الوقت - الموضوع الذي نحن بصدد طرحه نابع عن تحليل للعمليات الميدانية والإنتصارات التي تم تحقيقها "خطوة خطوة" في ساحات المعارك بالموصل والرقة ومدينة حلب التاريخية.
الإنتصارات التي حققتها جبهة المقاومة في الموصل، الرقة وحلب تَعدُ بأيام مشرقة للمنطقة، لاسيما وأن العديد من الجهات الدولية والمحلية لم تولّيها أية أهمية.
وبعد أربعة أعوام من دخول الإرهابيين الى سوريا والعراق وبعد الدعم المطلق الذي قُدّم لهم على أطباق عبرية وعربية وتركية، توهّمت الجهات الموالية للهيمنة الغربية بنوع من الغرور الكاذب والأعمى بأن ماحصل كان ردة فعل لإغفال متطلبات شعوب تلك الدولتين.
إلا أن الإنجازات التي حققها الحشد الشعبي العراقي في معارك الموصل والقوّة التي انبثقت عن الدفاع الوطني والجيش السوري على محور المعارك في حلب علاوة على محاصرة الرقة لتمهيد تحريرها غيّرت معادلات المنطقة لتصبح معقدة الى درجة كبيرة.
والسؤال هو، ماهي نتيجة هذه العملية في التطورات الميدانية؟ وماهي أهمية انتصارات محور المقاومة في المعارك الحالية؟ والأهم من كل ماورد هو، كيف ستكون التركيبة السياسية لمحور المقاومة والمحور المتعاون مع الإسرائيليين في العام 2017؟
تحليل الأحداث كالتالي
حلب.. المدينة ذات الأهمية القصوى والتي انهارت على أبواب قلعتها أحلام الفصائل المسلحة المعارضة للرئيس الأسد، لاسيما وأنها دمرت صروح الخيال التي بناها كل من اردوغان وحكّام السعودية في رؤوسهم.
ولن ننسى المساعي الحثيثة التي بذلها كل من سلطان تركيا وملك السعودية من خلال دسّ آلاف الارهابيين في سوريا والعراق، ومن أجل قلب الموازين لصالح قوات المعارضة المسلحة.
مدينة الشهباء أكبر مدن الشمال السوري لها مكانتها على خريطة التراث الثقافي التاريخي لسوريا. وعلى الرغم من أن انتصارات مسلحي المعارضة فيها كانت سريعة للغاية إلا أنها كانت تفتقد للتنظيم والتخطيط. حتى أن هذه المجموعات كما رأينا لم تتمكن من تحقيق أي إنجاز عمراني يذكر على الأرض، ناهيك عن عجزها على إدارة المناطق التي سيطرت عليها في مدينة حلب على مدار الأربعة أعوام الماضية. هذا من جهة ومن جهة أخرى لابد من التذكير بحقيقة التأييد الشعبي الكبير في حلب لمحور المقاومة بعد بدء الأزمة في سوريا وقبلها. لتكون النتيجة بأن يقرّر المسلحون الفرار من المدينة بعد الرفض المحلي الذي تعرضوا له.
الرقة.. عاصمة داعش الإرهابي في سوريا ومقرّ تنظيم الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي، وهي من أكثر المدن الاستراتيجية بين حدود سوريا والعراق وصلة الوصل بين إرهابيي التنظيم بين البلدين المنهكين.
ومن الناحية الاستراتيجية تنال الرقة أهمية خاصة، لاسيما وأنها تجاور ثلاث محافظات هامة "دير الزور" و"الحسكة" و"حلب"، والإنتصارات التي حققها الجيش السوري في شرق حلب والأكراد في شمالها ستحدّ من نشاطات التنظيم الارهابي في سوريا، ناهيك عن التفوق الميداني للقوات الكردية السورية الموالية للرئيس السوري بشار الاسد في مدينة الحسكة، حيث سنشهد في الأسابيع المقبلة تقدما نوعيا لجيش سوريا الديمقراطية المكون من 30000 كردي و13000 عربي نحو الرقة ومن الممكن أن تتمكن هذه القوات من استعادة المحافظة بالكامل من أيدي تنظيم داعش. ولكن لابد من التنويه الى أوضاع المدنيين في الرقة والتي يقطنها حاليا حوالي 230 ألف سوري، حيث أن التنظيم سيستغل وجودهم ليصنع منهم دروعا بشرية تحول دون تمكن القوات الكردية والسورية من تحرير المدينة بشكل أسرع.
الموصل.. مدينة الموصل على غرار مدينة حلب التاريخية وكما مدينة الرقة الاستراتيجية إحدى مقرات داعش الارهابي. وعانت من ويلات إرهاب عناصر التنظيم عدة سنوات، إلا أن الأمور اختلفت في الوقت الراهن حيث طوّقت قوات البيشمركة الكردية التنظيم على محور "شنكال وخارز وغوير وبعشيقة وسهل نينوى أيضا" في حين حاصرت القوات العراقية إرهابيي التنظيم على محور "القيارة وطريق موصلاتي تلعفر".
وأما قوات الحشد الشعبي فهي تتأهب لدخول مركز المدينة لتحريرها، لاسيما بعد أن تم منحها صفة قانونية رسمية كقوة عراقية وطنية. وعلى الرغم من أن التفجيرات الإنتحارية والألغام المزروعة الطريقة التي يتبعها تنظيم داعش الإرهابي تبطئ عملية تقدم تلك القوات نحو الموصل، إلا أن المعارضين لتنظيم داعش داخل الموصل سيكون لهم دور كبير في حل لغز هذه المدينة وليتحقق في نهاية المطاف النصر الأخير المتمثل بعودة الموصل لوطنها الأم العراق.