الوقت- بعد اكثر من ثلاثين عاماً من الحصار الجائر على الجمهورية الاسلامية الايرانية نجحت ايران في انتزاع حقوقها من براثم المجتمع الدولي ليصار الى الاعتراف بها كدولة نووية جدية وسط اتفاق رأى فيه المراقبون انتصاراً للشعب الايراني الذي تنازل عن ما لا يملك وما لا يريد أن يمتلكه (القنبلة النووية ) وحصل على ما يريده من حقوق .
اذاً بعد مفاوضات ماراثونية بدأت منذ أكثر من سنة كان اخرها جولة المفاوضات في مدينة لوزان السويسرية تمكنت ايران من تحقيق ما تريد وتوصلت مع الدول الست الى بيان مشترك يكتمل إنجازه في نهاية حزيران ويتضمن تفاهماً وحلولاً يتضمن حقوقها فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني، بينما كان الخوف والقلق سيد الموقف في الكيان الاسرائيلي الذي اعتبر رئيس وزرائه ان الاتفاق يهدد مصير كيانه .
وبعد مؤتمر صحفي جمعه بمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فريدريكا موغيريني، قال محمد جواد ظريف وزير الخارجية الايراني :" سنبدأ بصياغة مسودة الاتفاق عبر السبل التي توصلنا اليها، مؤكداً ان الاتحاد الاوروبي وأمريكا ايضا سينهون جميع الحظر المفروض على ايران" .وأضاف أن طهران ستشارك في الانشطة النووية والبحوث العلمية .
من جانبه، أكدت موغيريني : "صدور قرار اممي لإلغاء كل الحظر المفروض على ايران"، وأشارت موغريني الى ان طهران ستتعاون في مجال الطاقة النووية السلمية .
وفي ردود الافعال، وصف الرئيس الامريكي البيان المشترك بين ايران والدول الست في لوزان، بالتاريخي، وقال: "لقد توصلت الولايات المتحدة مع حلفائها وشركائها مع ايران الى بيان مشترك يتضمن تفاهما بما يخص البرنامج النووي لطهران، وهو تفاهم تاريخي. لقد واصلنا المفاوضات لنرى ما اذا كان من الممكن التوصل الى اتفاق اكبر ".
وأوضح أوباما: أقول للشعب الإيراني نحن مستعدون للعمل معكم على اساس الاحترام المتبادل، مؤكداً أن المجتمع الدولي سيرفع الحظر عن ايران فور الالتزام به، ويعيد تأكيد صوابية سلوك المسار الدبلوماسي لحل النووي الايراني، وحذر أوباما الكونغرس من رفض الاتفاق لأن أمريكا ستلام على فشل الدبلوماسية. وقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري: إن الجانب الايراني وفى بالتزاماته حتى الآن، مجدداً التأكيد على أن الدبلوماسية كانت ضروريةً للحيلولة دون وقوع حرب، بحسب تعبيره .
الى ذلك أشادت الخارجية الروسية بالاتفاق، معتبرة انه يشكل اعترافا بالحق "غير المشروط" لايران في تطوير برنامج نووي مدني، الذي عبر عنه الرئيس فلاديمير بوتين. من جهته رحب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بنتائج مفاوضات لوزان، وأشار الى انها تعزز السلام والاستقرار في المنطقة .
الكيان الاسرائيلي يعتبر الاتفاق تهديداً لوجوده
الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 كان حاضراً بشدة داخل الساحة السياسية للكيان الاسرائيلي واشتعل الإعلام الصهيوني ليلة الخميس لتحليل التداعيات الناجمة عن الاتفاق وكان الرد الرسمي حاضراً حيث اعتبر رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو أن اتفاق لوزان بين ايران والدول الست يمهد الطريق أمام طهران لحيازة قنبلة نووية مما يشكل خطراً على كيانه .
ووفق بيان صادر عن مكتب نتنياهو فإن رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي أبدى خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الامريكي بارك أوباما معارضة شديدة لاتفاق الإطار مع إيران واعتبره "خطراً شديداً على إسرائيل والمنطقة والعالم ".
واعتبر نتنياهو أن "الاتفاق يمنح البرنامج النووي الإيراني الشرعية، ويعزز الاقتصاد الإيراني، ويزيد من "عداء وإرهاب إيران في الشرق الأوسط وخارجه"، وأن مثل هذا الاتفاق لن يقف أمام إيران، بل يمهد لها الطريق للوصول إلى القنبلة النووية" على حد قوله .
