الوقت- إن هجوم المقاتلات الإسرائيلية على ميناء الحديدة في اليمن لم يؤثر على استمرار دعم هذه الدولة العربية المقاومة للشعب الفلسطيني ولا يمكن أن ينعش قوة الردع للكيان الصهيوني، بعد أن خلق هجوم الطائرات دون طيار للقوات المسلحة اليمنية على قلب تل أبيب موجة من الخوف في قلوب الصهاينة، وعلى وجه الخصوص، خلف هذا الهجوم اليمني قتيلاً وتسعة جرحى، وزعم الصهاينة في تقديراتهم الأولية أن الهدف الرئيسي لهذا الهجوم كان القنصلية الأمريكية في تل أبيب، إلى جانب كل العواقب التي سيحدثها هذا الهجوم والتغييرات التي سيجلبها، فإن عدم حدوث تغيير في موقف أنصار الله والقوات المسلحة اليمنية لافت للنظر.
رد الكيان الصهيوني
وفي نفس التقدير الأولي للهجوم بطائرة "يافا" المسيرة على قلب تل أبيب، أعلن نتنياهو أنه سيهاجم اليمن بشكل مباشر، وكان رد الصهاينة بهجوم جوي على مدينة الحديدة جنوب غرب اليمن وهو الهجوم الذي قام به الطيران الجوي الصهيوني والذي حلق لمسافة ألفي كيلومتر قامت به ما يقرب من 30 مقاتلة تابعة للكيان الصهيوني، وحسب المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، فقد تم في هذا الهجوم استهداف محطة كهرباء مدينة الحديدة وميناء الحديدة وخزانات الوقود في هذه المدينة وجميعها أهداف مدنية.
وجاء هذا الهجوم ضد اليمن بعد يوم من إعلان الجيش اليمني مسؤوليته عن هجوم عسكري بطائرة دون طيار على مناطق في تل أبيب، وفي هجوم بطائرة دون طيار للجيش اليمني على تل أبيب، ثاني أكبر مدن الكيان الصهيوني، قُتل شخص واحد على الأقل وأصيب العشرات، وأعلنت اليمن أنها نفذت هذا الهجوم ردا على استمرار حرب وجرائم الكيان الصهيوني ضد غزة.
وحسب تقرير القناة 12 الصهيونية، فإن طائرة هجومية دون طيار بعد رحلة طويلة وتحركها في عمق الكيان الصهيوني ضربت مبنى في تل أبيب في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، ما أدى إلى مقتل صهيوني وإصابة 10 آخرين، وأصابت هذه الطائرة دون طيار مبنى عند مفرق شارع شالوم إيخام وبن يهودا، دون إطلاق صفارات الإنذار، ولاحظ المستوطنون الهجوم بعد سماع دوي انفجار قوي، وحسب الشهود فإن قوة الانفجار كانت كبيرة لدرجة أنه أمكن سماع صوته في المناطق المحيطة بتل أبيب.
قد لا يمكن مقارنة الأضرار التي سببها الهجوم اليمني على الكيان الصهيوني بالضرر الذي ألحقه بميناء الحديدة، لكن تكلفة هاتين العمليتين لا يمكن مقارنتها أيضًا، لقد كلفت العملية الصهيونية أضعافاً مضاعفة، واستخدم الصهاينة في هذا الهجوم 30 من طائراتهم المقاتلة المتطورة، التي أطلقوا عليها اسم "الذراع الطويلة" لإسرائيل، حيث تجاوزت طائرة يمنية دون طيار تبلغ قيمتها آلاف الدولارات جميع أنظمة الدفاع المتقدمة للكيان الصهيوني، ما أجبرهم على أخذ طائراتهم المقاتلة الثلاثين التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات إلى مسافة أكثر من 2000 كيلومتر واستهداف عدة أهداف مدنية في مدينة ساحلية.
رد فعل اليمنيين على هجوم الكيان الصهيوني
إن رد فعل اليمن على هجوم الكيان الصهيوني هو قضية يمكن التحقيق فيها ودراستها؛ لأن رد الفعل هذا سيحمل معه عواقب تجعل مستقبل المنطقة يخضع لتطورات جديدة لم تكن موجودة في الحسابات القائمة.
التركيز على العمل الإعلامي ومنع العدو من نشر الأكاذيب
وكان أول إجراء اتخذه الجيش اليمني بعد هجوم الكيان الصهيوني هو الإعلان عن المواقع المتضررة في هجوم الكيان الصهيوني، وكما ذكرنا في الفقرة السابقة فقد أعلنت حكومة صنعاء عن المناطق المتضررة وعدد الشهداء والجرحى حتى لا تتاح للعدو فرصة نشر الأكاذيب والعمليات النفسية على هجومه، وهذا يدل على أن اليمنيين استعدوا لمثل هذه المواقف ولن يسمحوا للعدو باستغلالها باليقظة والتخطيط المسبق.
