الوقت - يمتلك العديد من زعماء دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعوائلهم أرصدة مالية ضخمة تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات يتم إستثمارها في خارج بلدانهم، خصوصاً في جزر العذراء البريطانية (British Virgin Islands).
وكشفت الوثائق التي سرّبتها شركة "موساك فونسيكا" البنمية والتي عرفت بـ "وثائق بنما" أسماء أكثر من 140 زعيم سياسي حول العالم يمتلكون ثروات هائلة في الخارج تتم إدارتها من قبل وسطاء.
وأغلب هذه الأموال هي عبارة عن إستثمارات في مشاريع مختلفة أو عقارات باهظة الثمن تم شراؤها في جزر العذراء البريطانية بمنطقة البحر الكاريبي الواقعة شرق "بورتوريكو"، والتي تعد جزءاً من أقاليم ما وراء البحار البريطانية.
وتوضح البيانات المسرّبة 40 عاماً من الصفقات المشبوهة لشركة "موساك فونسيكا"، وتضم عدد من كبار الشخصيات السياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ممن لديهم حسابات بنكية سريّة لإخفاء مليارات الدولارات وإدارة الإستثمارات في جزر العذراء البريطانية. وقد وردت تفاصيل الأصول المالية للعديد من هؤلاء القادة في تسريب 11.5 مليون وثيقة ضريبية من شركة الخدمات القانونية البنمية "موساك فونسيكا"، وهي تكشف التعاملات الخفية لــ 140 من الشخصيات السياسية، بما في ذلك 12 من القادة أو الرؤساء الحاليين أو السابقين من قطر والإمارات والسعودية والعراق والأردن ومصر والمغرب. وتمّ نشر هذه الوثائق في أكثر من 100 صحيفة ووُصفت بأنها أكبر عملية تسريب بيانات في التاريخ.
إحدى الأماكن السياحية في جزر العذراء البريطانية
وقد قدّم مصدر مجهول تلك الوثائق لصحيفة زود "دويتشه تسايتونج الألمانية" التي شاركتها مع وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم من خلال الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية (ICIJ).
وذكر موقع "بي بي سي" نقلاً عن شركة "موساك فونسيكا" إنّها كانت تعمل فوق الشبهات لمدة 40 عاماً ولم يسبق أن وُجّهت لها تهمة ارتكاب فعل جنائي. وقد تعهدت حكومة بنما بالتعاون بقوة مع أي تحقيق قانوني حول تسريب البيانات.
وفيما يلي تفصيل من الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية للوثائق التي تتعلق بالقادة العرب وأقاربهم من الشرق الأوسط.
حمد بن جاسم آل ثاني
إشترى رئيس الوزراء القطري السابق "حمد بن جاسم آل ثاني" شركة في عام 2002 كانت مسجلة في جزر العذراء البريطانية وثلاث شركات أخرى في جزر البهاما. ومن خلال هذه الشركات إمتلك حمد الذي تُقدّر ثروته بنحو 7 مليار دولار، يخت "المرقاب" الذي تصل قيمته إلى 300 مليون دولار.
وفي عام 2011، إشترى حمد أربع شركات في بنما، كما يمتلك حسابات مصرفية في لوكسمبورغ، حيث بدأت قطر مؤخراً الإستثمار بسبب إنخفاض الضرائب، وفقاً لوثائق نشرت في شهر تموز/يوليو عام 2013.
ولم يكشف الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية عن حجم الأموال في الحسابات البنكية ولكنه كشف أن حمد بن خليفة يمتلك إثنين من الحسابات البنكية. وقد ظهر إسمه في تسريبات "موساك فونسيكا" من خلال ملكيته لإحدى الشركات في جزر العذراء البريطانية.
حمد بن خلیفه آل ثاني
ونشر الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية نسخة من جواز سفر حمد والتي تمّ تضمينها في التسريبات، وهي وثيقة إستخدمها رئيس الوزراء القطري السابق في الآونة الأخيرة لتجنب الملاحقة القضائية في بريطانيا بسبب إتهامات بسجن وتعذيب مواطن بريطاني في قطر. وقال متحدث بإسم حمد للإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية إنه ليس لديهم الحق للردّ على أية أسئلة حول الوثائق المسربة لأنه ملتزم بالسريّة المهنيّة.
خليفة بن زايد آل نهيان
بحسب الوثائق المسربة، يمتلك رئيس دولة الإمارات "خليفة بن زايد آل نهيان" 30 شركة على الأقل أسَّستها شركة "موساك فونسيكا" في جزر العذراء البريطانية. ومن خلال هذه الشركات، يسيطر خليفة على مجموعة واسعة من العقارات الفاخرة التي تصل قيمتها إلى 1.7 مليار دولار في مناطق راقية بالعاصمة البريطانية لندن مثل "كنسينغتون ومايفير". وبحسب الوثائق تمّ تمويل شراء هذه العقارات من خلال قروض من فرع "بنك أبو ظبي الوطني" في لندن و "رويال بنك أوف سكوتلاند".
