الوقت- "إن السياسيين الغربيين متوحشون بكل معنى الكلمة.. إنهم يرتدون البدلات ويربطون ربطات العنق ويضعون المساحيق، لكنهم متوحشون من الداخل"، هذه الجملة هي جزء من تصريحات المرشد الأعلى تجاه السياسيين الغربيين، ومن بينهم الأمريكيون، فهم أشخاص يظهرون المسالمة والاهتمام بحقوق الإنسان، لكنهم في الواقع سبب كل مصائب العالم ومصائبه.
انسحب، الليلة الماضية، جو بايدن، الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأمريكية من السباق الانتخابي ودخل فئة رؤساء الولايات المتحدة لمدة أربع سنوات، وبعد استقالة هذا الرجل البالغ من العمر واحد وثمانين عاما من الرئاسة، حصلت موجة من رسائل الشكر والدعم له بسبب انسحابه من المنافسات الانتخابية واحتمال ظهور مرشح آخر للحزب الديمقراطي في الانتخابات، ولعل الغريب في هذه القضية هو أن البعض كان مع هذه الموجة داخل إيران!
ومن الضروري أن نتذكر أن جو بايدن وحكومته، أو حسب وصف المرشد الأعلى للثورة، بذلات وبناطيل برية، بدعمهم للكيان الصهيوني، ارتكبوا أكبر مذبحة وجريمة ضد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، جريمة ودمار حتى في بعض أبعادها، فهي أكثر رعباً بكثير من الحربين العالميتين الأولى والثانية، وربما من الضروري أن نتذكر أنه لم يعرّف أي من الرؤساء الأمريكيين، حتى أكثرهم تطرفاً، مثل جو بايدن، نفسه علناً على أنه صهيوني.
وفي جزء آخر من خطاب جو بايدن قبل سنوات، يشير إلى وجود طبيعة تسمى النظام الصهيوني ويعلن بوضوح أنه حتى لو لم تكن "إسرائيل" موجودة، كان ينبغي على أمريكا أن تخلق "إسرائيل" في المنطقة.
والآن بعد نشر هذا المقال، وصل عدد الشهداء في غزة إلى 40 ألف شهيد، والسؤال هو، بإذن من يرتكب الصهاينة مثل هذه الجرائم الفظيعة في غزة ويستمرون في ذلك؟ ومن الواضح أن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، كان الراعي الأكبر لهذه الجريمة غير المسبوقة ضد الإنسانية، حيث إنه بمجرد النظر إلى مساعدات الأسلحة الأمريكية للصهاينة في الأشهر التسعة الماضية يثبت لنا كيف وفرت حكومة الجزار بايدن الأساس لقتل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية على يد النظام الصهيوني.
إن نظرة عامة على مساعدات الأسلحة الأمريكية للجيش الصهيوني في الأشهر التسعة الماضية، عندما كان سكان غزة تحت القصف المستمر والهجمات التي يشنها النظام الصهيوني من البر والجو والبحر، توضح للجميع أنها السبب الرئيسي ومؤسس الجريمة الصهيونية ضد الإنسانية في غزة.
وذكر موقع يديعوت أحرانوت الصهيوني في تقرير له عن المساعدات الأمريكية لقتل أهل غزة، حيث كانت المساعدات التي قدمتها حكومة جو بايدن ل"إسرائيل" خلال حرب غزة على ثلاثة مستويات: عسكرية وسياسية واقتصادية.
العسكرية
• إرسال كل أنواع الأسلحة الأرضية
• إرسال كل أنواع الأسلحة الجوية
• توريد صواريخ القبة الحديدية
• مناقشة توريد مروحيات أباتشي وطائرات إف 35
• اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية في البحر الأحمر
• التعاون الاستخباراتي، بما في ذلك من خلال طائرات الأواكس
السياسية
• الوساطة بين الجانبين لتبادل الأسرى
• عرقلة القرارات المناهضة ل"إسرائيل" في المنظمات الدولية
• مساعدة "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية في لاهاي
• قيادة المفاوضات مع لبنان لحل مشكلة الجبهة الشمالية
الاقتصادية
• اتخاذ قرار بشأن تقديم مساعدات لمرة واحدة بقيمة 17.6 مليار دولار ل"إسرائيل"
• الموافقة على حزمة المساعدات العسكرية ل"إسرائيل" بقيمة 3.3 مليارات دولار
إن المساعدات المذكورة أعلاه ليست سوى جزء صغير من المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني في معركة غزة غير المتكافئة، وهذه المساعدات مستمرة على نطاق واسع، لكن مجرد النظر إلى القدر المذكور من المساعدات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تقدمها أمريكا يخطر في بالنا أنه ربما يكون النظام الصهيوني قد دخل في حرب بجيش قوي ومجهز تجهيزاً جيداً، ولكن كل هذه المساعدات تتجه إلى النظام الصهيوني المسلح ضد النساء والأطفال العزل في غزة، واليوم، وبفضل الدعم والمساعدة الثابتين من إدارة بايدن، فإن أكبر إنجاز للصهاينة هو تدمير غزة وقتل نحو 40 ألف فلسطيني في غزة.
