الوقت- بلغت الحرب الكلامية الدائرة بين مرشحي الرئاسة الأمريكية الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب، درجة كبيرة من السعار انحدر فيها مستوى الخطاب إلى مستوى تجاوز الأسقف الدبلوماسية التي ترافق عادة التجاذبات السياسية في الداخل الأمريكي.
فإضافة إلى مستوى البذائة الذي اتصفت به الحرب الكلامية بين الطرفين، والاتهامات الشخصية خاصة من قبل المرشح الجمهوري ترامب الذي لم يتردد في وصف غريمته كيلنتون بالمحتالة و الحمقاء والخائنة، وصلت درجة الحرب الكلامية بين الطرفين إلى الادلاء بتصريحات خطيرة، فضحت بعض الملفات السرية التي تورط بها الساسة الأمريكيون في الملفات المختلفة، كقضية ايجاد داعش.
وبالرغم من أن وسائل الاعلام الأمريكية حاولت التقليل من أهمية هذه التصريحات والفضائح، ووضعها في إطار التهكم والتمسخر على الطرف الآخر، إلا أن مراقبون يرون أن هذه التصريحات الصادرة من شخصيات سياسية متنفذة ومرشحة لقيادة الولايات المتحدة، لا يمكن أن تكون مجرد هفوات، بل هي حقائق دامغة طبيعة التعاطي السياسي الأمريكي سواء في الشأن الداخلي أو الخارجي.
ويرى مراقبون أن استعار الحرب الكلامية بين الطرفين ووصولها إلى مرحلة من البذائة هو أمر طبيعي بالنظر إلى الطريقة التي تحاول فيها الحملة الانتخابية للمرشج الجمهوري ترامب لإيجاد ضجيج اعلامي، يسهم في رفع رصيد الجمهوريين من الأصوات الانتخابية، وأن التصريحات التي يطلقها هي منتقاة بعناية بهدف إيجاد أكبر قدر من التأثير في المعركة الانتخابية.
في هذا التقرير نعرج على أهم الانتقادات المتبادلة بين كلينتون وترامب، كاشفين عن أهم التصريحات الفضائحية التي شهدتها الحملة الانتخابية الأمريكية:
هيلاري كلينتون مؤسس داعش
حيث مثّل هذا التصريح لترامب قنبلة الحملة الانتخابية، وبالرغم من تقليل بعض وسائل الاعلام الغربية من أهمية هذا التصريح، إلا أن مراقبين يرون أن هذا التصريح لم يصدر اعتباطا، حيث سبقه العديد من التقارير الصحفية التي تؤكد هذا الأمر وتتحدث عن صلة لكلينتون بداعش في كل من ليبيا وسوريا والعراق، لكن هذه المرة الأولى التي تعترف بها شخصية كترامب الذي يمثل قيادة الحزب الجمهوري بهذا الأمر علناً.
وقال ترامب بأن الرئيس أوباما هو مؤسس داعش وأن كلينتون هي مساعدة المؤسس، محملاً بذلك منافسته للرئاسة الأمريكية مسؤولية ازهاق أرواح آلاف المدنيين الأبرياء على امتداد العالم، وكان ترامب قد قال مخاطبا مؤيديه فى كلمة خلال اجتماعه مع مؤيديه فى مدينة ديتون بيتش بولاية فلوريدا، 3 أغسطس/آب، "يجب أن تحصل هيلارى كلينتون من "داعش" على جائزة كمؤسسة للتنظيم". اعتبر ترامب أن السياسة التي كانت تمارسها كلينتون أثناء توليها منصب وزير الخارجية (2009-2013)، أدت إلى قيام تنظيم "داعش" وتعزيز مواقفه في الشرق الأوسط. وذكر ترامب أنه على الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يأسف كثيرا لقراره تعيين كلينتون في هذا المنصب.
ترامب عميل للروس
من جهتها كلينتون لم تتردد في الحديث عن علاقة تربط ترامب بالرئيس بوتين، خاصة وأن بعد الإشادات المتكررة من الرئيس بوتين بترامب، والذي رد بالمثل، واستغلت كلينتون تصريحات ترامب التي دعا فيها روسيا إلى اختراق البريد الإلكتروني لكلينتون إن كانت قادرة على ذلك، بهدف العثور على الثلاثين ألف رسالة بريد الكتروني المفقودة، لتوجه له تهم العمالة للروس.
وترامب كان يقصد إحراج كلينتون بشأن الرسائل التي لم تسلمها إلى مسؤولين أميركيين كانوا يحققون في استخدامها البريد الإلكتروني الخاص، إلا أن الديمقراطيين استغلوا ذلك ليؤكدوا أن الرجل يمثل تهديدا للأمن القومي. بل إن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية "C.I.A" مايكل مورال الى حد اتهام ترامب بأنه تم تجنيده دون علمه، من قبل روسيا، وهذا يعني بأن المرشح الجمهوري خائن لبلاده ومسؤول عن اي امر تستفيد منه روسيا ويضر بمصالح اميركا.
ترامب يحرض على قتل كلينتون
في تصريح آخر من تصريحاته المثيرة للجدل، قال ترامب أمام أنصاره أنه على مؤيدي قانون منح الأمريكيين الحق في حمل السلاح، أن يقوموا بعمل ما لمنع كلينتون من تعديل المادة المتعلقة بالقانون في الدستور الأمريكي، وأردف ترامب "لا أعلم، ولكن سأقول لكم أنه سيكون يوما عصيبا"، الأمر الذي اعتبره كثيرون تحريضا على اغتيال مرشحة الحزب الديمقراطي على يد مؤيدي حق حمل السلاح. وعلق السيناتور الأميركي، كرس ميرفي، على تصريحات ترامب عبر حسابه على تويتر بالقول بأنه "يجب عدم التعامل مع مثل هذا التصريح على أنه زلة لسان بل على أنه تحريض على الاغتيال".
كلينتون: نجم تليفزيون الواقع خطر على الديمقراطية
وصفت كلينتون ترامب بنجم تلفزيون الواقع الذي يفلح في الظهور التلفزيوني، حيث استغلت كيلنتون ماضي ترامب البعيد نسبياً عن العمل السياسي، حيث قرر مؤخراً الانخراط بالعمل السياسي والانتقال من عالم الأعمال ونجومية تلفزيون الواقع إلى البيت الأبيض متسلحا بتاريخه كرجل أعمال ناجح خاصة في القطاع العقاري.
واعتبرت كلينتون بأن ترامب يشكل خطرا على الديموقراطية وقالت "رسم دونالد ترامب صورة سلبية قاتمة تثير الانقسام لبلد متدهور"، مضيفة "لكنني لا ادعي ان كل شيء مثالي، بل اننا حققنا تقدما، وما زال امامنا عمل كثير".
يبدو أن الناخب الأمريكي يقف هذا العام أمام امتحان اختيار "أفضل الأسوأ" بين وزيرة خارجية سابقة فشلت في أكثر من استحقاق، ورجل أعمال مثير للجدل يعشق الظهور الإعلامي، وذلك في ظل الفضائح الكثيرة التي تدور حول الطرفين، ومن المرجح أن تتوالي التصريحات النارية، بهدف جر المعركة الانتخابية إلى مزيد من الحرب الكلامية بعيداً عن المناظرات الموضوعية في ظل افلاس الطرفين.