الوقت- في الآونة الأخيرة، نشرت المقاومة اللبنانية المتمثلة في حزب الله الجزء الثاني من مقطع الفيديو الذي أنتجته طائرة "الهدهد" المسيرة، والذي يحتوي على صور لمواقع حساسة للجيش الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل، وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع قليلة من إعلان عملية "الهدهد" وتصوير مواقع حساسة وحيوية للكيان في حيفا شمال فلسطين المحتلة، ويهدف هذا المقال إلى تحليل رد فعل الكيان على هذا التطور واستكشاف التأثيرات المحتملة له على الوضع الإقليمي.
قدرة المقاومة في أوجها
تتضمن الصور التي نشرها حزب الله في الجزء الثاني من الفيديو قواعد معلومات ومقرات قيادة ومعسكرات الجيش الإسرائيلي في الجولان المحتل، يُظهر الفيديو تصويرًا جويًا عالي الجودة من مواقع مختلفة في شمال فلسطين المحتلة، ما يعكس قدرات متقدمة في الاستطلاع والمراقبة لدى حزب الله، ووصف الإسرائيليون هذا التطور بأنه جزء من حرب نفسية يديرها حزب الله ضد الكيان، لأن الفيديو يحتوي على تصوير جوي عالي الجودة لمواقع حساسة، ما يشكل تهديدًا لسلامة وأمن هذه المواقع، وخاصة أن حزب الله يستهدف "عيون الكيان"، في إشارة إلى القدرة على الوصول إلى مواقع استراتيجية وتصويرها.
ولم يوقف الكيان التصريحات الرسمية، والدليل ما قاله الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن الفيديو يمثل "صافرة إنذار كاذبة"، في محاولة لتقليل تأثيره النفسي على الجمهور الإسرائيلي، ومع ذلك، فإن مثل هذه التصريحات تعكس أيضًا القلق العميق من القدرة المتزايدة لحزب الله على جمع المعلومات الاستخباراتية، ويُظهر الفيديو بوضوح أن حزب الله يستخدم الحرب النفسية كجزء من استراتيجيته، فنشر الصور الدقيقة للمواقع الحساسة يهدف إلى إثارة الخوف والقلق لدى القادة الإسرائيليين وإظهار أن أي موقع في الكيان ليس بمنأى عن استهداف المقاومة اللبنانية.
وتأتي هذه الخطوة في وقت حرج حيث تتصاعد التوترات في المنطقة، وإن قدرة حزب الله على تنفيذ عمليات استطلاعية معقدة وتصوير مواقع حساسة قد تدفع تل أبيب إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الأمنية والدفاعية في الجولان والشمال، كما أن التصريحات التهديدية الواضحة لحزب الله، مثل تلك التي أطلقها السيد حسن نصر الله، تؤكد أن المقاومة اللبنانية مستعدة للدخول في صراع واسع النطاق إذا ما فرضت الحرب على لبنان.
وتُعد خطوة حزب الله بنشر الجزء الثاني من فيديو "الهدهد" تحركًا استراتيجيًا يعكس تصعيدًا في الحرب النفسية ضد الكيان الإرهابي، وردود الفعل الإسرائيلية، سواء في الإعلام أو من خلال التصريحات الرسمية، تعكس قلقًا متزايدًا من قدرات حزب الله المتطورة في جمع المعلومات الاستخباراتية، ويبقى السؤال حول كيفية تأثير هذا التطور على استراتيجيات الدفاع الإسرائيلية وما إذا كان سيؤدي إلى ردع الكيان في المنطقة التي حولها لأرض صراعات.
اختراق الدفاع الجوي الإسرائيلي وتوسيع بنك الأهداف
شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في قدرات حزب الله العسكرية، ولا سيما في مجال الصواريخ والرؤوس الحربية، وأصبحت قدرة الرؤوس الحربية لحزب الله على اختراق جدار الدفاع الجوي الإسرائيلي تشكل ردعاً متزايدًا للكيان، وقد عمل حزب الله على تطوير ترسانته الصاروخية من خلال تحسين دقة الصواريخ وزيادة قدرتها على الاختراق، واستخدم الحزب تقنيات متقدمة مثل توجيه الصواريخ باستخدام نظم الملاحة بالأقمار الصناعية وتحديث نظم الدفع، ما يزيد من سرعة الصواريخ وصعوبة اعتراضها.
وإلى جانب التطورات التكنولوجية، تبنى حزب الله تكتيكات جديدة لإطلاق الصواريخ، تشمل هذه التكتيكات إطلاق الصواريخ من منصات متنقلة وإطلاق موجات كبيرة من الصواريخ لإغراق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية مثل القبة الحديدية، ورغم ادعاء فعالية نظام القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ، فإن تكتيكات حزب الله الجديدة تهدف إلى إغراق النظام بعدد كبير من الصواريخ دفعة واحدة، وهذا الأسلوب يزيد مرور الكثير من الصواريخ عبر الدفاعات والوصول إلى أهدافها.
أيضا، طور حزب الله صواريخ دقيقة يمكنها ضرب أهداف حيوية بدقة عالية، وهذا التطور يفرض تحديًا كبيرًا على الدفاعات الإسرائيلية التي تزعم اعتراض الصواريخ قبل وصولها إلى أهدافها، وتتضمن قائمة الأهداف الخاصة بحزب الله العديد من القواعد العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك المطارات العسكرية ومستودعات الأسلحة ومراكز القيادة، وهذه الأهداف تعتبر حيوية بسبب استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية الإجرامية.
وشملت أهداف حزب الله أيضًا البنية التحتية الحيوية مثل محطات الطاقة، ومصافي النفط، والموانئ، وضرب هذه الأهداف يمكن أن يسبب شللًا اقتصاديًا ويؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية في الكيان، وبالإضافة إلى الأهداف العسكرية والبنية التحتية، يركز حزب الله أيضًا على المناطق العسكرية الحساسة والمتواجدة ضمن المدن الكبيرة والمراكز الاقتصادية، وهذا التوجه يهدف إلى زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية التي قتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
وإن استخدم حزب الله تقنيات الاستطلاع المتقدمة لجمع معلومات دقيقة عن الأهداف في الكيان، يشمل ذلك استخدام الطائرات دون طيار، والتجسس الإلكتروني، وبفضل المعلومات الاستخباراتية المتقدمة، استطاع حزب الله توسيع قائمة أهدافه لتشمل المزيد من المواقع الحيوية، وتشمل هذه القائمة الآن أهدافًا لم تكن معروفة سابقًا، ما يزيد من قدرة الحزب على ضرب الكيان في مواقع غير متوقعة.
الخلاصة، يعتمد حزب الله على استراتيجية الردع من خلال تهديد بضرب أهداف حيوية إذا ما تعرض لبنان لهجوم، وهذه الاستراتيجية تهدف إلى خلق توازن رعب يمنع الكيان من شن هجمات واسعة النطاق على لبنان، وإن زيادة قدرة الرؤوس الحربية لحزب الله على اختراق جدار الدفاع الجوي الإسرائيلي وتوسيع بنك الأهداف يمثل تحديًا كبيرًا لأمن العدو.
