الوقت – اشتهرت بنما التي انفصلت عن كولومبيا بدعم امريكي بأنها جنة للمتهربين عن الضرائب في العالم ومن المحتمل ان تكون بنما البلد الوحيد الذي يجلب اثرياء العالم اموالهم اليها للتهرب من دفع الضرائب، وقد دعم الراسماليون الكبار في امريكا بنما خلال العشرينيات من القرن الماضي لسن قوانين مالية يمكن الاستفادة منها في التهرب الضريبي وانشاء شركات بواسطة اشخاص مجهولين.
وفي الثمانينيات من القرن الماضي لم تكن رساميل الاثرياء الغربيين فقط هي التي تتدفق على بنما بل باتت اموال مهربي المخدرات بين امريكا الجنوبية وامريكا الشمالية تودع ايضا في البنوك في بنما وعرف هذا البلد كجنة لمبيضي الاموال.
ويمكن لأي شخص ان ينشئ بسهولة شركة في بنما دون حاجة لدفع الضرائب أو وجود عملية محاسبة سنوية، وتسمح القوانين في بعض الاحيان لاصحاب الشركات بأن يبقوا وثائقهم سرية بالكامل كما يمكن للشركات الموجودة في بنما ان تتعامل مع الشركات الاجنبية دون دفع ضرائب.
ومن الاسباب الاخرى التي جعلت بنما شهيرة ومحبوبة لدى مبيضي الاموال هو اقتصاد بنما لأن التعامل بالدولار في هذا البلد مسموح كيفما كان الى جانب وجود عملة محلية كما ان حدود بنما مفتوحة امام اي تاجر شرعي او غير شرعي للذهاب والاياب وهناك ايضا قناة بنما التي تعتبر شريانا عالميا بالاضافة الى وجود اعلى مستوى لتهريب المخدرات عبر حدود هذا البلد دون حسيب ورقيب.
وقد اعلن صندوق النقد الدولي في تقرير بشأن بنما في عام 2014 ان بنما فيها اكبر عمليات تبييض الاموال، كما يقول المراقبون ان بنما هي آخر بلد على وجه الارض يسمح بهذا القدر من التهرب الضريبي والنشاطات التجارية غير المسجلة وبهذا القدر والوسع.
ان الوثائق التي يتم التكلم عنها تحت اسم وثائق بنما هي فقط وثائق خاصة بشركة حقوقية واحدة في هذا البلد وهي شركة "موساك فونسيكا" التي اعلنت ان حواسيبها تعرضت للقرصنة من مكان في خارج بنما لكن رغم ذلك تواصل الشرطة البنمية تحقيقاتها لمعرفة كيفية حصول هذا التسريب الذي سمي باكبر تسريب معلومات في التاريخ وقد دخلت الشرطة الى مكاتب شركة موساك فونسيكا ايضا.
وتقدم هذه الشركة خدمات تتعلق بالحسابات الخارجية لرؤوس الدول وشخصيات عامة وسياسية أخرى، بالإضافة إلى أشخاص بارزين في الأعمال والشؤون المالية والرياضية. ويقال أن مكتب موساك فونسيكا ساعد رؤساء دول وشخصيات بارزة أخرى في التهرب الضريبي بإنشاء ملاجئ ضريبية غير قانونية في الأغلب.
ويبلغ عدد الوثائق السرية المسربة 11,5 مليون وثيقة، تاريخها يرجع إلى ما يقرب من 40 عاما وتتضمن معلومات حول أكثر من 214 ألف شركة خارجية. الوثائق لها صلة بأشخاص في أكثر من 200 بلدا وإقليما وتكشف عن تورط 143 سياسيا بأعمال غير قانونية مثل التهرب الضريبي، وتبييض أموال عبر شركات عابرة للحدود، بينهم 12 من قادة العالم الحاليين والسابقين، وتضم مستندات توثّق تحويلات بنكيّة سرية مع شركات وهمية بقيمة 2 مليار دولار.
اما ماذا تقول شركة موساك فونسيكا في هذا الصدد؟ تقول هذه الشركة في بيان اصدرته مؤخرا انها كانت ضحية لنقص في نظام حفظ المعلومات لديها، وتؤكد الشركة ان وثائق بنما لاتثبت بأنها قامت بعمل غير قانوني!