وبعد بداية معركة الصهاينة غير المتكافئة ضد أهل غزة والمشاهد المؤلمة لجرائم الصهاينة في غزة، قال المرشد الأعلى للثورة: أيادي الأمريكيين ملطخة بدماء الأطفال والنساء وغيرهم من شهداء غزة، والحقيقة أن الأمريكيين هم من يديرون هذه الجرائم.
ويعلم العالم أنه عندما فوجئ الصهاينة بالمقاومة الفلسطينية في هجوم ال 7 من أكتوبر وسقطوا في صدمة هذه الهزيمة، كان الأمريكيون هم من تولوا إدارة الحرب من خلال تواجدهم في مسرح الأحداث، وكان المستشارون الأمريكيون حاضرين في فلسطين المحتلة، وأرسلت الحكومة الأمريكية كل أنواع الأسلحة والمساعدات العسكرية والاقتصادية إلى الأراضي المحتلة دون توقف لحظة واحدة، ودليل على ذلك التحليق المستمر لطائرات النقل الأمريكية إلى الأراضي المحتلة في بداية الحرب ونقل عشرات الآلاف من الأطنان من المساعدات المتنوعة.
حسب الخبراء والمحللين وحتى الخبراء والمحللين الصهاينة البارزين، على الرغم من دموع الحكومة الأمريكية على فلسطين والدعم الزائف والكاذب الذي قدمه جو بايدن لشعب غزة الذي مزقته الحرب في الأشهر القليلة الماضية، وكذلك قضية فلسطين، فإن الخلافات بين نتنياهو ورئيس الولايات المتحدة آنذاك، والتي تعتبر خلافاً بين البيت الأبيض وحكومة الكيان الصهيوني، تم ذكرها حول حرب غزة وقضايا حقوق الإنسان، بالنسبة لجو بايدن وشعب غزة و"إسرائيل"، فإن قضية حقوق الإنسان والجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، نساءً وأطفالاً، لم تكن مهمة.
في الواقع، المشكلة الأساسية لجو بايدن هي الخوف من الإضرار بالأنشطة الانتخابية للحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة بسبب قضية غزة، لأنه وفقا للخبراء، فإن جزءا كبيرا من الناخبين الأمريكيين، وخاصة الجالية الأمريكية المسلمة، وبسبب الدعم غير المشروط ل"إسرائيل" أبدوا غضبًا شديدًا واستياءً من الجرائم التي يرتكبها النظام الصهيوني في غزة، وهي قضية قد تؤدي في النهاية إلى الإضرار بالديمقراطيين في الانتخابات المقبلة.
لم يرتكب أي من رؤساء الولايات المتحدة فظائع ضد فلسطين والشعب الفلسطيني بقدر ما ارتكب جو بايدن، لقد قدم بايدن نفسه دائمًا على أنه صهيوني ومؤيد للنظام الصهيوني، ولم يتراجع أبدًا عن هذه المواقف لولا الدعم غير المتردد والواسع من حكومة بايدن للصهاينة في هجوم إيران الصاروخي والطائرات دون طيار على الأراضي المحتلة، لكان مشهد هزيمة النظام الصهيوني ضد إيران أكثر مما حدث بعد هذا الهجوم.
وفي النهاية لا بد من الإشارة إلى أن التاريخ سيحكم على جرائم اليوم في غزة ومن صنع هذا المسلخ الإنساني، ومستقبلاً عندما تصور أقلام المؤرخين والخبراء أحداث اليوم في غزة، وستكون أسماء الجناة في أعلى أسماء المأساة، ولن يظهر أي اسم سوى اسم الرئيس الحالي للولايات المتحدة جو بايدن.