الوقت- إن جريمة اغتيال الشهيد إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية، عدا عن أبعادها الأمنية، لها أبعاد قانونية وسياسية يمكن التحقيق فيها أكثر، ويعتبر اغتيال مسؤول أجنبي على أراضي دولة أخرى، وهو ضيف على الحكومة المضيفة، انتهاكا للسيادة العليا لتلك الدولة، وفقا للقانون الدولي، لكل دولة الحق في السيادة والأمن على أراضيها، وأي عمل عسكري أو استخباراتي أجنبي دون إذن يمكن اعتباره انتهاكا لهذا الحق.
وكان إسماعيل هنية، القيادي البارز في المقاومة الفلسطينية، يحمل جواز سفر دبلوماسياً وكان لاحقاً ضيفاً رسمياً على الحكومة ورئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفقا لقواعد القانون الدولي، التي يقرها وينفذها النظام الدبلوماسي لجميع دول وحكومات العالم، يتمتع الأشخاص الدبلوماسيون والمسؤولون الدبلوماسيون في دولة أجنبية بالحصانة ولا يجوز الاعتداء عليهم، وتقع على عاتق الحكومة المضيفة مسؤولية الحفاظ على أمنهم.
وكان الشهيد إسماعيل هنية زعيما لمنظمة تتمتع بالشرعية السياسية لدى الشعب الفلسطيني، وحصلت على أغلبية الأصوات في الانتخابات الأخيرة للمجلس التشريعي الفلسطيني، ولهذا السبب فإن المنظمة أو المؤسسة التي تتولى السلطة بأصوات المجتمع وأهل أرض ما تعتبر الممثل الرسمي والشرعي والمقبول لشعب تلك الأرض، ولهذا السبب تتمتع بمكانة خاصة وامتيازات وحصانات الحكومة في النظام الدولي فهي رسمية وسيكون لممثليها حصانة دبلوماسية.
الحصانة الدبلوماسية هي نوع من الحصانة القانونية التي يتعهد فيها البلدان لبعضهما البعض بأن الدبلوماسيين وكبار المسؤولين الحكوميين لن يحاكموا بعضهم البعض، وقد تم إنشاء هذه الحصانة كقانون دولي يستند إلى اتفاقية فيينا للعلاقات السياسية، ولكن قبل ذلك أيضًا خلال تاريخ طويل في العلاقات بين الدول.
ومن هذا المنطلق فإن حماس منظمة رسمية تستمد شرعيتها من الشعب الفلسطيني ولها بنية سياسية داخلية وخارجية، ودولة فلسطين معترف بها من أكثر من 140 دولة في العالم، ولذلك فإن المسؤولين السياسيين المرتبطين بهذه المنظمة يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية ولا يحق لأي منظمة أو مؤسسة أجنبية المساس بهم في أراضي دولة أجنبية، (تجدر الإشارة إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر الكيان الصهيوني كياناً إرهابياً ولا تعترف بأي سيادة سياسية عليه).
إن قيام الكيان الصهيوني باغتيال الشهيد إسماعيل هنية القائد الرسمي لمنظمة حماس الفلسطينية يشكل انتهاكا واضحا وجسيما للعديد من مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وفي المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، أثيرت مسألة احترام سلامة الأراضي والاستقلال السياسي وسيادة الدول، لكن الكيان الصهيوني باغتيال الضيف الرسمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، انتهك هذا المبدأ وانتهك سيادة إيران.
جدير بالذكر أنه وفقا لقواعد القانون الدولي، وبما أن الحفاظ على أمن المسؤولين الأجانب يقع على عاتق الدولة المضيفة ويجب على الحكومة المضيفة ضمان حصانتهم، فقد قام الصهاينة باغتيال إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس، في عملية عدوانية، لا تعد انتهاكًا لسيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية فحسب، بل تعتبر بمثابة عمل مسلح ضد المسؤولين ورجال الدولة، العسكريين والمدنيين، وسلامة أراضي الجمهورية الإسلامية وسيادتها، وبمجملها، تعتبر غزواً عسكرياً.
ووفقاً لقواعد القانون الدولي في العالم، والتي استخدمتها العديد من الحكومات من قبل، فإن جمهورية إيران الإسلامية، كحكومة رسمية وفي إطار قوانين "الدفاع الشرعي"، يمكنها الرد على هذا العمل الذي قام به الكيان الصهيوني.
وبالنظر إلى سجلات شر الكيان الصهيوني واستمرار هذه الأعمال والهجوم السابق على القنصلية الإيرانية في دمشق، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مطالبة بالرد بشكل حاسم على الكيان الصهيوني في إطار قضية "الدفاع الشرعي" لمنع تكرار هذه التصرفات ولتعزيز أمنها وسلطتها ومن الشروط المنصوص عليها في الدفاع الشرعي:
1- الغزو العسكري الأجنبي
وكما جاء في المادة 51، فإن وقوع الهجوم العسكري هو الشرط الأساسي للقيام بالعمل العسكري في إطار الدفاع المشروع، فالدفاع المشروع يجب أن يسبقه هجوم عسكري، كما فعل الصهاينة باغتيال إسماعيل هنية.
2- الدفاع الشرعي ضروري
وهذا يعني أن الدفاع المشروع يمكن أن يتم عندما لا تكون هناك طرق دبلوماسية ومدنية لحل العدوان، على مر السنين، وكذلك في الأشهر الأخيرة، أثبت الكيان الصهيوني أنه لا يعترف بأي حل دبلوماسي أو مدني، وفي وقت سابق، استهدف هذا النظام مبنى القنصلية الإيرانية في سوريا في عمل غير قانوني.
3- يجب أن يكون الدفاع الشرعي في أسرع وقت ممكن
ولكي يكون الدفاع مشروعاً، يجب أن يكون فورياً، ويتم بسرعة بعد عدوان الطرف الآخر.
والآن أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنها تعتزم الرد على تصرفات الكيان الصهيوني في إطار قانون الدفاع المشروع، ولا شك أن هذا الإجراء الذي قام به الكيان الصهيوني، والذي يعادل اغتيال مسؤولين إيرانيين واعتداء مباشرا على سيادة إيران، يجب الرد عليه بقوة وإصرار، حيث إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم ترغب أبدا في الحرب، ولذلك فهي لم تبدأ أي حرب، لكنها تدافع عن سلامة أراضيها واستقلالها وسيادتها ضد أي تهديد ولن تترك شرور أعدائها دون رد.