الوقت – قالت مجلة فورين أفيرز الأمريكية في تحليل للكاتب "آلوف بن" ان الكيان الاسرائيلي الذي كان يصوره البعض بأنه كيان علماني ومتطور قد انتهى صيته وانه يشهد تغييرات دراماتيكية منذ انتخابات عام 2015 حيث تحول زعماؤه الذين يقودهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أشخاص محافظين الى يمينيين متطرفين يفسرون الديمقراطية بأنها حكم الأكثرية التي لا تأبه بالأقليات.
ويضيف الكاتب: ان هؤلاء يعتقدون بان اليهود وحدهم هم من يحق لهم التمتع بالحقوق بشكل كامل وان الأقليات يجب التعامل معهم بسوء الظن، وقد اظهر استطلاع اجرته مؤسسة بي يو في شهر مارس ان 79 بالمئة من اليهود الاسرائيليين هم من أصحاب هذا الرأي.
ومن جهة أخرى يرفض الكيان الاسرائيلي حل الدولتين ويؤكد على أبدية احتلال وضم القدس الشرقية والضفة الغربية، ويوبّخ المسؤولون الاسرائيليون الجماعات الحقوقية والأقليات المعترضة كما تسعى الحكومة الاسرائيلية الى وضع قوانين للحد من نشاط هذه الجماعات فيما وصلت العلاقات بين العرب واليهود الى ادنى مستوياتها.
ويؤكد هذا المحلل ان نتنياهو قد صعد نجمه في مثل هذه الظروف والأحوال فهو يسعى في الأساس الى تبديل السنن والتقاليد الاسرائيلية بأفكاره وفلسفته الشخصية.
ويضيف "آلوف بن" ان نتنياهو يحلم بتحقيق أحلام مناحيم بيغن المتطرفة وهو معارض لإتفاقية أوسلو ولديه نظرة سلبية تجاه العرب والمسلمين ويعتبر النزاع بين العرب والكيان الاسرائيلي نزاعا دائميا يمكن ادارته ولايمكن حله، كما لايراهن نتنياهو على الدعم الغربي ويريد الاستيلاء على السلطة بأي شكل كان.
ويتابع الكاتب: ان نتنياهو الذي كان في السابق ايضا رئيسا للوزراء، هزم في انتخابات مايو عام 1999 وقد صرف عقدا من عمره بعد ذلك للعودة مجددا الى السلطة وقد حصل هذا الأمر في مارس عام 2009، وبعد ذلك حصلت الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا والبحرين وغيرها وتأزمت الاوضاع في سوريا وقد استفاد الكيان الاسرائيلي من ذلك كثيرا وفي المقابل توجهت دول عربية مثل السعودية بسرعة اكبر نحو التطبيع مع تل أبيب.
ان نتنياهو وبعد الانتخابات المبكرة الاخيرة في الكيان الاسرائيلي في عام 2015 نجح في تشكيل حكومة يمينية متطرفة بالكامل وحقق حلمه لكنه الان يواجه الانتفاضة الثالثة للفلسطينيين والتي تعتبر أكبر تحدٍ أمامه.
ويقول المحلل "آلوف بن" ان نتنياهو الذي نجح في البقاء رئيسا للوزراء لأطول فترة في الكيان الاسرائيلي بعد بن غوريون، يبرع في تقريب سياساته من الراي العام الاسرائيلي فعلى سبيل المثال اقترب من المعتدلين في عام 2009 لكن الان وبعد ظهور الميول اليمينية في المجتمع الاسرائيلي عاد نتنياهو الى افكاره القديمة، كما يستفيد نتنياهو من عدم وجود منافس قوي له على منصب رئاسة الوزراء.
وتابع المحلل "آلوف بن" ان كل ما ذكره في تحليله لايعني ان نتنياهو هو شخصية يستحيل إلحاق الهزيمة به بل ان هناك استطلاعاً اجرته صحيفة هارتس اظهر بأنه في حال اجراء انتخابات في الوقت الراهن فإن بامكان تحالف اشكنازي وكاهلون وسار التغلب على حزب الليكود لكن الحقيقة هي ان الكيان الاسرائيلي لن يشهد انتخابات حتى عام 2019 ويمكن لنتنياهو ان يواصل مناوراته حتى ذلك التاريخ وهو يسعى الان الى جذب الأحزاب اليمينية الصغيرة نحو التحالف مع الليكود.
وختم هذا الكاتب تحليله بالقول: بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الاسرائيلية القادمة فإن تل أبيب قد نفذ صبرها الآن اكثر من اي وقت مضى فمفاوضات التسوية مع الفلسطينيين أصبحت مهمشة وهناك تحديات كبيرة تهدد الكيان الاسرائيلي فعلاقات العرب مع اليهود قد ساءت الى درجة يصعب لأي شخص ترميهما على المدى القريب كما ان العلاقات الامريكية الاسرائيلية قد ساءت ايضا ولذلك لايمكن الجزم بأن رئيس الوزراء الاسرائيلي القادم أو الرئيس الأمريكي القادم يمكنهما معالجة هذه الأوضاع المتردية.