الوقت- أثارت الزيارة الأخيرة التي قام بها الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي الى الكيان الإسرائيلي ضجة في الأوساط العربية وردود أفعال منددة أجبرت الحكومة السعودية الى إعلان عدم دعمها لتلك الزيارة لكن من جهة أخرى ظهرت تصريحات وأقاويل في الصحف ووسائل الاعلام السعودية تدعم اقامة العلاقات مع تل أبيب ما يكشف زيف مواقف الحكومة السعودية.
وفي هذا السياق تقول صحيفة "تايمز اسرائيل" التي راجعت ما تقوله وسائل الإعلام السعودية عن اليهود والكيان الإسرائيلي، ان حجم المواضيع التي نشرتها الصحافة السعودية عن معارضة ما يسمى بمعاداة السامية ودعم اقامة العلاقات مع الكيان الإسرائيلي آخذ في الإزدياد يوما بعد يوم، وهذا يدل على تمهيد ما يقوم به السعوديون لتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال.
وفي هذا الصدد قالت الصحفية السعودية الشهيرة سهام القحطاني في مقال كتبته مؤخرا أن مخاطبة اليهود بألقاب دنيئة تختص بفترة صدر الإسلام واليوم لايمكن إستخدام تلك الألفاظ لكل اليهود، وهذا في وقت كان الوهابيون المتطرفون السعوديون يستخدمون ألقابا بذيئة جدا ضد اليهود بشكل عام حتى وقت قريب.
اما الكاتب في صحيفة "الرياض" ياسر الحجازي فقد كتب أيضا من جهته ان على الأعراب أن يضعوا عدائهم وحقدهم على اليهود جانبا، كما وجّه الصحفي السعودي الآخر ابراهيم المطرودي في احد كتاباته اللوم الى العرب قائلا لماذا لايقوم هؤلاء بدراسة اسباب نجاح اليهود بدلا عن لعنهم!
لكن أكثر الكتابات والمقالات وضوحا في هذا الجانب هو ما كتبه احمد عدنان على الموقع الإلكتروني لقناة "العربية" السعودية حيث قال ان على السعوديين ان يدخلوا في مفاوضات مباشرة ومن دون واسطة مع الكيان الاسرائيلي حسب مصالحهم الوطنية!
وتعتبر صحيفة "تايمز اسرائيل" هذا التغيير في لهجة الصحف السعودية تجاه الكيان الإسرائيلي مرتبطا بقضية ايران وتقول "هذا الأمر يحدث بعد مضي عام على إبرام الإتفاق النووي بين ايران ودول مجموعة 1+5 والذي يقلق السعودية".
وكان الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي قد زار فلسطين المحتلة في نهاية شهر يوليو الماضي على رأس وفد من التجار والجامعيين السعوديين ليشجع على تحسين العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وقد إلتقى الوفد السعودي في هذه الزيارة بعدد من المسؤولين الإسرائيليين الكبار ومنهم مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد وأجرى معهم مباحثات.
ان ترتيب مثل هذه الزيارة لأنور عشقي الذي كان في وقت ما أكبر مستشاري الحكومة السعودية كان حدثا نادرا، وقد إدعى عشقي فيما بعد ان زيارته لم تكن بالتنسيق مع المسؤولين السعوديين لكن من المستبعد جدا ان يقوم عشقي بمثل هذه الخطوة دون كسب موافقة السلطات السعودية.
وفي بداية العام الحالي ايضا شارك الأمير السعودي المعروف تركي الفيصل، الذي كان رئيس جهاز المخابرات السعودي سابقا، في لقاء مشترك مع الجنرال ياكوف عميدور المستشار الأمني السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
وهكذا يمكن القول بضرس قاطع ان ما يجري حاليا في الصحافة ووسائل الإعلام الاسرائيلية هو جزء من الإستراتيجية السعودية الطويلة الأمد لإقامة العلاقات مع تل أبيب بهدف انشاء أحلاف لمواجهة النفوذ الايراني في المنطقة.