خلیفه بن زاید آل نهیان
وتدير "موساك فونسيكا" تعاملات خليفة بن زايد بحسّاسية شديدة، وفي عام 2011 كتبت الشركة في إحدى الوثائق المسربة إنَّ رئيس الإمارات كان متردداً حول توفير معلومات عن هويته، في حين ذكرت شركة محاماة بريطانية تمثل خليفة بن زايد للإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية إنّها لا تستطيع الإدلاء بأي تعليق حول التسريبات.
سلمان بن عبد العزیز
حصل الملك السعودي "سلمان بن عبدالعزیز" على تسهيلات عقارية في عام 2009 لشراء منازل فاخرة في لندن تبلغ قيمتها 34 مليون دولار. ولم يتم تحديد دور سلمان في الوثائق، وفقاً للإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية، ولكن ذُكر إن إسمه مرتبط بالرهانات العقارية والأصول التي يمتلكها. وتكشف الوثائق أيضاً أنَّ سلمان هو صاحب يخت فاخر يحمل إسم "أرِكا". ولم ترد السفارة السعودية في أمريكا على الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية عند طلب التعليق على التسريبات.
سلمان بن عبد العزیز
ومن المعروف إن السعودية تواجه حالياً عجزاً في الميزانية يصل إلى نحو 100 مليار دولار، وهي الآن بصدد بيع عدد من شركاتها المهمة بينها شركة "أرامكو" الناشطة في مجالات النفط والغاز الطبيعي والبتروكيمياويات والتي يديرها ولي ولي العهد محمد بن الملك سلمان، لتوفير حوالي 2 تريليون دولار لخزينة الدولة.
وكان محمد بن سلمان ذكر مؤخراً خلال مقابلة مع مجلة "بلومبرج" الإقتصادية إن الحكومة السعودية تسعى لفرض ضرائب جديدة على المبيعات في البلاد لإستحصال 10 مليارات دولار خلال السنوات الأربع القادمة.
محمد بن سلمان
وقال بن سلمان إنه ومن اجل تجنب الكارثة، قامت الحكومة بخفض الميزانية بنسبة 25 في المئة، وأعادت تطبيق ضوابط الإنفاق الصارمة، كما بدأت برفع ضريبة القيمة المضافة والرسوم الأخرى من أجل تقليل معدل إستنزاف إحتياطات السعودية النقدية الذي وصل إلى 30 مليار دولار أمريكي في الشهر خلال النصف الأول من عام 2015.
أياد علّاوي
إستخدم رئيس الوزراء الأسبق أياد علّاوي، شركة مسجلة في بنما لإدارة أصول قيّمة يمتلكها في لندن. وكان علّاوي في السابق في المنفى لمعارضته الديكتاتور المعدوم صدام قبل أن يصبح رئيساً للوزراء في عام 2004 بعد الغزو الأمريكي للبلاد، وهو المساهم الوحيد في أسهم شركة "IMF Holdings"، وفقاً للوثائق المسربة عن شركة "موساك فونسيكا". ومنذ نيسان/ أبريل عام 2013، أظهرت الوثائق أن الشركة المسجلة تُقدَّر قيمتها بنحو 1.5 مليون دولار.
أياد علّاوي
ويمتلك علّاوي شركة أخرى مسجلة في بنما بإسم "Moonlight Estates Limited"، إضافة إلى الأصول العقارية في لندن المسجلة تحت ملكية هذه الشركة، ولكنَّ الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية لم يكشف عن قيمتها أو وضعها المالي. وقال المكتب الإعلامي الذي يمثل علّاوي للإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية إنَّ شركة "IMF Holdings" تأسست لإمتلاك العقارات التي يملكها رئيس الوزراء العراقي السابق. وأضاف المكتب إنَّ أي دخل ينتج في بريطانيا من العقارات التي تملكها الشركات يتم توثيقه بشكل صحيح وأنّه يتم دفع الضرائب على وجه السرعة وفي الوقت المناسب.
علي أبو الراغب
يمتلك رئيس الوزراء الأردني السابق "علي أبو الراغب" العديد من الشركات المسجلة في جزر العذراء البريطانية وجزر "سيشل" في المحيط الهندي، والتي شارك في إدارتها مع زوجته "يسرى". وذكر الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية إن إسم الشركة هو "Jaar Investment Ltd"، وهي تمتلك حساب بنكي بإسم أبو الراغب وزوجته في "جنيف" بسويسرا. وقد أُغلقت هذه الشركة في آب/أغسطس عام 2008. وشغل أبو الراغب منصب رئيس وزراء الأردن من عام 2000 حتى عام 2003، عندما إستقال وإنضم إلى مجالس إدارة مجموعة من الشركات الأردنية الرائدة في مجال التمويل والتأمين.
علي أبو الراغب
وأظهرت وثائق شركة "موساك فونسيكا" أيضاً أنه حتى كانون الأول / ديسمبر عام 2014 إمتلك أبو الراغب ثلاث شركات في دولة سيشل، وعمل أبناؤه في إدارة شركات أخرى بجزر العذراء البريطانية، بما في ذلك شركة "Desertstar Investment Capital Limited" التي تمتلك حساب مصرفي في البنك العربي في جنيف، والذي قام ببعض الإستثمارات في الأردن.