السجون الإسرائيلية كان المحققون يطلقون عليه لقب الرجل رقم 12، وذلك ليس لأنه في المرتبة 12 في قيادة الحركة، ولكنه لأنه مسؤول مباشر عن قتل 12 شخصا متهمين بالعمل لصالح إسرائيل في غزة".
وتنقل مصادر اسرائيلية نقلاً عن المحققين معه أثناء وجوده في السجن، "انه على الرغم من انه من الجناح المتطرف الا انه شخص محترم".
وتضيف :" السنوار يفهم إسرائيل بشكل كبير جدا، وعلى نحو ملفت، فهو يتقن العبرية بطلاقة، كتابة وقراءة ومحادثة، ويفهم التركيبة في إسرائيل جيدا".
وتنقل المصادر عن المحقيين معلومات طريفة، تكشف تواضع الرجل، وهي أن السنوار يُتقن إعداد حلوى "الكنافة"، بشكل ملفت.. الكنافة التي كان يعدها السنوار للمعتقلين الفلسطينيين، كانت ذات مذاق جميل، أحبها كل من كان معه في السجن".
الحريّة..والمقاومة
وبعد أن قضى السنوار 23 عاما متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل عام 2011، التي عُرفت باسم "صفقة شاليط"، التي كان السنوار من أبرز معارضيها.
وبموجب الصفقة التي نفذت في 11 أكتوبر2011، أطلقت إسرائيل سراح 1027 معتقلا فلسطينياً مقابل إطلاق "حماس" سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وعقب خروجه من السجن، شارك السنوار في الانتخابات الداخلية لحركة حماس عام 2012، وفاز بعضوية المكتب السياسي للحركة، وتولي مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري "كتائب القسام".
السنوار" على قوائم أمريكا للإرهاب
بعد خروجه من السجن وعودته إلى العمل المقاوم، أدرجت أمريكا السنوار، مع اثنين من قادة حماس و هما "محمد الضيف" القائد العام لكتائب القسام، و"روحي مشتهى" عضو مكتبها السياسي، في لائحة "الإرهابيين الدوليين"، أيلول/سبتمبر عام 2015. ووضعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية السنوار، على قائمة المطلوبين للتصفية في قطاع غزة، حسب وسائل إعلام إسرائيلية. وفي عام 2015، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن حركة حماس عينت السنوار مسؤولا عن ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها.
من الأسير رقم واحد إلى العدو رقم واحد
لم تخفي الأوساط الإسرائيلية خشيتها من وصول السنوار إلى المنصب الجديد، وقد عدّت هذه الأوساط فوزه بمثابة تعزيز لمن أسمتهم بتيار "الصقور"، ومؤشر على احتمال التصعيد العسكري.
وقال آفي سخاروف، محلل الشؤون الفلسطينية في موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، إن الإسرائيليين ينظرون إلى هذا التطور بأنه "انتصار للمعسكر المتطرف في حركة حماس". وأضاف سخاروف:" من المعروف أن السنوار وروحي مشتهى (قيادي في حماس) وآخرين من الأشخاص الأكثر تشددا في حماس".
وأشار إلى أنه بعد أربع سنوات فقط من إطلاق سراحه، تحول يحيى السنوار من الأسير رقم واحد إلى العدو رقم واحد "لإسرائيل" حيث يقود تيار الصقور داخل حماس، كما أنه يدرك الاحتياجات السياسية للذراع العسكري بالإضافة إلى وعيه وإحاطته بكل ما يتعلق "بإسرائيل".
بدوره كتب عاموس هرئيل، المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قائلا إن" انتخاب السنوار يؤشر إلى تعزيز مكانة الصقور والقيادة العسكرية لحركة حماس في غزة ".
وزير دفاع حماس
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقول عنه إنه سيكون حلقة وصل قوية بين جناحي الحركة العسكري والسياسي، نظرا لما يتمتع به من خبرة أمنية ومهارات عسكرية. ووصفته الصحيفة بأنه "وزير دفاع" حماس.
أما موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإخباري الإسرائيلي المستقل، فقال إن انتخاب السنوار كقائد لحركة حماس في غزة، يؤشر إلى صعود الجناح العسكري الذي يتولى الآن السيطرة عن قطاع غزة أكثر من القيادة السياسية.
وأضاف الموقع في مقال نشره:" السنوار يعتبر من الصقور، حتى داخل حماس، ويعارض أي حل وسط في سياسات الحركة تجاه السلطة الفلسطينية وإسرائيل".
وتابع:" حتى في السجن، كان واحدا من المعارضين الرئيسيين لصفقة تبادل شاليط التي شهدت إطلاق سراحه، لأنه كان يرى أن الإفراج عن 1027 معتقلا، مقابل الجندي شاليط، باعتباره استسلاما للشروط الإسرائيلية".
بدوره، قال شاؤول ميشعال، رئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط في المركز التأديبي الدولي (خاص)، : "هذا الرجل يمكن أن يضع إسرائيل على المحك بطريقة لم يفعلها أي من قادة حماس الآخرين من قبل، إنه قد يكون أكثر استعدادا للتحقق من ماهية الخطوط الحمراء الإسرائيلية، وقد يلجأ إلى العنف ".