الوقت - لسنا هنا في وارد الحديث عن مسألةٍ دينية، أو تحليل حدثٍ سياسي. إننا أمام مرحلةٍ سيكتبها التاريخ. مرحلةٌ يظن البعض أنها ستمحي جغرافية المنطقة. هكذا يقول الغرب عبر تقاريرهم. نعم إنهم محقون. ولكن كيف؟
هي في الحقيقة مرحلةٌ ستجعل مستقبل الأمة، مستقبلاً مُشرقاً. لأنها يقيناً، المرة الأولى التي تَخُطُّ فيها الأمة، خريطتها المستقبلية، ولو بالدم.
من قال إن كسينجر، عُملاق التخطيط الإستراتيجي، نجح في تحديد مستقبل المنطقة؟ ومن قال إن بريجينسكي، راسم سياسات واشنطن، استطاع تحديد حال الشعوب؟ نعم، لقد ظنوا ذلك! لكنهم اليوم، باتوا يُعيدون الحسابات. فهم أمام مشهدٍ لم يتوقعوه. أين هي الشعوب التي خططنا لقمعها؟ هكذا يتساءل الأمريكيون في أروقة مراكز تخطيطهم. وأين هي الجغرافيا التي سعينا لرسمها؟ بهذه الكلمات، تهتف أدمغة التخطيط في واشنطن؟
فمن الطبيعي أن يحتار هؤلاء. فهذه المنظومة الساقطة التي صنعوها وأسموها "داعش"، لتعمل كطرفٍ مأجورٍ يُنفِّذ المخططات، أصبحت اليوم تحت نارهم. ليس بإرادتهم، بل لأنهم باتوا مُرغمين على ذلك. ولكي لا يظن البعض أننا بعيدون عن الحقائق، ونتحدَّث هنا دون دلائل، نسأل قسم التخطيط في جامعة ألباني الأمريكية (Albany University)، والذي كان من المشاركين في التخطيط لمشروع داعش الإرهابي، لو يستطيع أن يُفسِّر للعالم، كيف سقط هذا المُخطَّط التخريبي؟
بالتأكيد، هم يعرفون. ليس لأن داعش فشل فحسب، وليس لأنهم هم أيضاً فشلوا وحسب، وليس لأن حلفاءهم وأدواتهم في المنطقة فشلوا أيضاً، بل لأن في الأمة اليوم، قيادةٌ تتميَّز بالرؤية الحكيمة، وتقود شعباً بات يعرف الحقائق. مما جعل الأمة تنتفض بوجه أكبر مُخططٍ خطير في التاريخ المعاصر. مُخططٌ ليس ضد الأديان كافة فحسب، وليس ضد الأنظمة السياسية وحسب، بل مُخططٌ تُعتبر الإنسانية بحد ذاتها، أول المُنتفضين عليه.
لسنا هنا أمام تحدٍ سياسي، وإن كانت السياسة لباساً لكل شيء. ولسنا أمام تحدٍ مذهبيٍ كما تُروِّج أبواق السياسة الأمريكية في المنطقة، وإن كانت الفتنة خطراً قد ينزلق له صغار العقول. بل إننا أمام تحدٍ ينبع سلاحه من جوهر الإنسانية التي تحتضنها، كُلُّ الأديان، من موسى لعيسى لمحمد عليهم السلام.
لذلك، أيها المُخططون، لم ولن تكونوا أذكى من أمةٍ باتت تُدرك أن المقاومة، هي خيارها الوحيد. ومحور المقاومة هو مرجعيتها. ولكم أيها الغرب المُتواطئ دوماً على الشرق، كلامٌ نعدكم به، بأنكم ستأتون إلينا ولو بعد حين، لتسألوننا عن كيفية إنتصارنا على إرهابٍ أنتم صنعتموه، وبات يُؤرقكم، حيث أننا نتغلَّب عليه، فيما أنتم في خطره حتما واقعون.
