الوقت- حلقة جديدة من حلقات مسلسل "تسريبات السيسي"، بثته قناة "مكملين"، مساء أمس السبت، ولكن "بطل التسريبات هذه المرة هو الرئيس نفسه، وليس مدير مكتبه اللواء عباس كامل أو اللواء ممدوح شاهين كما عوّدتنا التسريبات.
تثير التسريبات المنسوبة إلى مسؤولين كبار في وزارة الدفاع المصرية وآخرها الى الرئيس السيسي الكثير من التساؤلات حول دلالات توقيتها والجهات التي تقف خلفها، إلا أن التسريب الأخير هو الأخطر بين أسلافه التي تمت إذاعتها حتى الآن، خطورة التسريبات هذه المرة أنها للسيسي نفسه لا أركان حكمه مثل التسريبات السابقة، كما أنها تمس من ساندوه ماليًا وسياسيًا من بعض دول الخليج الفارسي، وتأتي في توقيت حساس قبل أيام من بدء المؤتمر الاقتصادي الذي تنظمه مصر في مارس المقبل، وكذلك قبل فترة وجيزة من الإنتخابات البرلمانية.
التسريب الأخير الذي بثته القناة يتعلق باجتماع عقد في فبراير/شباط 2014، وضم السيسي ومدير مكتبه آنذاك عباس كامل وعضو المجلس العسكري محمود حجازي، وقد ناقش المتحاورون في التسريب إستراتيجية التعامل مع دول الخليج الفارسي في ما يتعلق بطلب منح مالية على غرار ما حدث في حرب الخليج، وقال عباس كامل مدير مكتب السيسي إنه يجب التعامل مع دول الخليج الفارسي على أساس "خذ وهات".
كما تطرق السيسي في التسريب إلى حجم المبالغ المطلوبة من كل دولة خليجية داعمة له وتفاصيل تحويل تلك الأموال إلى حسابات الجيش المصري، والطلب من الكويت والسعودية والإمارات منحه عشرة مليارات دولار من كل واحدة منها. وطلب السيسي من كامل مناشدة رئيس الديوان الملكي السعودي السابق، خالد التويجري: "بص، تقوله احنا محتاجين عشرة يتحطوا في حساب الجيش والعشرة دول ساعة ما ربنا يوفقه وينجح هيشتغلوا للدولة".
وأضاف: "وعايزين من الإمارات عشرة زيّهم والكويت عشرة برضه، ده بالاضافة لقرشين يتحطوا في البنك المركزي ويكمل حساب السنة بتاعة 2014".
وكان لافتا حديث السيسي عن أن دول الخليج الفارسي تمتلك ميزانيات ضخمة، وأن قادة تلك الدول يمتلكون من الأموال ما يفوق ميزانيات بلدانهم، وأن "الفلوس عندهم زي الرز" على حد قوله.
وقال عباس كامل إن القيادات بدول الخليج تمتلك أموالا كبيرة، وكل واحد منهم يملك مئات المليارات، وتحدث مدير مكتب السيسي بألفاظ بذيئة عن أمير قطر، وقال إن بنك قطر الوطني وحده يتوفر على احتياطي بتسعمائة مليار، ووصف بعض دول الخليج الفارسي بأنها "أنصاف دول".
مسلسل التسريبات
افتتحت قناة "مكملين" الفضائية الجزء الأول من مسلسل التسريبات في ديسمبر 2014، حيث أظهر التسجيل الأول محادثات هاتفية جرت بين أعضاء المجلس العسكري في مصر، للبحث عن مخرج قانوني يبرر احتجاز الرئيس محمد مرسي في الأيام الأولى بعد إعتقاله، في جهة غير معلومة.
ويكتسب هذا التسريب أهمية بالغة، باعتباره التسريب الأول الذي يخرج من مكتب السيسي نفسه، وهو المكتب الذي يفترض أنه الأكثر تحصينا وأمنا، وهو ما قد يشير إلى وجود خلافات بين أعضاء المجلس العسكري أو يدل على وجود اختراق أمني لمكتب السيسي.
التسريب الثاني الذي بثتة القناة المصرية تطرق إلى اتصال يدور بين اللواء عباس مدير مكتب عبد الفتاح السيسي والنائب العام, يتحدثون فيه عن ابن شخصية مهمة جدا للاسراع في اكمال الاجراءات الخاصة به حتى يستطيع التنقل بسهولة اكثر من اللازم وهو نجل الكاتب محمد حسنين هيكل .
لم تكد الساعات الأخيرة من العام 2014، أن تمر مرور الكرام، دون أن تترك بصمة في الشارع السياسي المصري والعربي، حيث واصلت قناة الشرق الفضائية نشر الجزء الثالث من تسريباتها الخاصة بمدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل، وركز الجزء الثالث من التسريبات على الإعلام وعلاقته بالعسكر، إذ يكشف تدخل مكتب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عندما كان وزيرًا للدفاع، لوقف عرض برنامج “البرنامج” للمقدم الساخر باسم يوسف، عبر قناة “إم بي سي مصر” التابعة لشبكة قنوات “إم بي سي”؛ حيث أكد التسريب الأخير اتصال مكتب السيسي بالشبكة لوقف “البرنامج”.
الفاعل وأسباب"التسريب"
لا شك في أن التسريب الأخير هو الأخطر بين كافة التسريبات التي تمت إذاعتها حتى الآن، خطورة التسريبات هذه المرة أنها للسيسي نفسه لا أركان حكمه مثل التسريبات السابقة، ما يطرح الأسئلة التالية: من هي الجهات التي تقف خلف هذه التسريبات؟ ما الهدف؟وما هي دلالات التوقيت؟
يمثل توقيت التسريب الأخير حرجا كبيراً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لأنه يأتي قبل فترة وجيزة من المؤتمر الإقتصادي الذي سيعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية في آذار المقبل، كما أنه لا يمكن فصل هذا التسريب عن الإنتخابات البرلمانية التي ستجري الشهر القادم، فمن يقف خلف هذه التسريبات؟
لا توجد أدلة قاطعة على المتهم الحقيقي في مسلسل التسريبات، ولكن في حين يرى البعض وجود"صراع أجنحة" داخل المؤسسة العسكرية المصرية، يتهم البعض الآخر "فلول" نظام مبارك بالتعاون مع بعض التيارات الليبيرالية "أمريكية الهوى" بالوقوف خلف هذه التسريبات لفرض الضغوط على السيسي وصولاً إلى إبتزازه قبل الإنتخابات المقبلة للسيطرة على البرلمان.
في السياق نفسه، يرى العديد من الخبراء في الشأن المصري أن الهدف من التسريبات إظهار النظام الموجود الآن على أنه ضعيف ولديه مشاكل داخلية، وأن هناك حالة تململ، ورسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة إرضاء هذه الأجنحة.
ختاماً، التسريب الأخير لاقى ضجة غير مسبوقة لدي الإعلامين المصري والعربي، وتتصدّر حالياً حتى لحظة كتابة هذا التقرير على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" هاشتاغ باسم #السيسي_يحتقر_الخليج وأيضا هاشتاغ آخر احتل المرتبة الثالثة عربيا تحت عنوان #عندهم_فلوس_زي_الرز ، فهل سينجح المسرّب في ضرب العلاقة بين السيسي وأصدقائه في الخليج الفارسي؟ هل سيقبل السيسي بورقة "البرلمان مقابل التسريبات"؟ أم سينجح الرئيس المصري في كشف الجهات التي تقف خلف هذه التسريبات؟ تساؤلات برسم المستقبل.