الوقت- لم تعكس قمة الدوحة أي انسجام بين الدول الست على مختلف القضايا بما فيها ماكانت تشهد تطابقاً في وجهات النظر سابقاً بين دولها، ويبدوا أن المجلس بدأ بالضعف في ظل لجوء الكثير من أعضائه إلى سياسيات أمنية وعسكرية مستقلة تحت عنوان استضافة قواعد أجنبية أمريكية وبريطانية وفرنسية.
ولم يستغرق مؤتمر الدوحة أكثر من ساعتين فقط وخرج بمؤشرات يدعو إلى التكاتف بين دولها لتقوم بواجبها حفاظاً على مكتسبات شعوبها وحماية أوطانها ومصالحهم، مما يعني أن الخلافات الموجودة كبيرة جداً، ولم تتكلل جهود القادة وأعمال القمة بنجاحات وبمستوى دقة المرحلة الراهنة وما يحيط بدوله من ظروف وتحديات في بالغ الخطورة.
وقد أثار اعتذار سلطنة عمان عن انعقاد القمة المقبلة في بلدها علامات استفهام حول أسباب هذا الاعتذار ومبرراته، لأن الجانب العماني لم يعطي أي تفسير رسمي كذلك الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي زاد من شدة التوقعات والتكهنات. مما يوحي بأن سلطنة عمان تنأى بنسفها تدريجياً عن مجلس التعاون الخليجي بهدوء وتبلور لنفسها هوية مستقلة بعد أن أصبحت لقيادتها قناعة راسخة وربما لشعبها أيضاً ويتصورون بأن المجلس التعاون استنفذ جميع أغراضه ولم يعد يقدم أي جديد لأعضائه وشعوبه، مما يؤكد ما نتصوره هو تغييب السلطنة عن اجتماع الرياض التمهيدي الاستثنائي في الشهر الماضي والذي أصدر الاتفاق التمهيدي لتسوية الخلافات بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، والذي أعاد سفراء البلدان الأخيرة إلى قطر بعد قطيعة وعمان فسرت غيابها بأن هذه القمة الاستثنائية لا تعنيها بالمطلق، لأنها لم تكن طرفاً في الخلافات الخليجية ولم تكن وسيطاً فيه.
إن السياسات العمانية واضحة المعالم وهم يحاولون الابتعاد عن الحروب والصراعات والمهاترات والمؤامرات ضد أي جهة أو دولة لا من قريب ولا من بعيد، ولم يثبت ذلك في العقود الماضية وتميزت سياستها بالاعتدال والاستقلالية وحرة في قراراتها وسيادتها وتفعل ماتراه مناسباً لأمنها ومستقبل شعبها، وهذه الاستقلالية والاعتدالية في الوقت نفسه تغيظ البعض من دول الخليج الفارسي وخاصة جارتها السعودية، لأن العمانيين اعترضوا على مقترح العاهل السعودي بتحويل مجلس التعاون إلى ((اتحاد)) رداً على رفض دول الخليج الفارسي على المقترح العماني بتشكيل قوات درع الخليج والتي تبنته القمة الأخيرة في الدوحة بعد ربع قرن، والمؤلف من 100 ألف جندي لتكن قوة دفاعية خليجية مشتركة، وقد سبق وأن اتهمت السلطنة الرياض والدوحة في دعمهم للجماعات الإرهابية ولهم اليد في مايجري في سوريا والعراق، وبشكل علني، وذلك في اجتماع القمة في الكويت سابقاً وقد اتهمت عمان بعض البلدان الخليجية بدعوة القوات الأمريكية وحلف الناتو طوع بنائها وأعطت تلك القوات الحصانة التي تسمح لها بالتحرك أين ومتى ماتشاء ويتجاهلون من أن هذه القوات تخدم مصالحها فقط ولا يلتفتون إلى مصالح شعوب المنطقة، وكما أعلنت تورط بعض دول التعاون بشكل مباشر في الحرب الدائرة رحاها في سوريا والعراق، وقد قالها وزير الخارجية العماني بن علوي بكل صراحة "ما الذي نستفيد من تدمير سوريا التي يتواجد فيها مقاتلون من ثمانين دولة ويدعم البعض هذه الجماعات. وما الذي نستفيده من التكفيريين الذين يشنون عمليات إراهبية في مصر والعراق وعاثو فسادا في ليبيا".
وتتهم عمان السعودية لأنها تريد أن يكون المجلس درعاً لها عندما تمر بأزمة بحجة تطويره ووفقاً لسياساتها. والواضح أن مجلس التعاون الخليجي يمر بفترة من الفتور نتيجة المشاكل التي لا تتمكن القمم السابقة حلها وتفاقم أوضاعها الداخلية وهو يقف على أبواب مرحلة صعبة للخلافات الشديدة بين مكوناته ويقف الغضب السعودي على مسقط ويمكن ملاحظته في الصحف اليومية الصادرة في الرياض وتزداد يوماً بعد يوم بعد الوساطة في الملف النووي الايراني وتتناغم التحديات التي تواجه قادته والتي قد تعصف بهذا المجلس وتؤدي إلى سرعة الاطاحة به وانحلاله، ولم تنتهي عند خطورة الانفراط بل بالمزيد من عدم الاكتراث واللامبالاة والاستخفاف السائد الغير مسؤول تجاه التهديدات الإرهابية وتمددها والتي أخذت تحاصر دولها.