الوقت- رغم الالتزام بوقف إطلاق النار والانخفاض النسبي للتوتر في جنوب لبنان، والذي بالطبع انتهكه الصهاينة عدة مرات ورافقه رد مضاد من حزب الله اللبناني، إلا أن المقاومة في اليمن تواصل إظهار إرادتها الثابتة في طريق الدفاع والتضامن مع شعب فلسطين المظلوم أمام العالم، ولا يزال طريق التجارة البحرية للكيان الصهيوني والدول الداعمة له في البحر الأحمر باتجاه مضيق باب المندب وخليج عدن غير آمن وغير مستقر؛ ولا تزال العديد من شركات الشحن الكبرى في العالم، والتي تعمل بما يتماشى مع مصالح "إسرائيل" والدول الغربية، لا تملك الشجاعة لتمرير عدد كبير من سفنها عبر البحر الأحمر، ويتم استهداف السفن المعنية من قبل وحدة الصواريخ التابعة لأنصار الله، من وقت لآخر، كما تتواصل بقوة هجمات الجيش اليمني الصاروخية والطائرات المسيرة على قلب الأراضي المحتلة.
إعادة تسلل طائرة يافا من دون طيار إلى قلب "إسرائيل"
نُشرت قبل عدة أيام صور مثيرة للاهتمام لطائرة من دون طيار انتحارية تضرب بلدة يفنه وسط الأراضي المحتلة وبين مينائي أشدود وتل أبيب، والنقطة المثيرة للاهتمام في هذا الحادث هي أن أيًا من أنظمة الدفاع والرادار التابعة للكيان الصهيوني لم ترصد وصول هذه الطائرة من دون طيار ولم يتم إطلاق أي صفارة إنذار في المدينة.
في البداية، لم تكن المصادر الصهيونية تعرف حتى اتجاه الهجوم (العراق أو اليمن)، لكن بعد ساعات، اعترف الجيش الصهيوني رسميًا بوصول هذه الطائرة من دون طيار من اليمن، ويقول الصهاينة إن هذه الطائرة من دون طيار من طراز "يافا"، وبعد إطلاقها من اليمن وعبور سماء مصر وتجاوز قطاع غزة عبر ساحل البحر الأبيض المتوسط، دخلت أجواءهم وأصابت الهدف.
واعترفت المصادر الصهيونية أنه على الرغم من الاشتباه في وجود جسم طائر عدة مرات، وحتى الطائرة الإسرائيلية تم إطلاقها لاعتراضها المحتمل، إلا أنها لم تتمكن في النهاية من تحديد هدف المهاجم، ونتيجة لذلك، لم تتمكن أي من الطائرات الإسرائيلية من تحديد هدفها، نظام الدفاع ولا صفارة الإنذار لم يتم تفعيلها، وهذه هي المرة الثانية التي تتمكن فيها الطائرات الانتحارية المسيرة التابعة لعائلة يافا التابعة للجيش اليمني من تجاوز الدفاع الجوي للكيان الصهيوني وضرب أهدافها في قلب الأراضي المحتلة.
توعد الإعلام الصهيوني بهجمات كبيرة على الأراضي اليمنية
وفي الأيام القليلة الماضية، أطلقت جماعة أنصار الله اليمنية، في عدة حالات، صواريخ نصف فلسطينية تفوق سرعتها سرعة الصوت باتجاه جنوب وشمال الأراضي المحتلة؛ وتشعر السلطات ووسائل الإعلام الصهيونية بغضب شديد إزاء هذه الهجمات وتتوعد باتخاذ إجراءات صارمة ضد الأراضي اليمنية، وفي الأشهر الماضية، قصفت طائرات سلاح الجو الصهيوني ميناء الحديدة اليمني مرتين.
وفي الهجوم الأول استهدفت صهاريج الوقود الخاصة بميناء الحديدة، وفي الجولة الثانية، تم استهداف بعض منشآت الكهرباء والطاقة في هذه المحافظة بغارات جوية صهيونية، إلا أن هذه الهجمات لم توقف دعم الشعب اليمني وجيش الأمة الفلسطينية، والآن يتحدث الصهاينة في وسائل الإعلام التابعة لهم عن التخطيط لهجمات أكبر وأثقل على الأراضي اليمنية، بل إن بعض المصادر تزعم أن "إسرائيل" تعتزم استخدام أكثر من 200 طائرة حربية في هجماتها الجديدة على الأراضي اليمنية، والتي قد تشمل أهدافًا في صنعاء وصعدة.