لكننا وللأسف ولو أننا نُدرك يقيناً إمتلاكنا السلاح المطلوب للقتال، فإننا نُدرك أيضاً أنكم لن تستطيعوا الإستفادة منه. فهو سلاحٌ لا يُحسن استخدامه إلا المستضعفون العارفون. فهل عرفتم، لماذا فشلتم وتفشلون؟ وهل أدركتم، لماذا أصبح العراق المظلوم محارباً شرساً؟ وكيف استطاع اليمن المسبي عبر التاريخ أن يخرج نحو مستقبله العزيز؟ ولماذا أضحت سوريا مقبرةً لمشاريعكم؟ وكيف أن حزب الله اللبناني أضحى رأس حربةٍ إقليمية في صراعٍ سيقضي على أحلامكم؟ ولماذا باتت إيران الإمام الخميني، مرجعية الأمة الإسلامية والعربية أجمع؟
من قال إن الفكر الإستعماري الذي حملته إرسالياتكم البريطانية أو الفرنسية، ما يزال يجد في وعينا له مكان؟ ومن قال إن مخططات الصهيونية من أبناء روتشيلد، استطاعت الحلول مكان مبادئنا الديانية إسلاماً ومسيحيةً ويهود؟ ومن أخبركم أن أمريكا بحربها الخشنة أو الناعمة أو الذكية استطاعت النيل من عزيمتنا؟
لقد خرجت الأمة اليوم، بكافة أطيافها، لتنتفض على من فخَّخ القرآن مُشوِّهاً سمعة الإسلام. ولتقف بوجه من حطَّم الصليب في الكنائس ليوقد مشروع الفتنة الطائفية. ولتقاتل من حمل مشروع بني صهيون بوجهٍ ظاهره إسلامي.
لقد أعلنت الأمة القيام على مشروعكم التكفيري الذي بات يُعبِّر عنكم. فيما ستنتصر الأمة، وستأكلون سمَّكم بأيديكم. ونحن الذي سنُعيد الإعتبار للأديان كافة، من بوابة الإسلام الحقيقي خاتم الأديان.
لقد جعلتمونا، أقوياء، حيث سيكتب التاريخ عنا. لقد أعطيتم لشعوبنا مفتاح الثورة بوجه مشاريعكم. لقد اخترتم أن تكون أمريكا بإستكبارها هدف شعوب المنطقة بأسرها. لقد نجحتم في توحيدنا حيث أن معركتنا باتت إنسانية قبل أن تكون دينية أو سياسية.
فليس حزب الله اللبناني، إلا مثالاً للقوة التي ستجعلكم من التاريخ هباءاً. وليس الحشد الشعبي العراقي إلا إنعكاساً لوعي الشعوب الإسلامية والعربية. وليس اليمن بكافة لجانه الشعبية، إلا نموذجاً لعرب الحاضر والمستقبل، البعيدون كل البعد عن أعراب الخليج والدولار الذين تعرفون. وليست سوريا إلا مثالاً للمقبرة التي ستقضي على آمالكم. وما فلسطين إلا قبلة الجميع حيث ستكون معركتنا الكبيرة.
خرجت الأمة عن صمتها بعد سنين من الصبر الحكيم. أمةٌ تتكوَّن من شعوبٍ ستحكي بالدم قصة بطشها. فمن قال إننا ضعفاء. وهل تُرهبنا سيوفكم أو خناجركم، أو قطع الرؤوس؟ سننتقم لكل يومٍ ظننتم فيه أنكم تحكموننا. وليست سوريا إلا بداية طحن مرتزقتكم. والمشهد الذي بِتُّم تخافونه اليوم، ليس إلا بداية الصورة التي سيحملها المستقبل. ولن تَصدُق رؤيا مدير المخابرات الأمريكية السابق، مايكل هايدن، والتي خرج بها منذ يومين، عن أن المنطقة ستصبح بجغرافيتها ودولها الحالية من التاريخ. بل نقول إن المنطقة ستُعيد لنفسها رسم جغرافيتها الحقيقية وستدخل التاريخ المُشرِّف. حيث ستتوحَّد فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وصولاً الى إيران بوجه مشروعكم. ونعرف كيف سيلتحق بنا اليمن. فالحاجز بيننا سريعاً سيزول.
سنرسم جغرافيتنا التي ستُنهي مشروعكم. فنحن أهل "من النيل الى الفرات" ولستم أنتم. فهي الأمة تمضي بشعارها الحالي، "يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ".