الوقت - تحل علی الشعب البحريني الیوم (الـ14 من فبراير) الذكری الخامسة لانطلاق ثورة الـ14 من فبراير والتي إنطلقت عام 2011، للتخلص من نظام حكم أسرة آل خليفة التي لازالت تمارس السلطة في البحرين منذ ما يزيد علی 250 عاما، عبر النظام الملكي السلطوي الوراثي. حيث استمرت أسرة آل خليفة بالحكم علی الشعب البحريني خلال هذه الفترة دون مراعاة لأبسط مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي هذا النظام الملكي الذي يحکم البحرين يصبح الإبن، ملكا علی الشعب بعد موت الملك، الأب، وهكذا إستمرت هذه الملكية التي یعتبرها الكثير بانها تجسيد واقعي للديكتاتورية الواقعية، منذ قديم الزمان حتی الیوم، دون أن تشهد البحرين إنتخابات أو برلمانا منتخبةٌ أعضائه بشكل مباشر من قبل الشعب البحريني. ولمعرفة المزيد من تفاصيل ثورة الشعب البحريني ودور القوی العالمية في الحيلولة دون إنتصار هذه الثورة رغم دخولها عامها الخامس، اجری موقع الوقت حوارا مع المعارض البحريني، «جلال فيروز» المقيم في بريطانيا حول هذا الموضوع، ندعوكم لمتابعته.
الوقت: هل استطاع النظام البحريني أن يستنزف ثورة الـ14 من فبراير البحرينية ويحول دون إنتصار هذه الثورة؟
جلال فيروز: حسب المعطيات والظروف المحيطة بالثورة البحرينية، فان علی جميع المستويات، تعتبر هذه الثورة ناجحة حتی الآن، حيث أن كافة المقدرات والإمكانات هي موجودة لدی السلطة والنظام البحريني لديه الإمكانات المالیة والعسكرية وايضا بجانبه بعض الحلفاء الذين يناصرونه بالمال والسلاح والشأن السياسي، بمن فيهم السعودية علی المستوی الاقليمي، وبريطانيا علی المستوی الدولي. وعلی أساس هذه المعطيات ورغم أن المال الخليجي قد اسكت الإعلام العالمي من ان يغطي هذه الثورة ومن جهة اخری هنالك جحافل من الجيوش الاجنبية التي جلبت من أجل اخماد هذه الثورة ومع جميع هذه المعطيات نجد أن الحراك لازال مستمرا، والناس متواجدون في الساحات منذ خمس سنوات حتی الآن ولم يهنوا ولم يتراجعوا عن مطالبهم، سواء الشعب بشكل عام أو قواه السياسية. من أجل ذلك نعتقد أن هذا الحراك الذي لازال حياً هو في المحصلة النهائية ناجح. لا سيما إذا اضفنا الی ذلك أن المنظمات العالمية وكذلك المحافل الدولية تثبت أن هذا الحراك ناجح علی أساس أن صوت الشعب البحريني المظلوم والمضطهد لازال يتردد في هذه المحافل.
الوقت: هناك من يقول إن أحد الأسباب التي ادت الی هذه الفترة الطويلة من الثورة البحرينية دون أن تتمكن من اسقاط النظام البحريني، هو عدم وجود قيادة موحّدة لقيادة جميع التيارات المعارضة في البحرين، كيف تحلل مثل هذا الموضوع؟
فيروز: بعكس هذا الموضوع، النموذج البحريني في الحراك، نموذج فريد من نوعه. ليست هنالك خلافات او منازعات لدی فصائل الحراك البحريني، بل ان الجميع ملتزم تحت راية أصحاب السماحة علماء الدين وعلی رأسهم سماحة الشيخ علي قاسم في هذا المجال. لذلك اجد أن ليس هناك تناحر بين الفصائل. بل بالعكس فان هذا التعاضد والتعاون بين التيارات البحرينية أدی الی صلابة موقف الحراك وهذا الذي أدی الی عدم فتور الحراك او موته حتی بعد مضي خمس سنوات من القمع. ولكن أسباب عدم سقوط النظام بطبيعة الحال مسالة واضحة وعلی رأس هذه الأسباب وجود القوات السعودية في البحرين. ثانيا مدّ هذا النظام بالمال والسلاح والعتاد من قبل الانظمة الخليجية. والسبب الثالث يعود الی الدعم الذي يحصل علیه هذا النظام من قبل بعض الانظمة في العالم وعلی رأسها بريطانيا.