وقال مصدر عسكري مطلع، إن العملية الجديدة أكدت أن قوات صنعاء تمتلك قدرات عسكرية تمكّنها من استهداف أي هدف في مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما حملت رسالة إلى العدو الإسرائيلي بأن وتيرة الهجمات اليمنية تغيّرت لتصبح شبه يومية، مؤكداً خلوّ البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي من أي سفن تابعة للكيان الإسرائيلي أو مرتبطة به، وهو ما يؤكد إحكام الحصار اليمني البحري على الملاحة الإسرائيلية، وجاء التصعيد اليمني الأخير، في ظل تداول وسائل إعلام عبرية، أمس، تصريحات لمسؤولين عسكريين إسرائيليين تتحدّث عن ترتيبات يقوم بها الكيان لشن عدوان كبير على اليمن.
تزامن ذلك مع كشف العدو عن تصاعد الأضرار الناتجة من استمرار الحظر اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، إذ أقرّ مسؤول في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي، في حديث إلى صحيفة معاريف، بخطورة الهجمات اليمنية على البنى التحتية لـ"إسرائيل"، وأشار إلى أن تدخّل اليمن إلى جانب غزة كان مفاجأة للكيان، مضيفاً إن أحداً لم يتوقّع قبل الحرب أن يكون التهديد من اليمن بهذا الشكل.
وتحدّث المسؤول عن أن القوات المسلحة اليمنية حاولت تدمير البنى التحتية الحيوية لـ"إسرائيل" مثل الموانئ البحرية في أسدود وحيفا وإيلات ومنصات الغاز، مضيفاً إن اليمن أطلق أكثر من 300 صاروخ ومسيّرة ضد أهداف إسرائيلية منذ بداية الحرب، وأوضح أن الطائرات المسيّرة تُعتبر صعبة بشكل خاص في ما يتعلّق بأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، والإسرائيليون ليس لديهم شعور كاف بالأمان، لأن هناك تحدياً في اكتشاف ومعرفة المكان الذي تحلّق فيه تلك الطائرات.
في خضم تغييرات دراماتيكية تشهدها الساحة، تزداد المخاوف الإسرائيلية من تنامي القوة العسكرية اليمنية التي أظهرت قدرتها على تحقيق إنجازات عسكرية متقدمة تجاوزت الحدود الإقليمية، فقد أصبحت اليمن تمثل قوة قادرة على إحداث تحول في ميزان القوى في المنطقة، ومع استمرار الاحتدام في الصراع مع العدو الإسرائيلي، تُبرِز الاعترافات في الكيان الصهيوني ومن إليه مدى عجزهم عن إحداث تغيير في المعركة البحرية، آخرها اعترافات “رئيس نظام الدفاع الجوي” للكيان الصهيوني لتعكس حجم القلق الذي يعيشه هذا الكيان نتيجة هذه التطورات المتسارعة.
خلال الفترة الماضية -وبالتحديد منذ أكتوبر 2023- نفذت القوات المسلحة اليمنية سلسلة من العمليات الهجومية المركزة التي استهدفت البنية التحتية الحيوية الإسرائيلية، وقد شملت هذه العمليات -وضمن مسار متصاعد- ضربات منتظمة في خمس مراحل تصعيدية في العمق الصهيوني استهدفت الموانئ البحرية في أسدود وحيفا و”إيلات” ومنصات الغاز، فيما اعتبر جنرالات العدو أن الهدف من الضربات اليمنية تجاوز الرغبة في تحقيق انتصارات عسكرية، وتتعدى إلى غاية أكبر هي التأثير على اقتصاد الكيان الإسرائيلي وأمن وجوده المؤقت، حيث أكد المسؤول الإسرائيلي أن اليمنيين “لم يترددوا في محاولة مهاجمة البنية التحتية الحيوية” للكيان، في إشارة إلى إصرارهم على تفعيل معادلة توازن جديدة ترسخ من موقفهم في الصراع.
ووصلت القدرات اليمنية إلى ضرب قلب كيان العدو الصهيوني “يافا” والتي يسميها “تل أبيب” وكذلك قصف موانئه ومنشأته العسكرية والحيوية على امتداد الجغرافيا الفلسطينية بالصواريخ فرط الصوتية والطائرات المسيرة عالية التقنية وذات القوة التدميرية العالية.