الوقت – فيما تزيد السعودية من مغامراتها خلال الاشهر الاخيرة، قال مستشار وزير الدفاع السعودي "احمد عسيري" الذي يعتبر متحدثا باسم العدوان على اليمن ايضا في مقابلة تلفزيزنية يوم الاربعاء الماضي ان السعودية مستعدة للمشاركة في اية عملية برية يقودها الائتلاف الامريكي في سوريا.
وقد قالت مصادر سعودية مطلعة لشبكة "سي ان ان" ان 150 الف عسكري قد استقروا في السعودية من اجل الدخول الى سوريا، ورحب وزير الدفاع الامريكي من جهته باعلان السعودية استعدادها لارسال قوات الى سوريا بعد ساعات من هذا الاعلان في وقت توقفت مفاوضات السلام بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة في جنيف وارجئت الى 25 فبراير بسبب عدم حصول تقدم.
وفيما سجل ايضا تحرك تركي على الحدود مع سوريا يعتقد بعض المراقبين ان التقدم الاخير للجيش السوري وتحرير بلدتي نبل والزهراء والمناطق التي كانت تعتبر شريانا حيويا للمسلحين هو الذي اغضب السعودية لكن هؤلاء المحللين يضيفون بأن التصريحات السعودية الاخيرة ليست واقعية وهي مناورة سياسية بحتة.
ان السعودية تشعر بمرارة الهزيمة بشكل اكبر من الماضي بعد التقدم الاخير للجيش السوري فتحرير نبل والزهراء يعتبر من اهم هزائم جبهة الارهاب وحماتها من السعوديين والاتراك وان هذا الغضب هو الذي ادى الى اطلاق السعوديين لمثل هذه التهديدات والتصريحات، ان استعادة الجيش السوري سيطرته على مناطق استراتيجية في حلب وتقدم الجيش السوري في الجنوب واستعادة مناطق استراتيجية في درعا اغضب السعوديين والاتراك لكن تحدث آل سعود عن نيتهم لتحرك عسكري في سوريا لا يتلائم مع قدراتهم والظروف التي يعيشونها لأن السعودية ليست في وضع يسمح لها ان تفتح جبهة جديدة للقتال الى جانب اليمن ولذلك اعتقد الخبراء منذ ظهور هذا الموقف السعودي بأنه تضخيم او مزحة سياسية.
وفي هذا السياق قال "أندرياس كريغ" من قسم الدراسات الدفاعية في كلية "كينغ" في لندن والذي يعمل ايضا مستشارا للقوات المسلحة القطرية : ان السعودية هي اعجز من ان تستطيع القيام بفعل شيء في سوريا، يمكننا القول ان السعودية هي الآن بمثابة ضحية تواجه الموت وهي تفعل كل شيء من اجل الفرار من الموت لكنها تعرض حياتها للخطر بشكل اكبر.
ان السعودية متورطة في اليمن منذ 9 اشهر وهي قد استقدمت قوات مأجورة من الدول الافريقية لالحاق الهزيمة باليمنيين لكنها لم تستطع تسجيل انتصار والان تدعي انها تريد ارسال قوات الى سوريا وهذا يعتبر امرا مستبعدا نظرا للاوضاع العسكرية الصعبة التي تعاني منها الرياض.
وهناك الان 3 خيارات امام السعودية اذا ارادت فعلا ان ترسل قوات الى سوريا فالخيار الاول هو ارسال هذه القوات عبر الاردن الواقعة جنوبي سوريا لكن هناك مشكلة رئيسية تعرقل هذا الامر وهي قيام الجيش السوري بتحرير منطقة الشيخ مسكين في درعا وهي منطقة استراتيجية في جنوبي سوريا ومن جهة اخرى يجب القول ان الاردن وعدت سوريا منذ بداية الازمة انها لن تفتح حدودها امام اية قوات عسكرية تريد الدخول الى سوريا، ولذلك يمكن القول ان دخول القوات السعودية من جنوب سوريا هو امر مستبعد.
اما الخيار الثاني امام السعوديين فهو الحدود الشرقية لسوريا والتي تقع الى جانب الاراضي العراقية لكن لايمكن للقوات السعودية ان تعبر الاراضي العراقية من اجل الدخول الى سوريا لأن العراقيين لن يسمحوا للسعودية بذلك ولذلك هذا الخيار يبدو ايضا بعيد المنال.
والخيار الوحيد المتبقي هو فقط شمال سوريا والحدود التركية لكن القضية هي ان الشريط الواقع قرب الحدود السورية في تلك المنطقة فيه اوضاع امنية خطيرة جدا ففي الايام الاخيرة حدثت موجة جديدة من نزوح اللاجئين السوريين نحو تركيا التي لا تستطيع السماح للقوات السعودية بأن تعبر اراضيها.
ومن جهة اخرى فإن دخول اية قوات من الشمال الى الاراضي السورية يحتاج الى الموافقة الروسية لأن روسيا تريد قطع العلاقات بين الجماعات المسلحة مثل داعش والنصرة مع تركيا، ان روسيا تريد انتشار الجيش السوري على الحدود مع تركيا ولذلك يبدو مستبعدا ان تدخل القوات السعودية الى سوريا عبر هذه المنطقة، وهكذا يتضح لنا ان تصريحات المسؤولين السعوديين حول ارسال قوات الى سوريا لم تكن سوى ردة فعل عابرة تجاه الانتصارات الاخيرة للجيش السوري.