الوقت - يخطط رئيس وزراء كيان الاحتلال الصهيوني لزيارة العاصمة الأذربيجانية، باكو، ومن أهداف هذه الزيارة ضرب مسار العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجارتها الأذربيجانية.
ووفقا لما نشرته وسائل الاعلام الأذربيجانية، فإن زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني تستغرق يوما واحدا بعد أن وصل الى باكو يوم الثلاثاء 13 ديسمبر، وكان نتنياهو قد زار أذربيجان سابقا في عام 1997، وكانت زيارة في حينها سرية تقريبا ولم ترافقها أية دعاية اعلامية، والتقى نتنياهو عندها الرئيس الأذربيجاني الراحل، حيدر علييف، ليلا. ولكن حاليا بعد أقل من عقد قام اعلام الكيان الصهيوني والاعلام الأذربيجاني هذه المرة بالاعلان مسبقا عن هذه المترقبة. وعلى الرغم من أن هذه الزيارة ستتم ولا يمكن الاعتراض على قرار المسؤولين الأذربيجانيين في هذا الصدد، ولكن بالنظر الى طبيعة كيان الاحتلال الصهيوني العدوانية وغير الشرعية، نقف عند النقاط التالية:
أولا) إن هذه الزيارة تتم في الوقت الذي شهدت فيه العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية الأذربيجانية تطورا لافتا خلال عهد حكومة الرئيس روحاني، وتم حل الكثير من الملفات المختلف عليها. ومن المؤكد أن الكيان الصهيوني لم ولن يرحب بهذا المسار للعلاقات بين البلدين، ونقول بثقة أن من الأهداف الرئيسية لزيارة نتنياهو الى باكو، ضرب مسار تطور العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية الأذربيجانية.
ثانيا) يبدو أن المسؤولين الأذربيجانيين يبررون العلاقات التي أقيمت مع الكيان الصهيوني في عام 1992 وتطورت على مدى السنوات الماضية بالأمور التالية: 1- الاستفادة من لوبي اليهود في أمريكا من أجل مواجهة لوبي الأرمن هناك؛ 2- الاستفادة من القدرات العسكرية التي يتمتع بها الكيان الصهيوني (صفقات السلاح والحصول على الاستشارات العسكرية من الكيان الصهوني) من اجل تحرير قره باغ والمناطق المحيطة بها من الاحتلال الأرمني و 3- مواجهة التهديدات المحدقة باستقلال أذربيجان وما يُسمى بالتهديد الإيراني.
فيما يتعلق بالنقطة الأولى، فإن وعي المسؤولين الأذربيجانيين ويقظتهم هي ما قد يحول دون ابتلاعهم طعم الكيان الصهيوني، فلا يضحوا بالعلاقات الودية والأخوية بين إيران الإسلامية وبلادهم. إن المسؤولين الأذربيجانيين يجب أن يكونوا قد فهموا ومنذ استقلال أذربيجان وخاصة خلال عهد حكومة الرئيس روحاني، أن الجمهوية الإسلامية الإيرانية دائما ما تتمنى الرخاء والتقدم لجارتها الشمالية الغربية. ويعلم هؤلاء المسؤولون جيدا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقفت الى جانبهم من جميع النواحي وخاصة في المراحل الصعبة (بصورة خاصة خلال الأزمات التي تلت استقلال أذربيجان وحرب قره باغ) بالإضافة الى المساعدات الوفيرة التي قدمتها الجمهورية الإسلامية للشعب الأذربيجاني. ومن المناسب أن يلتفت المسؤولون في أذربيجان الى القواسم المشتركة بين الشعبين، التاريخية، الثقافية والدينية، وإن أذربيجان لها حدود جغرافية مشتركة مع إيران ومن غير المنطقي أن تضحي بعلاقاتها مع إيران من أجل كيان غير شرعي تم تأسيسه بالاحتلال ولا يرتبط بها جغرافيا من قريب ولا من بعيد.