الوقت: كما أشرت فان الدعم الخارجي للنظام البحريني يعتبر أحد الاسباب الرئيسية في اطالة عمر النظام البحريني وأحد العوامل التي منعت سقوطه حتی هذه الفترة، كيف تفسر هذا الدعم من قبل الدول الاقليمية لنظام آل خليفة خاصة من قبل النظام السعودي؟، وما هي أسباب تخوف السعودية من سقوط النظام البحريني؟
فيروز: في الأساس فان النظام السعودي هو نظام سلطوي وإستبدادي وجاثم علی صدر الشعب السعودي، وهذا النظام يری بان أي تغيير في منطقة الخليج الفارسي نحو الديمقراطية وسيادة الشعب سيؤثر لا محالة علی وضع النظام السعودي الداخلي. هذا من جهة ومن جهة ثانية الانظمة الخليجية والعوائل المتسلطة علی رقاب الناس في الخليج، كلهم يؤازرون بعضهم البعض. من أجل هذين السببين، النظام السعودي فزع لمساعدة النظام البحريني منذ منتصف مارس 2011 الی هذا الیوم، وذلك لمنع سقوط هذا النظام (البحريني) او أن يحقق الشعب تطلعاته وآماله من أجل الوصول الی سيادته وكرامته وأن يكون له الشراكة في صناعة القرار في البحرين على الأقل.
الوقت: ايضا أشرت الی دعم الدول الغربية، هناك بعض هذه الدول ومن بينها بريطانيا تدعم النظام البحريني من خلال تزويده بالاسلحة الخفيفة وكذلك أدوات القمع والضرب مثل الهراوات التي تستخدم فقط من أجل قمع المتظاهرين، كيف تفسر مساندة بريطانيا للنظام البحريني، ضد شعبه؟
فيروز: للاسف الشديد فان النظام البريطاني هو نظام سلطوي وتاريخيا كان يدعم المستبدين مثل ما كان طوال ثلاثين (30) عاما يدعم نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا رغم وقوف كافة دول العالم بما فيها الدول الغربية ضد هذا النظام. النظام البريطاني ايضا يعتبر أن القضية والموضوع البحريني، هو مشروعه، ومن سلط نظام آل خليفة تاريخيا علی رقاب الشعب البحريني، هي بريطانيا، ولهذا تريد بريطانيا أن تقول للعالم إن مشروعها والنظام الذي أسسته في البحرين، هو مشروع ناجح. ومن ناحية ثالثة بريطانيا الان تحاول أن تسترجع مواضع اقدامها في منطقة الخليج الفارسي والشرق الاوسط. كما تبحث بريطانيا عن قواعد عسكرية في هذه المنطقة، ومن أجل ذلك انشأت بريطانيا قبل سنتين القاعدة العسكرية البحرية في البحرين. وايضا نجد بريطانيا تدعم النظام البحريني ليس فقط بتصدير وسائل القمع وإنما حتی بتزويد النظام ببعض المستشارين الذين يهيؤن له وسائل قمع الناس دون أن يتضرر سواء اقليميا او دوليا.
