الوقت- زيارة الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية عبد الله عبد الله الأخيرة إلى إيران والتي إلتقى خلالها بقائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي ورئيس الجمهورية حسن روحاني حملت في طياتها دلالات كثيرة عكست أهمية هذه الزيارة على كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية والأمنية.
فالزيارة وهي الثانية لمسؤول كبير في حكومة الوحدة الوطنية في أفغانستان إلى طهران خلال عام واحد بعد زيارة الرئيس الأفغاني (أشرف غني أحمد زي)، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات خاصة التبادل التجاري وتوفير الطاقة لأفغانستان وقضية المهاجرين الأفغان في إيران الذين يصل عددعم إلى نحو ثلاثة ملايين مهاجر بالاضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الجانبين.
ويمكن بحث أهمية هذه الزيارة من خلال عدة محاور أبرزها ما يلي:
المحور السياسي: حيث أكد قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي خلال إستقباله الرئيس التنفيذي لدولة أفغانستان أن حل المشكلات في هذا البلد يكمن في إتحاد القوميات والمسؤولين من كافة الطوائف والتوجهات السياسية، معتبراً في الوقت نفسه أن أمن واستقرار وتطور أفغانستان هو من أمن وتطور إيران، فيما إعتبر الرئيس روحاني العمل لحفظ واستمرار حكومة الوحدة الوطنية في أفغانستان بأنه مؤشر واضح على وعي السياسيين في هذا البلد، معرباً عن أمله في أن تتمكن هذه الحكومة من تحقيق التقدم في مختلف المجالات، مجدداً في الوقت ذاته إستعداد طهران لمواصلة دعمها للشعب والقيادة الأفغانية لبلوغ هذا الهدف.
من جانبه أشاد الرئيس التنفيذي الأفغاني خلال هذه اللقاءات بدعم إيران للحكومة والشعب الأفغاني، معرباً عن أمله بتهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين الأفغان إلى بلادهم. كما أكد عبد الله عبد الله على ضرورة الإسراع بتوقيع وثيقة تعاون شاملة بين البلدين وتشكيل لجان مشتركة لدراسة سبل تطوير آفاق التعاون في شتى المجالات.
المحور الاقتصادي: تم التأكيد في هذه الزيارة على أهمية الاستفادة القصوى من میناء جابهار (جنوب شرق إیران) لتنمیة وتطوير الجوانب الاقتصادية والتجارية بين البلدين على الصعيدين الداخلي والخارجي لما يتمتع به هذا الميناء من موقع إستراتیجي حيوي وبسبب قربه من أفغانستان، وهو ما أكده الرئیس التنفیذي للحکومة الأفغانیة خلال زيارته للميناء، معلناً في الوقت ذاته بأن بلاده تسعى أيضاً لربط خطوط الطاقة والکهرباء وسکك الحدید بين الجانبين.
من جهة أخرى وإثر لقائه وزير التجارة والصناعة الأفغاني (همايون رسا) الذي رافق الرئیس التنفیذي للحکومة الأفغانیة في هذه الزيارة، أشار وزير النفط الإيراني بيجن زنكنة إلى أن البلدين بحثا سبل رفع مستوى صادرات زيت الغاز الإيراني إلى أفغانستان إلى مليون طن سنوياً والذي يبلغ 200 ألف طن في الوقت الحاضر، فيما أعلن وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني (محمد رضا نعمت زادة) خلال إستقباله وزير التجارة الأفغاني إستعداد طهران لإنشاء مدن صناعية في أفغانستان وتأسيس شركات مشتركة لصادرات المحاصيل الزراعية بين البلدين. كما تم خلال الزيارة بحث سبل التعاون في مجالي المياه والبيئة.
المحور الأمني: بحث الجانبان الإيراني والأفغاني خلال زيارة عبد الله عبد الله إلى طهران سبل تعزيز التعاون لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط بشكل خاص على الحدود بين البلدين خصوصاً بعد إنتقال عناصر من تنظيم "داعش" الإرهابي إلى أفغانستان، فيما تم التأكيد على ضرورة رفع مستوى التنسيق والتعاون الشامل للسيطرة على المناطق الحدودية لمنع تهريب المخدرات.
المحور الثقافي والعلمي: تم التأكيد في هذه الزيارة على ضرورة تمتين العلاقات الثقافية والعلمية بين الجانبين والإستفادة القصوى من الروابط التاريخية والثقافية العميقة بين شعبي البلدين. وتجدر الاشارة في هذا المجال إلى أن عشرات الآلاف من الطلبة الأفغان يواصلون تحصيلهم في المدارس والجامعات والحوزات العلمية في إيران في الوقت الحاضر، وهو مؤشر واضح على العلاقة الودية بين الدولتين، وهو يشكل فرصة ثمينة لإعداد الكوادر العلمية المتخصصة التي تتطلبها عملية التنمية وإعادة البناء في أفغانستان في مختلف المجالات.