أما النقطة الثانية فيمكننا القول أن من المهازل التاريخية الكبرى أن الجمهورية الأذربيجانية تعتمد على الكيان الصهيوني المحتل والمبني على الاحتلال، من اجل تحرير أراضيها المحتلة. إن مسؤولي باكو وشعبها قد ذاقوا طعم الاحتلال المر، وقد واجهوه على مدى سنوات وشهدوا تشرد مواطني قره باغ والمناطق المحيطة بها والمشاكل الكبيرة التي يعاني منها المواطنون هناك، وبعد كل ذلك بدلا من خوض غمار الكفاح والانضمام الى مجموعة مقاومي الاحتلال الصهيوني للقدس، ورفض جميع أنواع الاحتلال، نجدهم يتوقعون الحصول على مساعدة من كيان الاحتلال لتحرير أراضي الجمهورية الأذربيجانية من جور الاحتلال. وتجدر الإشارة الى أن ما يُسمى بالخطر الإيراني هو من بُدع الكيان الصهيوني الذي لا يرحب بعلاقات ودية ووثيقة بين الشعبين المسلمين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية أذربيجان.
وعلى الصعيد الآخر إذا كان المسؤولون الأذربيجانيون يرون أن العلاقات مع الكيان الصهيوني ملف منفصل عن العلاقات مع إيران، وإن لكل من الملفين أبعاده الخاصة، فإننا يجب أن نقول أن هذه محض أمانٍ مطلقة. قد ترى الجمهورية الأذربيجانية أن الملفين منفصلان عن أحدهما الآخر ولكن يبدو أن تقارب الكيان الصهيوني مع جمهورية أذربيجان لا يهدف سوى الى استغلال هذا الأمر ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ولاثبات هذا الأمر نكتفي بذكر مثالين فقط: 1- استخدام الكيان الصهيوني الأراضي الأذربيجانية لارسال الارهابيين بهدف اغتيال العلماء النووين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ 2- اطلاق الكيان الإسرائيلي طائرة تجسس من الأراضي الأذربيجانية ودخولها المجال الجوي الإيراني حيث تم اسقاطها بالقرب من نطنز وتم كشف ذلك اعلاميا.
الملاحظة الأخيرة هي أن المسؤولين الأذربيجانيين انتقدوا العلاقات الإيرانية الأرمينية واعتبروا انها تقابل العلاقات بين بلادهم والكيان الصهيوني وانتقدوا إيران لعدم تقديمها المساعدة من أجل تحرير قره باغ؛ في هذا المجال تجدر الإشارة الى أنه: أولا؛ إن لإيران وباقي دول المنطقة علاقات جوار مع أرمينيا، وإن هذه العلاقات لم تكن موجهة ضد الجمهورية الأذربيجانية أبدا، حتى أن إيران لم تسمح أبدا للمسؤولين الأرمن بانتقاد أذربيجان خلال زياراتهم لإيران؛ فيما يحرص مسؤولو الكيان الصهيوني على اطلاق اتهامات واهية ضد إيران خلال زياراتهم لباكو. ثانيا عندما تختار حكومة أذربيجان مجموعة مينسك الضعيفة (تابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي) من أجل التوسط وحل ازمة قره باغ، فيجلس الرئيس الأذربيجاني ووزير خارجيته مع نظيرهما الأرمينيين الى طاولة حوار مستديرة باعتبرهم ممثلين عن بلادهما، فإن إيران لا تستطيع ان تكون اكثر حمية من أذربيجان للدفاع عن أراضي الأخيرة وتدخل في مواجهة مع بلد جار.
وفي النهاية إذا نظر المسؤولون الأذربيجانيون الى حجم المساعدات الإيرانية لبلادهم خلال عهد الاستقلال والحرب في قره باغ، سيرون مدى اجحافهم في حق الشعب الإيراني عن طريق اتباع سياسات مثل تزوير الحقائق التاريخية ودعم التحزب القومي والتيارات الانفصالية في إيران. وهو ما غضت إيران الطرف عنه وتجاوزته، فاستمرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالنظر الى الجمهورية الأذربيجانية على أنها بلد صديق تربطها به علاقات ودية واعتبرت ان تقدم أذربيجاني وسعادة شعبها هما تطور لإيران وسعادة لشعبها واعتبرت نفسها شريكة لأذربيجان في هموها وأحزانها.