حيث فشلت محاولة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تنفيس الغضب لدى الكيان الإسرائيلي جراء الاتفاق النووي في لوزان. فالمحادثة الهاتفية التي أجراها مع رئيس حكومة هذا الكيان بنيامين نتنياهو بمجرد الإعلان عن الاتفاق لطمأنته وصفتها صحيفة "هآرتس" بـ"القاسية ".
ونقلت الصحيفة الاسرائيلية ذاتها عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم إن: "الحديث يدور عن خطأ تاريخي، وإطار سيء سيؤدي إلى اتفاق سيء وخطير". وهاجموا المسؤولون الإسرائيليون أمريكا والدول العظمى، ووصفوا الصفقة التي تم التوصل إليها مع إيران بأنها "تراجع أمام الإملاءات الإيرانية ".ورأى هؤلاء أن البديل لـ"الاتفاق السيء" الذي تم التوصل إليه ليس الحرب، وإنما " اتفاق آخر يفكك البنى التحتية للبرنامج النووي الإيراني، ويطالبها بوقف عدوانها وإرهابها في المنطقة والعالم" على حد تعبيرهم .
الى ذلك اكد زعيما "المعسكر الصهيوني" إسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني على ضرورة تعامل الاحتلال الوثيق مع الدول الكبرى وفي مقدمتها أمريكا لإعادة البرنامج النووي الإيراني إلى الخلف للحيلولة دون حصول طهران على السلاح النووي. وجاء في بيان صادر عنهما أنه "يجب ترميم التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة باعتباره أهم آلية لحماية المصالح الأمنية الإسرائيلية". كما قال أوفير غندلمان، المتحدث باسم رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، إن بنيامين نتنياهو تحدث مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعبر في محادثتهما عن رفض هذا الكيان الشديد لاتفاق الإطار مع إيران، الذي يشكل خطراً كبيراً على إسرائيل والمنطقة والعالم، على حد قوله .
وأضاف "هذه الصفقة ستمنح المشروع النووي الإيراني الشرعية وستعزز الاقتصاد الإيراني كما هي ستعزز العدوان والإرهاب اللذين تمارسهما إيران في كل أنحاء المنطقة وخارجها ."
ولم يكن موضوع الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 بعيداً عن طاولة البحث داخل حكومة الكيان الاسرائيلي حيث ينتظر أن يعقد المجلس الوزاري المصغر في الكيان اجتماعاً لبحث تداعيات الاتفاق النووي بين إيران والغرب .
وفي سياق متصل نقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي القول إن اطار الاتفاق الذي أعلن يرقى إلى أن يكون "رضوخاً" للمطالب الإيرانية .وقد انتقد وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلية يوفال شتاينتس، بشدة هذا الاتفاق، واعتبر شتاينتس الاتفاق "سيئاً" قائلا: إنه يأتي استمراراً للاتفاق المرحلي "السيء" السابق وقد يكون مقدمة للاتفاق الدائم "السيء"، مشيراً إلى احتفاظ إيران بالبنى التحتية الخاصة بمشروعها النووي وفق شهادة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نفسه .كما انتقد نائب وزير الخارجية الإسرائيلي تساحي هنيغبي، أيضاً الاتفاق مع إيران قائلاً إن الدول الكبرى كانت "متلهفة" لإنجاز الاتفاق مما أفسح لطهران مجالاً واسعاً لإملاء شروطها؛ حسب تعبيره .
أهم بنود الاتفاق
ونص البيان المشترك في بنوده على استمرار التخصيب داخل ايران، وبناء عليه ستكون طهران قادرة وفقا للنص علي مواصلة الإنتاج الصناعي للوقود النووي لتوفير الوقود للمحطات النووية .وبناء على الحلول الحاصلة، فان الفترة الزمنية لخطة العمل المشترك الشامل بشأن برنامج التخصيب الايراني ستكون عشرة اعوام، وخلال هذه الفترة ستواصل اكثر من 5 آلاف جهاز للطرد المركزي في نطنز عملية إنتاج المواد المخصبة في مستوى 3.67 بالمائة .
اما فيما يتعلق بالحظر على ايران فتلغى فورا جميع قرارات مجلس الأمن الدولي وإجراءات الحظر الأوروبية والأمريكية الاقتصادية والمالية والمصرفية والتأمين والاستثمار والخدمات المرتبطة بها في النفط والغاز والبيتروكيمياويات وصناعة السيارات. وتلغى إجراءات الحظر على الأشخاص الحقيقيين والحقوقيين والمؤسسات والقطاعات الحكومية والخاصة ومنها البنك المركزي وجميع المؤسسات المالية والمصرفية والملاحة البحرية والجوية .وتتعهد دول مجموعة 5+1 بالامتناع عن فرض أي إجراءات جديدة .