وسميت هذه الثورة بانتفاضة اللؤلؤ نسبة الى دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة الذي انطلقت منه التظاهرات في 14 /2/ 2011 والذي هُدِّم من قبل السلطات بعد أن أصبح رمزاً للثورة التي أطلق عليها أيضاً انتفاضة الورد احتراماً للنهج السلمي الذي يسلكه المتظاهرون في التعبير عن مطالبهم المشروعة.
ورغم سلمية الاحتجاجات لازالت السلطات البحرينية تلجأ الى قمع هذه الثورة باستخدام شتى الوسائل ومنها الذخيرة الحيّة، ما أدى حتى الآن الى استشهاد وجرح المئات من المتظاهرين بينهم الكثير من النساء والأطفال واعتقال ونزع الجنسية عن مئات - إن لم نقل آلاف - آخرين.
وساهمت ما تسمى قوات "درع الجزيرة" التي تقودها السعودية في قمع هذه الثورة التي يتصدرها شباب ائتلاف ثورة الرابع عشر من فبراير والجمعيات البحرينية المعارضة التي تطالب بالحرية والديمقراطية والإصلاحات السياسية.
وتطالب غالبية الشعب البحريني بإسقاط الدستور الذي أقره الملك حمد بن عيسى آل خليفة في فبراير/شباط 2001 والإفراج عن علماء الدين والنشطاء السياسيين المعتقلين وضرورة تداول السلطة عن طريق الانتخابات وإطلاق الحريات العامة لاسيما حرية التعبير عن الرأي ووقف التجنيس السياسي.
ولازالت أغلب مدن وقرى البحرين تشهد إحتجاجات شبه يومية لكنها تقمع بشدة من قبل السلطات، الى حد وصفه الكثير من المراقبين بأنه لا يطاق بسبب الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان والاعتقالات التعسفية وقتل المتظاهرين والكوادر الطبية والاستيلاء على المستشفيات من قبل قوات الأمن البحرينية.
ودانت كافة المنظمات الحقوقية والانسانية الدولية وفي مقدمتها (هيومن رايتس ووتش) و(أطباء من أجل حقوق الإنسان) استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين في البحرين، فيما أصدرت منظمة العفو الدولية تقارير كثيرة تؤكد استخدام قوات الأمن الذخيرة الحية لاستهداف المتظاهرين من مسافات قريبة في رؤوسهم وصدورهم والاعتداء على الطواقم الطبية التي تحاول مساعدة الجرحى.
وحتى الآن صدرت العشرات من التقارير التي تتحدث عن انتهاك حقوق الإنسان في البحرين من قبل نحو 20 منظمة بينها (اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق) و(الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان) و(أطباء بلا حدود) و(مجموعة الأزمات الدولية).
وخلال السنوات الاربع الماضية أحرقت السلطات البحرينية العشرات من المساجد والحسينيات في مختلف أنحاء البلاد في إطار حملة طائفية تستهدف المكوّن الشيعي بالدرجة الاولى. وقد وصفت هذه الجرائم من قبل المنظمات الحقوقية بأنها تمثل انتهاكاً صارخاً لجميع القوانين والاعراف الدولية.
كما اكدت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في البحرين المعروفة باسم (لجنة بسيوني) استخدام القوة المفرطة من قبل الاجهزة الامنية البحرينية في قمع المتظاهرين وتدمير منازل وممتلكات المعارضين. كما أشارت اللجنة في تقاريرها الى التعذيب البدني والنفسي الممنهج الذي تلجأ اليه السلطات ضد المعتقلين، وانتقدت بشدة عدم الإفصاح عن أسماء المتورطين في هذه الانتهاكات وطالبت بمعاقبتهم فوراً طبقاً للقوانين الدولية.
ويتندر الكثير من المراقبين بأنهم لا يتفاجأون بما يتعرض له المتظاهرون في البحرين من مجازر وحشية على يد قوات الجيش والأمن، لأن هذه القوات ليس لها أي مهمة لحفظ حدود الدولة المستباحة من قبل القواعد العسكرية الأجنبية لاسيما الامريكية، بل مهمتها تنحصر فقط في حماية عرش الملك!
ومن المهازل التي تقوم بها السلطات البحرينية، وما أكثرها، تصريح وزير الداخلية بأن القمع الوحشي الذي تمارسه قوات الامن يهدف الى منع الانزلاق إلى فتنة طائفية! فهو يذكرنا بممارسات وزارة الداخلية المصرية أبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك التي حاولت إشعال الفتنة الطائفية في البلاد بتفجير الكنائس من أجل بقاء النظام الدكتاتوري!
ويعتقد المتابعون للشأن البحريني أن استغلال (فوبيا الطائفية) من قبل سلطات هذا البلد، يؤكد بأنها هي التي تقف وراء الفتن الطائفية، وهي التي تؤججها لحماية نظامها الذي فقد صلاحيته واعتباره داخلياً وخارجياً.
فليست هناك فتنة طائفية في البحرين كما تدعي السلطات، وليس هناك تدخل أجنبي وراء التظاهرات كما تزعم، بل هناك شعب مضطهد يتطلع للخلاص من الاستبداد والاستئثار بالحكم والثروة ويرفض التجنيس السياسي الذي يهدف الى تغيير البنية الديموغرافية للمجتمع لترتيب أوضاع آل خليفة وترسيخ سلطانهم بعنصر أجنبي يكون ولاءه للحاكم لا للأرض والوطن.
وبعد استنفاذها لجميع أصناف القمع لم يبق أمام سلطات المنامة سوى الاستماع لصوت الشعب بكل مكوناته وشرائحه واحترام حقوقه في الإصلاح السياسي والإيمان بحقه في تقرير مصيره والعيش بحرية وسلام واستقرار في ظل حكومة منتخبة تحقق تطلعاته في العدل والمساواة بعيداً عن الطائفية المقيتة.