الوقت: هنالك بعض المتابعين ممن يقول إن السياسة الامريكية تجاه البحرين، لا تختلف كثيرا عن سياسة بريطانيا في هذا السياق، حيث تحاول واشنطن اخداع الرأي العام الدولي من خلال بعض انتقاداتها الخجولة للنظام البحريني بسبب ممارسته القمع، لكن في مقابل ذلك يلعب الاسطول البحري الخامس الأمريكي المتواجد في البحرين دورا أساسيا في دعم اسرة آل خليفة لتتمكن من الاستمرار في الحكم، كيف تنظر الی هذه التناقضات في السياسة الأمريكية تجاه تطلعات الشعب البحريني؟
فيروز: النظام الامريكي هو نظام خبيث وكثعلب يتلبس في ألوان مختلفة، ففي الظاهر يعلن أنه مساند لحقوق الشعوب من أجل نيل كرامتها ولكن في الباطن فهو يعمل علی تحقيق مصالحه الضيقة الخاصة علی حساب مصالح الشعوب. ففي الشأن البحريني فان النظام الامريكي يستفيد من أن هناك له موطئ قدم في البحرين، ودائما حتی في المحاورات لدی السياسيين الامريكيين يقولون إن النظام البحريني مطواع ومنفذ للرغبات الأمريكية، ولهذا فهم لايرغبون بان يكون هنالك تغيير لصالح الناس في البحرين. ومن جهة اخری فان الأمريكيين يعتبرون البحرين بمثابة جزءٍ من المنظومة التي تحافظ علی مصالحهم في المنطقة والتي تاتي علی رأسها السعودية، وهي التي تساند اقتصادهم عبر شراء الأسلحة واعطائهم النفط باسعار زهيدة. ومن أجل كل ذلك فان الأمريكيين يعتبرون وجود العائلة الحاكمة في البحرين مصدراً لاستقلال اقتصادهم، وبطبيعة الحال هذا الأمر يؤدي بهم بان لا يدعموا الحراك الشعبي في البحرين من أجل نيل كرامته وعزته.
الوقت: وفي النهاية كيف تستشرف مستقبل الحراك والثورة البحرينية رغم جميع ما تطرقت الیه خلال الاسئلة السابقة؟
فيروز: النظام البحريني متكئ علی جانبين من أجل حفظ كيانه. الجانب الاول المقدرات والامكانات المالیة التي يحصل علیها سواء ذاتيا او عبر الانظمة المساندة له. وايضا يعتمد علی التحالفات التي أنشأها ضمن الحلف الأمريكي الصهيوني في المنطقة. وعلی كلا المستويين، المستوی المالي والإقتصادي، نجد أن هنالك تغييرا كبيرا خلال هذه الفترة، نظرا لهبوط أسعار النفط وعدم وجود الإمكانات المالیة، فان النظام البحريني بات يعيش أزمة اقتصادية وايضا حلفاؤه يعيشون نفس الأزمة الاقتصادية، هذا من جانب. ومن جانب آخر هناك تحولات عسكرية وجيوسياسية في منطقة الشرق الاوسط تفرض تغيرا في التوازنات بين الاحلاف، لا سيما بين حلفي الممانعة في المنطقة والطرف الآخر الحلف الأمريكي الصهيوني. هذه التغيرات علی الجانب الإقتصادي والجانب الجيوسياسي يبشران بأن هناك ضعفا قد أصاب النظام البحريني ولابد أن هذا الضعف يقابله بالطرف الآخر قوة لهذا الشعب الذي صبر وصمد واستمر في حراكه طوال خمس سنوات ولم تستطع كافة ألوان وآلات القمع أن تخضعه وتركعه. ولذلك فإن الشعب في البحرين روحيته ومعنوياته عالیة وهو مستبشر بانه لابد أن يأتي الیوم القريب الذي يری فيه إنتصار حراكه وبلوغه مناه، ولاسيما أن شعبنا يعتمد علی الله سبحانه وتعالی الذي وعد المؤمنين بالنصر عندما قال «وكان علینا حقا نصر المؤمنين». وعلی هذا الاساس فان الأمل يسودنا بان حراكنا سيصل الی آماله خلال الفترة القادمة إن شاء الله.