استمرار المقاومة اليمنية
النقطة الثانية هي تأكيد اليمنيين على استمرار المقاومة ضد الكيان الصهيوني، ولم يكتف اليمنيون بعدم التراجع عن مواقفهم بهذا الهجوم، بل إنهم بتأكيدهم على استمرار العملية ضد الكيان الصهيوني، هددوا هذا الكيان بتحمل عواقب هذا العمل المجنون، وجاء في بيان المتحدث باسم الجيش اليمني: "إن القوات المسلحة اليمنية تؤكد أنها سترد على هذا العدوان المكشوف ولن تتوانى عن ضرب الأهداف الحيوية للعدو الإسرائيلي بعون الله تعالى، وكما قلنا في بياننا السابق فإن منطقة يافا المحتلة ستكون منطقة غير آمنة من الآن فصاعدا".
ونرى في هذا البيان أنه ليس فقط أنهم لن يتراجعوا، بل إنهم يهددون العدو بالانفلات الأمني المستمر في "يافا"، وفي الوقت نفسه، يتناول الجزء الأخير من بيان المتحدث باسم القوات المسلحة هذه القضية مرة أخرى، ويقول إن الشعب اليمني سيتغلب بنجاح على هذا التحدي بمساعدة قيادته وقواته المسلحة.
الاستمرار في دعم فلسطين مهما كان الثمن
إن أنصار الله، التي بدأت هجماتها منذ بداية الحرب في قطاع غزة، نصرة للشعب المظلوم في فلسطين، دأبت على الإعلان في بياناتها عن استمرار هذا الدعم، وفي هجوم الكيان الصهيوني على اليمن، أعلن اليمنيون، بالإضافة إلى إعادة التأكيد على هذه النقطة، أن هذا الدعم سيستمر مهما كانت التكاليف والعواقب، بالإضافة إلى ذلك، يذكرون في هذا القسم شروط إنهاء هجماتهم ويقولون ستنتهي الهجمات في اليمن عندما تنتهي الحرب في غزة، وعند كسر الحصار المفروض على هذه المنطقة الفلسطينية، وتوقف جرائم الكيان الصهيوني ضد أهل غزة.
دعوة لسائر المسلمين
وفي الجزء الأخير من البيان، طلب المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية من جميع المسلمين أن يهبوا بجدية لمساعدة الشعب الفلسطيني، وهذا يعني أنهم لا يتراجعون فحسب، بل إنهم يدعون الآخرين أيضًا إلى الخروج إلى ميدان المعركة للانتصار على العدو، هذه السياسة التي ينتهجها اليمنيون تجلب معها نوعاً من الردع، لأنها تُعًلم العدو أن ضرباتهم لن تقلل من مشكلتهم فحسب، بل إنهم بتشجيع الآخرين سينشرون نوعاً من التطور المقاوم الذي سيكون فعالاً على المدى الطويل.
وخلاصة المواقف المذكورة أعلاه تبين أن هجوم الكيان الصهيوني كان عقيماً، وربما كان خطأً، لأنها لم تقلل من الخطر على اليمنيين فحسب، بل جعلتهم أكثر جدية في مهاجمة الكيان الصهيوني، ومن ناحية أخرى، دفعتهم نحو تطوير ميدان المواجهة مع الكيان الصهيوني حتى هزيمته النهائية، وإن تأكيد البيان أعلاه هو الإجراء العملي للقوات المسلحة اليمنية بعد هجوم الكيان الصهيوني على هذا البلد.
وفور هجومهم على الحديدة، شهد الصهاينة هجوما صاروخيا لأنصار الله على ميناء "أم الرشراش" (إيلات) وأصابوا سفينة أمريكية في البحر الأحمر، وهو إجراء ربما لم يتوقعوه مع هذه الفترة الزمنية القصيرة، والآن يتعين عليهم انتظار صراع طويل الأمد مع أولئك الذين دخلوا ساحة المعركة مع الكيان الصهيوني بعد 8 سنوات من الحرب مع المملكة العربية السعودية وحلفائها في الخليج الفارسي، وبعد هجوم واحد من قبل الصهاينة، أصبح لدى الشعب اليمني مثل هذا التصميم الحديدي على تحقيق النصر النهائي.