الوقت- رغم اتفاق وقف إطلاق النار، فقد انتهك الكيان الصهيوني وقف إطلاق النار بشكل متكرر خلال اليومين الماضيين، الأمر الذي أدى إلى رد فعل من جميع الأطراف، وخاصة حزب الله اللبناني، وكما كان متوقعا، لم يلتزم الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار، ومنذ البداية، عندما اضطر جيش هذا الكيان إلى الانسحاب من جنوب لبنان، انتهك الصهاينة وقف إطلاق النار مرة أخرى، وفي بعض هذه الحالات كانت هناك تحركات إعلامية، لانتهاكات وقف إطلاق النار؛ ولقد شهدت مناطق بيروت والضاحية الجنوبية ومرجعيون وبنت جبيل في محافظة النبطية وصور وصيدا قصفاً مدفعياً وتحليق طائرات مسيرة ومقاتلات وإطلاق نار ومهاجمة بعض المناطق وتسوية الطرق بالجرافات وإضرام النار في السيارات، ولقد تركزت تلك الهجمات في الجنوب ومنطقة بعلبك في محافظة بعلبك ومحافظة الحرمل.
وفي اليوم الأول لوقف إطلاق النار، انتهك الجيش الإسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار في عدة أماكن وروع اللبنانيين أثناء عودتهم إلى منازلهم، كما تعرضت مستوطنتي "عيتا الشعب" ومدينة "بنت جبيل" لقصف مدفعي إسرائيلي الليلة الماضية، ونفذ المحتلون هجمات بقذائف الهاون في محيط عيتا الشعب وبلدتي "مارون الراس" و"عيترون" في جنوب لبنان، وفي اليوم الثاني، أصدر الجيش الصهيوني بياناً حذر فيه أهالي جنوب لبنان من التحرك نحو بلدات الجنوب والمناطق الحدودية حتى إشعار آخر، وهدد بأن كل من يتحرك جنوباً من هذا الخط سيعرض نفسه للخطر، وهي مسألة تتعارض تماما مع اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي اليوم الثالث، أعلنت مصادر لبنانية إصابة شخصين بإطلاق القوات الصهيونية الرصاص على مواطنين لبنانيين في مدينة بنت جبيل جنوب لبنان، كما أفاد مراسل صحيفة النشرة في جنوب لبنان بإطلاق نار في محيط عيترون من محور المالكية، وفي حادثة أخرى، استهدف جنود صهاينة مدنيين لبنانيين في منطقة الخيام بجنوب لبنان خلال تشييع أحد أهالي هذه المدينة، وحسب التقارير، أطلق الجيش الإسرائيلي أيضًا قذيفة مدفعية باتجاه مدينة الخيام، وبدأ أحيانًا في إطلاق النار من أسلحة رشاشة في هذه المدينة.
وفي اليوم الرابع، أفادت وسائل الإعلام اللبنانية بأن دبابات الكيان الصهيوني دخلت محيط بلدة "إيتورون" وحاولت إساءة استخدام اتفاق وقف إطلاق النار للوصول إلى منطقة لم تتمكن من دخولها قبل وقف الأعمال القتالية، كما أشارت بعض التقارير إلى أن جنود الاحتلال حاصروا عائلة في منزلهم، وبعد تقدمهم أيضاً باتجاه ضاحية عيترون الشرقية، حاصروا مواطناً داخل سيارته في منطقة "معراج العبد" وأجبروه على مغادرة المنطقة.
وفي اليوم الخامس، قام الكيان الصهيوني، في أعقاب الانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار، بشن غارات جوية على مدينة الخيام، وفي حالات أخرى، نشر جيش هذا الكيان مدرعاته في بعض الأماكن والقرى في جنوب لبنان، وهو ما كان جزءا آخر من أعمال الكيان الصهيوني لانتهاك وقف إطلاق النار اللبناني.
كما واصل الصهاينة خرق وقف إطلاق النار بتحليق طائرات تجسسية مسيرة على ارتفاعات منخفضة ومتوسطة طوال اليوم في سماء الأحياء الوسطى والضاحية الجنوبية لبيروت، وبعد وقف إطلاق النار، حلقت طائرات لبنان و"إسرائيل" على علو منخفض من سماء بيروت وضواحيها الجنوبية.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية قبل عدة أيام عن استشهاد مواطن لبناني في الهجوم الجوي الذي شنه الكيان الصهيوني على منطقة "مرجعيون" جنوب هذا البلد، كما أعلنت المديرية العامة للأمن اللبناني في بيان لها: أن طائرة العدو الصهيوني المسيرة استهدفت أحد عناصر الأمن اللبناني يدعى مهدي خريس، وهو ما يشكل انتهاكا واضحا لاتفاق وقف إطلاق النار، وجاء في هذا البيان: أن هذه الطائرة المسيرة استهدفت خريس بصاروخ موجه، ما أدى إلى استشهاده، ويشكل هذا الهجوم تصعيدا خطيرا للتوتر وانتهاكا واضحا لسيادة لبنان.
