الوقت - شكَّل مقتل أبو عمر الشيشاني، ضربةً قوية لتنظيم داعش الإرهابي. فيما اكتفى الإعلام بشكلٍ عام، بنقل خبر مقتله، دون الحديث عن آثار ذلك. وهنا، فإن الرجل لم يكن قيادياً عادياً، خصوصاً للدور الذي أوكله له الأمريكيون لتجنيد القوقازيين، لا سيما بعد انهيار الإتحاد السوفيتي. وهو الدور الذي نجح فيه، واكتسب خبرةً كبيرة في مجاله، ساهم في نقلها الى تنظيم داعش الإرهابي، عبر جيش الإسلاميين القوقازيين، أي "المجاهدين والأنصار"، والذين التحقوا بداعش عام 2013. فيما سيُشكل مقتله، مكسباً للقوات العراقية في معركة الموصل المُنتظرة. فماذا في مقتل الشيشاني؟ وما هي تأثيرات ذلك؟
مقتل الشيشاني
أعلنت وكالة أنباء "أعماق" التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي أن أبا عمر الشيشاني، العضو الكبير في التنظيم قُتل في معارك بمدينة الشرقاط العراقية جنوبي الموصل. وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز الأربعاء. ويأتي إعلان وكالة أعماق بعد إعلان سابق لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في أذار الماضي، أن الشيشاني الذي وصفته بأنه "وزير الحرب" في التنظيم قد قتل في ضربة جوية أمريكية في سوريا.
حصل ذلك خلال اشتباكاتٍ مع القوات العراقية، الزاحفة باتجاه الموصل أكبر مدينة لا تزال تحت سيطرة "داعش"، وسعيها لمحاصرة الشرقاط التي تبعد 250 كيلومتراً إلى الشمال من بغداد. الشيشاني انتقل من سوريا إلى العراق، وقاد المعارك هناك. وكان الشيشاني قد ظهر مؤخراً، في فيديو "كسر الحدود"، إلى جانب المتحدث الرسمي باسم التنظيم، أبو محمد العدناني، حين أعلنا قيام دولة الخلافة ومبايعة أبو بكر البغدادي.
أبو عمر الشيشاني: من هو؟
هو الجورجي طرخان باتيراشفيلي، والمعروف بـ"أبو عمر الشيشاني". شغل عدداً من المناصب الهامة في تنظيم داعش الإرهابي. أهمها منصب وزير الحرب. فيما عُرف أنه كان مستشارا لـ "أبو بكر البغدادي"، ومسؤولاً عن تخطيط وتنظيم العمليات العسكرية والتجنيد، وهو ما يمتهنه خصوصاً من خلال خبرته في التجنيد على أراضي الإتحاد السوفيتي سابقاً، لا سيما في منطقة القوقاز.
تصفيته والأثر على التنظيم الإرهابي
السؤال المطروح، هو عن الأثر الذي قد يلحق بتنظيم داعش الإرهابي، نتيجة مقتل الشيشاني، وهو ما سنجيب عليه بالتالي:
أولاً: التأثير التنظيمي
- سينعكس مقتل الشيشاني، بشكل كبير على ما يُسمى بـ "جيش المجاهدين والأنصار". والذي يتألف من الإسلاميين القوقازيين الذين أعلنوا عام 2013، بيعتهم لتنظيم داعش الإرهابي. فيما تشير معطيات استخباراتية، أن ما يُقارب ألف مقاتل من هذا الجيش، يخضعون لقيادة الشيشاني بشكلٍ مباشر. وهم لعبوا دوراً رئيسيا في فرض السيطرة على قاعدة مينغ الجوية، بالقرب من حلب في سوريا عام 2013. بالإضافة إلى مساهمتهم في الإستيلاء على مدينة الموصل العراقية العام 2014.
- وهو ما سينعكس بشكلٍ مباشر على معركة الموصل، والتي تتم التحضيرات لها على قدمٍ وساق، من قبل القوات العراقية. خصوصاً لجهة الخسارة المعنوية، التي سيشكلها مقتل الشيشاني على التنظيم.
- ومن الناحية التكتيكية، سيتم قطع شبكات الترابط بين المسلحين، والتي كان يقودها الشيشاني. حيث أوكلت إليه مهمة التنسيق بين المجموعات المسلحة على الأرض. وهو ما سيأخذ وقتاً لإعادة تفعيله، على الصعيد العسكري.
ثانياً: التأثير الإعلامي
- كان أبو عمر الشيشاني شخصية رمزية بالنسبة لتنظيم داعش، الى جانب كونه قيادياً بارزاً. وهو ما جعل اسمه، محط ترحيب المُستقطَبين الجدد للتنظيم. فيما كان الرجل، صاحب الأفكار الدعائية، بحسب ما تُشير المصادر.
- وهو الأمر الذي جعل المحللين يذكرون بأن التنظيم اليوم، فقد قيادياً، من ذوي الخبرات لا سيما في الدعاية والإستقطاب. حيث كان الشيشاني، شخصية أساسية ساهمت في تجنيد عناصر جدد، لا سيما في منطقة القوقاز، حيث تُشير التقارير الى أن الأمريكيين أوكلوا اليه هذه المهمة، لا سيما بعد انهيار الإتحاد السوفياتي.
ثالثاً: هل تستفيد النصرة؟
يمكن أن تستفيد الجماعات الإرهابية الأخرى، والتي تتنافس مع داعش، وتحديداً تنظيم "جبهة النصرة"، الذي لديه شبكات تجنيد خاصة له تسعى لقطع الطريق على "داعش" عبر استقطاب موارده البشرية.
لا شك أن إزاحة الشيشاني من تنظيم داعش، سيعود بالخسارة على التنظيم لا سيما من الناحية المعنوية والتنظيمية، والتي ستنعكس إيجاباً على مجريات الحرب على الإرهاب، لا سيما التحضيرات لمعركة الموصل. لذا يمكن القول إن مقتل أبو عمر الشيشاني يُعتبر أولى بوادر النصر في الموصل.