الوقت- إن حديثنا عن الجرائم الدولية ليس من باب الإيمان بصدقية المحكمة الدولية، أو بأن المؤسسات التي ترعى حقوق الإنسان مستعدةٌ لمعاقبة الجناة أو الدفاع عن الشعوب. لكن لا بد من تسليط الضوء على الجرائم الحاصلة، من باب القيام بالواجب المهني. ولعل إنتهاكات السعودية بحق اليمن ليست بالشيء الجديد. لكن العدوان الهمجي على اليمن، لا يمكن السكوت عنه. ولذلك يمكن إعتبار السعودية مجرمة حربٍ وبإمتياز من الناحية القانونية. كما أن وزير الدفاع السعودي، والذي وصفه الأمير طلال بن عبد العزيز، بالشاب الطائش الحالم بالعرش الملكي، يُعتبر نموذجاً ينطبق عليه صفة مجرم الحرب. فكيف يمكن بيان ذلك من خلال العدوان على اليمن؟
إن المخالفات القانونية التي قام بها الطرف السعودي في ظل قيادة وزير دفاعه الشاب لا يمكن إحصاؤها. فلقد انتهكت السعودية الشرعية الدولية تحت ذريعة حماية الشرعية السياسية الداخلية في اليمن. فالسعودية بدأت بالتدخل العلني عندما طلبت من الأطراف الدولية التحاور على أراضيه، محاولةً بذلك تدويل الأزمة اليمنية. ثم قامت بالتدخل بالشأن اليمني من خلال ضرب الحوار الداخلي ومحاولة زعزعة الإستقرار الذي حققه التحرك الشعبي. ولكن الأهم، لماذا ينطبق وصف مجرم الحرب، على وزير الدفاع السعودي؟
- إن استمرار العدوان السعودي على اليمن، جاء بعد فشله في تحقيق إنجازات عسكرية. لكنه تواصل في حصد الضحايا المدنيين، في وقتٍ ترتفع فيه أصوات المنظمات الإنسانية، الدولية والمحلية، منذ أول أيام العدوان، مسجّلة جرائم حرب وخروقات سعودية عدة للقانون الدولي.
- كانت منظمة العفو الدولية ومنذ بداية العدوان، قد اكتفت بتوجيه الإتهام للسعودية والدول المشاركة في ما يسمى "عاصفة الحزم" بالتجاهل المتعمّد لسقوط ضحايا مدنيين جراء الغارات الجوية التي استهدف مدناً يمنية عدة. مشيرةً حينها أن هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى المدنيين الذين وقعوا في هذه الهجمات يثير بواعث القلق بشأن مدى الإمتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني، مؤكدةً ضرورة قيام السعودية بتجنب المدنيين.
- ومع تصاعد الغارات السعودية على اليمن وتزايد أعداد الضحايا المدنيين، برزت أصوات حقوقية دولية تنادي بمحاكمة المسؤولين السعوديين في المحاكم الدولية، وبدأت كذلك منظمات داخل اليمن بإعداد ملفات حول جرائم المسؤولين السعوديين، والتي تتوافر فيها أركان الجرائم الدولية بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
- إن قيام الغارات الجوية تحديداً باستهداف دورة الحياة في اليمن هو الأمر الذي ينافي قوانين جنيف الدولية. فالإستهداف المتعمد للمستشفيات ومحطات الوقود ومراكظ المؤن والأماكن السكنية، كلها تقع تحت هذا التوصيف الى جانب إمكانية إدراجه تحت ما يسمى جريمة الإبادة الجماعية بحق شعبٍ أعزل. فخلال خمسة عشر يوماً من العدوان مثلاً، قُتل أكثر من 500 مواطن مدني وأصيب أكثر من 1100، معظمهم من النساء والاطفال. كذلك تسبب قصف طائرات العدوان بتدمير البنية التحتية المدنية للدولة، عبر تدمير المطارات المدنية والموانئ البحرية ومحطات الكهرباء ووسائل النقل والجسور والطرقات العامة، وفرض حصار بري وبحري وجوي كامل على خمسة وعشرين مليون يمني، ومنع وصول المساعدات الانسانية والمستلزمات الدوائية والغذائية.
- إن استخدام الأسلحة المحرمة دولياً طغى على العدوان السعودي. فلقد نصت معاهدة جنيف الرابعة على تحريم استخدام عدد من الأسلحة الفتاكة كالغازات السامة أو القنابل العنقودية أو القنابل الحارقة وغيرها من الأسلحة، واعتبرت استخدام مثل هذه الأسلحة من المخالفات الجسيمة أي جرائم الحرب. فمنظمة "هيومن رايتش ووتش" قالت أن لديها أدلة على استخدام السعودية قنابل عنقودية في غاراتها على الأحياء السكنية اليمنية. وهذا ما أكده أطباء يمنيون، بأن السعودية متورطة في استخدام أسلحة محرمة دولياً كالقنابل الجرثومية والعنقودية، مستشهدين على ذلك ببعض الحالات التي تم نقلها إلى المستشفى والتي يمكن أن تتطور إلى حالات أمراض سرطانية في الجلد.
على الرغم من أن السعودية تتحمل بشكل أساسي المسؤولية في عدوانها وجرائمها بحق اليمن، لكن الحصة الأكبر من هذه المسؤولية يتحملها، وزير الدفاع محمد بن سلمان. وهو الذي ذكَّر العالم بجرائم شمعون بيريز بحق الشعب اللبناني والفلسطيني. ولكن السؤال الأبرز في هذا المجال: من سيحاسب السعودية ووزير دفاعها، في الوقت الذي رأينا كيف أن المؤسسات الدولية، لم تحاسب حتى الآن قادة العدو الصهيوني؟ وما هي ردة فعل السعودية، عندما ظهرت بالوجه الإسرائيلي؟ وكيف يمكنها تفسير رأي الشعوب الجديد فيها، بأنها مجرمة حربٍ دولية؟
