الوقت- في هذه الأثناء، احتفلت محافظات شمال اليمن الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ الوطني بقيادة أنصار الله في صنعاء، بالذكرى العاشرة لثورة الـ 21 من سبتمبر، في مقابل تحركات سياسية جديدة على الساحة السياسية، وفي جنوب اليمن وحكومة عدن التي نصبت نفسها بنفسها، والتي تمت من خلال تتبع دور الجهات الأجنبية في هذه التطورات، يمكن القول إنها تخطط لقلب المعادلات الداخلية وحتى بدء موجة جديدة من الأزمات.
واستضافت الإمارات الأسبوع الماضي اجتماعا غير مسبوق بين قادة جماعتين سياسيتين وعسكريتين مهمتين في مجال تطورات جنوب اليمن، شارك فيه طارق صالح، زعيم ما تسمى جماعة "المقاومة الوطنية" وابن شقيق علي عبد الله صالح، دكتاتور اليمن السابق، وعيدروس الزبيدي، زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي.
وحسب ما ورد في الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي، فقد بحث الزبيدي وصالح في هذا اللقاء سبل التعاون والتنسيق المشترك بما يعزز جهود التعامل مع أنصار الله، لكن العديد من المحللين يعتبرون وجود خلافات كثيرة بين هاتين المجموعتين المقربتين من الإمارات غير صحيح ويقولون إن رسالة هذا اللقاء تذهب إلى ما هو أبعد من المحتوى الإعلامي؛ رسائل مثل اشتداد تنافس الجهات الجنوبية لمصلحة السعودية والإمارات ومساعي تفعيل جبهة البحر الأحمر ضد أنصار الله في ظل الأوضاع المتوترة بالمنطقة.
بتجاوز السعودية.. تسعى الإمارات إلى السيطرة الكاملة على الجنوب
إن مرور السعودية والإمارات، كلاعبين أجنبيين مهمين في تطورات الحرب اليمنية خلال العقد الماضي، من مرحلة التعاون والتحالف إلى مرحلة التنافس والخلاف، ومع التغطية الإعلامية لاجتماع قادة مجموعتين مهمتين مقربتين من الإمارات ومن دون مشاركة الممثل الرسمي للمجلس الرئاسي، تمت قراءة هذا الحدث على الفور على خلفية تنافس أبوظبي مع الرياض.
وفي هذا الصدد يقول صلاح السقلدي الصحفي الجنوبي في اليمن: "إن أهداف هذا الاجتماع قد تكون أبعد مما تم الإعلان عنه كتحالف قوى المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح والمجلس الانتقالي بقيادة عيدروس ضد "أنصار الله"، وإن الزبيدي وصالح هما في الأساس جزء من مجلس القيادة الرئاسي ضد "أنصار الله"، لذا فهما لا يحتاجان إلى مثل هذا التنسيق الثنائي".
كما يرى ياسين التميمي، المحلل السياسي اليمني، أن "رئيس المجلس الانتقالي ورئيس مكتب جماعة المقاومة الوطنية يمثلان التنظيمات التي يتم بناؤها في الإمارات ويتم تغذيتها ماليا وعسكريا، والإمارات هي التي تحدد الأهداف والأجندة السياسية بل تحدد الحدود الجغرافية لقواتها في مناطق مختلفة جنوب اليمن، وبالتالي فإن الإمارات تسيطر بشكل كامل على المجلس الانتقالي ومجلس المقاومة، ولا يتحرك أي منهما إلا بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة وبناء على أولويات دولة الإمارات العربية المتحدة".
منذ انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التحالف الذي هاجم اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، حددت السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية الرئيسية كجزء من أهدافها الاستراتيجية في اليمن، وفي هذا الصدد، دعمت القوى الانفصالية في الجنوب في شكل المجلس الانتقالي الجنوبي، وحتى الآن، لا يزال هذا هدفاً استراتيجياً يوجه سياسات الإمارات تجاه التطورات في الجنوب، ويبدو أن الاصطفاف التدريجي للقوى المثيرة للقلق مع أهداف وخطط المجلس الانتقالي في الفسيفساء السياسية لجنوب اليمن، باعتبار ثقل قوى المقاومة الوطنية في الساحل الغربي وشخصيتها القيادية مثل طارق صالح وموقعها العرقي والسياسي في بعض المناطق الشمالية كان على رأس أهداف اجتماع أبو ظبي.
