الوقت - نشر معهد "أمريكان إينتر برايز" للدراسات والبحوث مقالاً بقلم المفكر والكاتب الأمريكي "مايكل روبن" تناول فيه تطورات الأوضاع في تركيا.
وأعرب روبن في هذا المقال عن اعتقاده بأن تركيا باتت منقسمة فعلياً، لكن لم يتحدد بعد ما إذا كان الأكراد في هذا البلد سيؤسسون كياناً مستقلاً أم سيشكلون اتحاداً فيدرالياً داخل تركيا.
ويرى هذا المحلل الأمريكي المخضرم والذي توقع حصول انقلاب الخامس عشر من يوليو/تموز الماضي قبل حدوثه في تركيا، أن المرحلة النفسية لعملية تقسيم تركيا قد اكتملت، وأن التاريخ سيذكر الرئيس الحالي "رجب طيب أردوغان" بالرجل السيء الذي حطّم بلاده بسبب غطرسته وكبريائه، حسب وصفه.
وقال روبن إنّ أردوغان يمارس عملية دموية ومهينة ضد الأكراد في تركيا، مشيراً إلى أنه كان قد كسب الكثير من أصواتهم في الانتخابات التي خطط لإجرائها من أجل النظام الرئاسي، غير أنه نسي الوعود التي قطعها على نفسه عندما لم يعد بحاجة إلى هذه الأصوات، واصفاً إيّاه بأنه لم يكن صادقاً في إيمانه بعملية السلام، على حد قوله.
وأشار روبن إلى أنه لم ينقضِ وقت طويل ليكتشف أردوغان أن الأكراد يمنحون أصواتهم لحزب "الشعوب الديمقراطي" الذي يتزعمه "صلاح الدين دميرطاش"، ما حمله على تبني سياسة تدميرية ضد المدن الكردية مثل جزرة وسلوبي ونصيبين في مسعىً منه لتجفيف منابع قوة الأكراد.
ولفت روبن في مقاله أيضاً إلى أن تجربة العنف التي مارسها أردوغان في أعقاب "مباحثات السلام" والتي أعادت إلى الأذهان ما حصل في ثمانينات القرن الماضي، قد دفعت الأكراد إلى التخلي عن فكرة المستقبل المشترك مع الأتراك، معرباً عن اعتقاده بأن الأكراد ليسوا وحدهم من غيّر عقليته ورؤيته في هذا الصدد.
وتابع المحلل الأمريكي مقاله بالقول بأن أردوغان بات ينظر إلى نفسه على أنه يمتلك سلطة تزداد قوة بمرور الوقت وبإمكانه توظيف الإعلام لممارسة الضغط على الشعب بشكل عام والأكراد بشكل خاص ومعاقبتهم بطرق غير مسبوقة.
وقال روبن إنّ الجيل الجديد من الأتراك بات ينظر إلى الأكراد على أنهم غرباء وإنْ لم يعاملهم كأعداء، مشيراً في هذا الخصوص إلى أن غالبية الأتراك الذين يعيشون النمط الغربي لم يسافروا إلى منطقة جنوب شرق البلاد، وفي مقابل ذلك لم ترَ الغالبية العظمى من الأكراد مدن أنطاليا وبورصا وإزمير.
ويرى روبن إنّ تركيا تمر الآن بمرحلة انقسام بالمعنى النفسي، وأن أردوغان نفسه قد أدرك في مرحلة ما أن الانقسام بات حتمياً، وبإمكان الجميع إدراك هذا المعنى من خلال رؤية الحرمان الذي تعاني منه المناطق الكردية نتيجة السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي ينتهجها أردوغان في هذه المناطق.
ويعتقد الخبير الأمريكي أيضاً بأن الانقسام النفسي لدى الأكراد يحول دون ما أسماه التراجع عن تطهير جماعي في المناطق الشرقية، فضلاً عن أنهم اكتسبوا تجربة مسلّحة وحربية خلال السنوات الماضية.
وأردف بأنه يجب على الأتراك أن يواجهوا حقيقة أن بلادهم باتت منقسمة وأن حدودها ستتغير عمّا قريب، وأن المسألة الوحيدة في الوقت الراهن هي أنه لم يتحدد بعدُ ما إذا كان هذا الانقسام سيسفر عن كيانين منفصلين أم أن الأكراد سيؤسسون اتحاداً فيدرالياً داخل تركيا، على حد قوله.
واختتم روبن مقاله بالقول: "من الممكن أن يكون أردوغان ينظر إلى نفسه على أنه قائد عظيم ويعد نفسه أتاتوركاً جديداً، غير أن أتاتورك أسس "تركيا الحديثة"، في حين لم يفعل أردوغان شيئاً سوى تدميرها، معرباً عن اعتقاده بأن التاريخ لن يذكر أردوغان على أنه بطل؛ بل سيذكره على أنه الرجل السيء الذي حطّم بلاده بسبب غطرسته"، بحسب وصفه.
وتجدر الإشارة إلى أن قوات الأمن التركية اعتقلت مؤخراً أكثر من 100 من عناصر حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بينهم رؤساء فروع للحزب، وذلك للاشتباه بصلتهم بمسلحي حزب العمال الكردستاني الذي أعلنت جماعة كردية مقربة منه مسؤوليتها عن تفجير إسطنبول الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى قبل أيام.
وذكرت مصادر أمنية أنّ هذه الاعتقالات قد نفذت في أنقرة وإسطنبول وأضنة ومرسين، في إطار التحقيقات بالادعاءات بدعم أعضاء من حزب الشعوب الديمقراطي لنشاطات حزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية في تركيا.