الوقت - خرج الكيان الإسرائيلي مرعوباً من قافلة تضم نساء مسالمات شاركن في قافلةٍ بحرية تعبيراً عن دعمهم للشعب الفلسطيني وإدانتهم للإعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة. لكن القافلة المسالمة لم تُشكل خطراً عسكرياً على الكيان الإسرائيلي، بل شكلت خطراً وجودياً يتعلق بإحداث خرقٍ للصمت الدولي على جرائم الإحتلال الإسرائيلي لا سيما تجاه الشعب الفلسطيني واعتداءاته المتكررة على قطاع غزة. وهو ما يبدو أنه أرعب تل أبيب. فماذا في التفاصيل حول قافلة الإدانة منذ انطلاقتها حتى إعتداء البحرية الإسرائيلية عليها؟ وما هي دلالات ذلك؟
القافلة الأوروبية انطلقت وتل أبيب هددت
انطلقت قافلة نسوية تضمّ سفينتي "أمل" وزيتونة" من مدينة برشلونة في إسبانيا باتجاه فلسطين المحتلة، بهدف كسر الحصار الذي يفرضه الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عقد. يُذكر أن السفينتين تحمل الأولى منهما اسم "الزيتونة" والثانية "الأمل" وعلى متنيهما 22 امرأة من عدة دول بينهن "مايريد ماغواير" الحائزة على جائزة نوبل للسلام بالإضافة الى برلمانية جزائرية. في المقابل، ومع انطلاق القافلة، هددت تل أبيب بالتصدي لها كسابقاتها من القوافل.
الإعتداء على القافلة
أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن القوات البحرية الإسرائيلية سيطرت على سفينة "زيتونة" وأمرت ركابها بالتوجه الى ميناء أسدود. وبدأ الإعتداء من خلال قيام زوارق حربية إسرائيلية بمهاجمة السفينة بهدف السيطرة عليها، بحسب ما أعلن نشطاء فك الحصار عن قطاع غزة الموجودون على ظهر السفينة. وقالت وكالة "معا" الفلسطينية أن البحرية الإسرائيلية إعتمدت أسلوب التشويش على الإتصالات الخاصة بالسفينة لعرقلة مسارها وحصارها. في حين أكدت المصادر الإسرائيلية لوكالات الأنباء العالمية أن زوارق حربية إسرائيلية انطلقت من ميناء أسدود لاعتراض السفينة. ووصلت أمس السفينة زيتونة إلى الرصيف البحري في ميناء أسدود بعد أن اقتادتها الزوارق الحربية الإسرائيلية ومنعتها من الوصول إلى غزة. حيث سيطرت البحرية الإسرائيلية على السفينة على بعد 35 ميلاً بحرياً. وهو ما جعل عشرات الفلسطينيات يخرجن في تظاهرة في ميناء غزة كوقفة تضامنية مع السفينة، وتنديداً بسيطرة القوات الإسرائيلية على السفينة.
وبحسب الإعلام الإسرائيلي سيتم تسليم الناشطات إلى شرطة الهجرة الإسرائيلية، على اعتبار أن تل أبيب ترى أنهن تسللن بطريقة غير نظامية إلى الكيان الإسرائيلي. في وقتٍ تُجري وزارة الخارجية الإسرائيلية اتصالات مع سفارات الدول التي تنتمي إليها الناشطات في سفينة التضامن الدولي، وذلك من أجل مباشرة إجراءات ترحيلهن إلى خارج الكيان.
إدانات واسعة للإعتداء
أكدت "كلود ليوتيك" المتحدثة باسم الحراك الذي يسعى لكسر الحصار البحري والبري والجوي الذي تفرضه تل أبيب منذ 10 سنوات على قطاع غزة، أن العديد من المنظمات الدولية، تُدين السلوك الإسرائيلي تجاه السفينة. ومن جهتها، اعتبرت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، أن التصرف الإسرائيلي يُعد بمثابة قرصنة بحرية مخالفة لكافة القوانين الدولية، ويمثل اعتداءاً على نساء متضامنات سلميات لا يشكلن أي تهديد فعليٍ للکيان الإسرائيلي.
من جهتها أدانت منظمة التعاون الإسلامي أمس اعتداء قوات الإحتلال الإسرائيلي على قافلة الزيتونة التي تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، واحتجاز المتطوعين المشاركين عليها للتضامن مع الشعب الفلسطيني، واصفة هذا الإعتداء بالقرصنة الإسرائيلية، التي تأتي استمرارا لجرائمها وانتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي والقيم الإنسانية.
على صعيدٍ مُتصل، وصفت حركة المقاومة الإسلامية حماس استيلاء تل أبيب على السفينة زيتونة بالقرصنة والإرهاب المنظم. وأضافت حماس في بيان لها أن السلوك الإسرائيلي يعكس مدى إمعان الكيان الإسرائيلي في عدوانه وجرائمه وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني والمتضامنين معه.
وعلى صعيد الداخل الفلسطيني الشعبي، فقد شاركت عشرات الفلسطينيات في قطاع غزة في وقفة تنديد بالسيطرة على السفينة. ورفعت المشاركات في الوقفة التي نظمتها هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار قرب النصب التذكاري لشهداء سفينة مرمرة في ميناء غزة لافتات تطالب برفع الحصار وتسيير سفن لكسر الحصار.
تحليل ودلالات
عدة دلالات يمكن الإشارة لها بإيجاز:
أولاً: أثبت الكيان الإسرائيلي أنه يسعى دوماً لإخفاء جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وهو ما لم يعد بالإمكان تحقيقه. فيما أثبتت القافلة عالمية القضية الفلسطينية، ووجود تضامنٍ دولي على الصعيد الشعبي الغربي مع قضية الشعب الفلسطيني. وهو ما سعت تل أبيب لمنع حصوله.
ثانياً: أكد السلوك الإسرائيلي همجية الإحتلال في التعاطي مع المسائل. وهو ما يأتي في سياقٍ غير مُستغرب من قبل تل أبيب، والتي تعيش على العقلية العسكرية القائمة على الإعتداء على حقوق الآخرين. فيما شكَّلت عملية البحرية الإسرائيلية ضد نساء مسالمات، ضربة للهيبة الإسرائيلية والتي بانت مرعوبة أمام نساء لا يشكلن أي تهديد عسكري.
ثالثاً: أثبتت الأحداث فشل العقلية الإسرائيلية، وعدم قدرتها على ترويج سلوكها كحق لها. وهو ما يجعل تل أبيب أمام مصير واضح من الإدانة الدولية، وإن كان الصمت الدولي طاغٍ على المشهد العالمي. في حين شكلت هذه القافلة كغيرها من القوافل، صرخة عالمية غير فلسطينية متضامنة مع قضية الشعب الفلسطيني، كسرت الصمت الدولي.
إذن، لم يتفاجأ العالم بسلوك وأسلوب الجيش الإسرائيلي. في حين بدا واضحاً أن الكيان الإسرائيلي يعتمد الهمجية حتى في الحالات التي تبدو واضحة السلمية. فيما كان الهدف من ذلك، منع وصول الصرخة المتضامنة مع الشعب الفلسطيني الى العالم. وهو ما فشلت تل أبيب في تحقيقه. فيما أرعبت نساء قافلة "زيتونة" المسالمة الكيان الإسرائيلي!