كلا الطرفين (طارق والزبيدي) مثلهما مثل الدعم الخارجي، يعارضان عملية المصالحة والسلام الحالية بين المملكة العربية السعودية وأنصار الله ويريان نفسيهما مهمشين في هذه الساحة، وخلال مفاوضات مسقط وما بعدها، لم يكن لأي من هذه الجماعات أي دور في المفاوضات بين أنصار الله والرياض، وبالتالي لديهم مخاوف جدية من التضحية بمصالحهم في مستقبل اليمن في هذه العملية، وحتى المجلس الانتقالي ليس لديه مصلحة في الالتزام والاستسلام للمجلس الرئاسي المدعوم من السعودية ويستمر في التعاون مع هذا المجلس على أساس النفعية قصيرة المدى واستخدامه كأداة مؤقتة لتجنب الضغوط الخارجية.
وفي الأشهر الأخيرة، واجه المجلس الانتقالي، في طريق توسيع سلطته في كامل المحافظات الجنوبية وبسط سيطرته العسكرية الكاملة على هذه المناطق لتحقيق الحلم الذي طال انتظاره بتشكيل دولة مستقلة في جنوب اليمن، حاجز التعددية والإرادة السياسية للسعوديين في محافظة حضرموت الاستراتيجية، حيث قام السعوديون بإنشاء وتنظيم وتجهيز قواتهم الأمنية الخاصة تحت مسمى قوات الدرع الوطني، ويأتي هذا الإجراء بهدف الحد من نفوذ الإمارات والحد من سلطة المجلس الانتقالي في جنوب اليمن، والآن أصبحت السيطرة على محافظة حضرموت الغنية بالنفط، مركز القدر في تحديد مسار التطورات في الجنوب والتنافس على النفوذ بين السعودية والإمارات.
ومؤخراً، قال نائب رئيس صحيفة عكاظ للمجلس الانتقالي، بسخرية: إن قضية حضرموت قد حسمت، ما يعني أنه لا علاقة لكم بحضرموت وأن حضرموت أصبحت تحت سيطرة السعوديين".
ومن ناحية أخرى، يحرض السعوديون أيضا قبائل حضرموت ضد حكم قوات المجلس الانتقالي، وحسب مصادر إعلامية بينها بلقيس نيوز، فإن ساحل حضرموت شهد الأسبوع الماضي اجتماعا لزعماء قبائل حضرموت الشهيرة، أراد خلاله هؤلاء القادة السيطرة الأمنية والعسكرية الكاملة على هذه المحافظة، ولذلك فإن رسالة هذا اللقاء، ليس استعادة تحالف القوى في الجنوب، وإنما هي رسالة توسيع الفجوات في المجلس الرئاسي والميليشيات التابعة لدولة الإمارات لإظهار أنه لا مكان للوحدة.
حرب غزة واللامركزية الأمنية لأنصار الله
ولكن بالإضافة إلى التطورات الداخلية ذات الصلة، فإن لعب الأدوار الخارجية لجمع القوات المناهضة لأنصار الله وتشجيعها على إعادة بناء التحالف العسكري ضد صنعاء لا يمكن أن يتم دون الأخذ في الاعتبار التطورات الإقليمية المتوترة في ظروف حرب غزة والدور المؤثر والموقع الجيوسياسي لليمن في هذه الساحة، ويأتي هذا اللقاء على وجه الخصوص بعد يوم من دعوة السفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن، المنظمات اليمنية المتحالفة مع المجلس الرئاسي في عدن إلى وضع خلافاتها جانبا والتوحد لمواجهة ما وصفها بالتحديات حتى أن بعض وسائل الإعلام المحلية تحدثت عن مقترح تشكيل غرفة عمليات واحدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية.
إن دعوة السفير الأمريكي للتحالف ضد أنصار الله أدت بالفعل إلى فشل فاضح على الصعيد الخارجي، حيث إن التحالف العسكري المعروف باسم "حارس الرفاه" كانت مهمته الواضحة هي الحفاظ على سلامة الشحن في البحر الأحمر والهدف الرئيسي له تقديم الدعم الأمني لأسطول التجارة البحرية التابع للكيان الصهيوني ضد هجمات أنصار الله، إلا أنه أولاً، لم يلق ترحيباً من قبل العديد من الدول، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، وثانياً، اقتصر هذا التحالف البحري على الولايات المتحدة وبعض حلفائها الغربيين، وبعد عدة أشهر من النشاط وقصف البنية التحتية اليمنية، في مواجهة القوة الهجومية، منيت البحرية الأمريكية بهزيمة ثقيلة واضطرت أمريكا إلى سحب حاملة طائراتها من البحر الأحمر.
ولذلك، فبينما رفضت السعودية وجميع الدول الخليجية باستثناء البحرين الانضمام إلى التحالف الأمريكي في البحر الأحمر، تحاول واشنطن الآن، بالتنسيق مع الإمارات، إنشاء جبهة عسكرية جديدة ضد أنصار الله وأخذ التركيز العسكري لصنعاء على عاتقها.