الوقت- داعش يفجر في باريس، وفرنسا تنتقم منه بقتل المدنيين الأبرياء في منبج، هو خلاصة الحدث المتمثل بالغارات الفرنسية الأخيرة على قرى محيطة بمنبج.
فقد اعلنت دمشق الثلاثاء 19 تموز 2016 عن مقتل 160 مدنياً على الأقل في غارات شنتها قوات جوية فرنسية على قرية طوخان الكبرى شمالي مدينة منبج السورية والتي يسيطر عليها داعش الإرهابي، وهذا العدوان الفرنسي يأتي بعد يوم فقط من عدوان أمريكي آخر نفذته طائرات أمريكية يوم الاثنين 18 تموز 2016 حيث ارتكبت الطائرات الأمريكية الحربية مجزرة دموية مماثلة بعد استهدافها بالقصف العنيف مدينة منبج السورية ما أدى إلى استشهاد أكثر من 20 مدنياً وإلى إصابة عشرات الجرحى المدنيين بجروح متفاوتة الخطورة وكان الضحايا في غالبيتهم من الأطفال والنساء الأبرياء أيضا.
هذه الجريمة اعقبها مطالبة دمشق المنظمات الدولية بإدانة المجزرة التي ارتكبها الطيران الحربي الفرنسي ضد المدنيين السوريين، فقد وجهت دمشق رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي اوضحت فيهما إن الطيران الحربي الفرنسي العامل في عديد ما يسمى بـ "التحالف الدولي" الذي تقوده امريكا ارتكب فوق أراضي الجمهورية العربية السورية بشكل غير قانوني مجزرة دموية يندى لها جبين الإنسانية بالقرب من الحدود السورية التركية مستهدفا بالقصف الجوي العنيف قرية طوخان الكبرى في الأطراف الشمالية لمدينة منبج".
القوات الفرنسية الموجودة في سوريا، اي في الشمال السوري منه والتي يبلغ عددها 150 جندياً، لم يكن ليعلن عنه مسبقاً بتصريح رسمي، لكن الدخول الذي اعلن عنه الأسبوع الماضي لتجهيز مهبط مروحيات فرنسي في جبل مشتى شمال كوباني عند الحدود التركية، دفع بالسؤال عن السبب وراء وجود هذه القوات على الاراضي السورية، فالأمر الأكيد انه لم يأتي لتغيير مجريات الحرب في الشمال السوري التي يحكمها الروسي والامريكي بانتظام عقارب الساعة كما ان هذا التدخل لم ياتي عبثيا بل كان له مقدمات وظروف استدعت هذا الدخول.
اولاً: تعتبر مدينة منبج اهم معقل لجماعة «داعش» الارهابية في شرق حلب، كما تعتبر هذه المدينة معقلا للمقاتلين البريطانيين والالمان والفرنسييين في سوريا، كما ان الجماعة الارهابية حولت المدينة الى مقر حصين لنساء واطفال وعائلات المهاجرين القادمين من اوروبا وباقي الدول حيث يقضي المقاتل الداعشي استراحته من الجبهات مع عائلته القادمة لزيارته. ومع بدء العملية العسكرية، واحرازها تقدما على يد القوات الديمقراطية غرب نهر الفرات، بدأ التدخل الغربي في الشمال السوري يأخذ شكله العلني، لتقوم من بعده قوات امريكية بالتسلل الى منطقة منبج التي تعتبر اهم منطقة مدنية لتجمع عائلات "داعش"، ونقل الاسرى من داعش واللذين يحملون جنسيات غربية بمروحيات عسكرية خاصة.
من هنا طلب الفرنسيون من الاكراد على عجل اقامة مهبط للمروحيات في جبل مشتى في محيط مدينة كوباني حيث هبطت مروحيات فرنسية لاول مرة منذ ثلاثة ايام لتتبعها مروحيات بريطانية هبطت في ذات المهبط الفرنسي ولتصل بعدها منذ يومين مروحيات اخرى تحمل على متنها عناصر الاستخبارات الالمانية، كل هذا حدث بعد تطويق المدينة. ليبدأ دور عناصر الاستخبارات الفرنسية والبريطانية بنقل الأسرى الى اماكن والتحقيق معهم.
ثانياً: التورط الفرنسي على مدى السنوات الماضية والذي لا يزال مستمرا، هيأ الظروف المساعدة التي جعلت من اراضيها ساحة لنمو الجماعات صاحبة الفكر الإرهابي، فمنبج، والتفجيرات المتكررة التي شهدتها فرنسا وكان آخرها في مدينة نيس، حرك الرأي العام الفرنسي والاعلامي، ليشكل ضغطا على حكومته بضرورة التحرك واتخاذ اي اجراء لمواجهة التكفير بدل من دعمه، لكن الضربات الاخيرة للطائرات الفرنسية والتي ادت الي مقتل اكثر من 160 مدنياً، يؤدي الى خلاصة مفادها ان الرد الفرنسي على تفجيرات داعش من جهة، ودعوة الرأي العام الفرنسي لحكومته بالتحرك من جهة اخرى، كان خياره بضرب المواطنين والمدنيين بدل الإرهابيين.