وأشار رئيس مجلس النواب اللبناني إلى أن عدد الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار من قبل هذا الكيان بلغ أكثر من 52 خرقا، وأضاف إن تصرفات جنود الكيان الصهيوني تعد انتهاكا واضحا لاتفاق وقف إطلاق النار ولا يجب أن تستمر، وأكد نبيه بري أنه تم إجراء اتصالات مع المنظمات الدولية المعنية للتعامل مع هذه الخروقات من قبل عسكريي الكيان الصهيوني، ونأمل مع استكمال لجنة المراقبة، في حال انضمام الفرنسيين إليها، أن يؤدي ذلك إلى وقف هذه الانتهاكات.
وحسب مصادر لبنانية، فقد استشهد خلال هذه الهجمات والانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار، ثلاثة مواطنين لبنانيين وأصيب العشرات من المدنيين، وأخيراً، بعد هذه الإجراءات، قام حزب الله اللبناني بأول رد فعل له على انتهاك وقف إطلاق النار من قبل الكيان الصهيوني.
أكدت مصادر عبرية أن حزب الله اللبناني أطلق صاروخين على الأراضي المحتلة في منطقة حردوف، وأصدر حزب الله اللبناني بيانا بهذا الخصوص وأعلن: "أن العدو الإسرائيلي خرق مرارا اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي أعلن عنه فجر الأربعاء الـ 27 من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وجرت هذه الانتهاكات بطرق مختلفة، منها إطلاق النار على المدنيين، وغارات جوية في مناطق مختلفة من لبنان، واستشهاد بعض المواطنين وإصابة عدد من الأشخاص على إثرها، واستمرار خروقات المقاتلات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، بما فيها بيروت".
وجاء في استمرار هذا البيان: "وعلى إثر هذه الخروقات المتكررة، ونظراً لعدم نتيجة الرجوع إلى الجهات المعنية بشأن وقف هذه الأعمال غير المشروعة، قامت المقاومة الإسلامية بالرد الدفاعي الأولي على تحذير، مساء يوم الإثنين، وقام باستهداف موقف قيادة الأركان عقب قيام العدو الإسرائيلي باستهداف كفر شوبا اللبنانية في التلال المحتلة".
وأكد حزب الله اللبناني، في بيان له، مساء الأربعاء، أنه سيراقب انسحاب جيش الكيان الإسرائيلي من جنوب لبنان، وأكد أن مقاتلي حزب الله على أتم الاستعداد لمواجهة أطماع العدو وهجماته، وكتب بيني غانتس، السياسي ووزير الحرب السابق في الكيان الصهيوني، ردا على هجوم حزب الله: "الآن هو وقت الاختبار، إذا لم نظهر رد فعل قوياً ضد الحكومة اللبنانية، فسنعود إلى المعادلات الماضية، وسبق أن قال بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، إن وقف إطلاق النار مع لبنان لا يعني نهاية الحرب وقد يكون قصيرا".
ويقال إن عاموس هوشستاين، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، نقل رسالة إلى سلطات هذا الكيان بشأن خرق "إسرائيل" لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، كما ذكرت شبكة “كان” الصهيونية أن فرنسا أرسلت جنرالا إلى المنطقة مع فريق خاص لتشكيل آلية لمراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار في لبنان.
وأضافت هذه القناة الإسرائيلية إن تحليق طائرات مسيرة إسرائيلية فوق بيروت في الأيام الأخيرة أثار غضب فرنسا، وقد أثيرت هذه القضية في المحادثات بين الجانبين ومسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى مع السلطات الصهيونية.
وينبغي أن نرى ما الذي سيفعله وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار للسيطرة على الكيان الصهيوني من أجل منع الانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار وإشعال الصراعات من جديد في جنوب لبنان، وأظهر الرد الصاروخي لحزب الله اللبناني أن المقاومة لم تصمت أمام تصرفات الصهاينة، بل ردت على أي مخالفات بالشكل المناسب، وفي إشارة إلى حزب الله اللبناني، كتب إسرائيل هيوم في تقريره الأخير: حزب الله لا يزال عند مستوى يمكنه من الاستمرار في إطلاق الصواريخ والهجمات الصاروخية إذا قرر ذلك.