الوقت- منذ الحرب العالمية الثانية تتصدر أمريكا قائمة الدول المصدرة للسلاح لكيان الاحتلال الاسرائيلي فيما بلغت توريدات الأسلحة الأمريكية للكيان الغاصب في حربه على غزة ذروتها، حيث صرح مسؤولون أمريكيون مؤخراً عن قيام إدارة بايدن بنقل آلاف الأطنان من الأسلحة الفتاكة لقتل أطفال ونساء غزة وتدمير الحياة في القطاع.
وحسب المسؤولين الأمريكيين فإنه تم نقل ما لا يقل عن 14 ألف قنبلة “إم.كيه-84” زنة ألفي رطل و6500 قنبلة زنة 500 رطل و3 آلاف صاروخ “هيلفاير” (أرض- جو) دقيقة التوجيه و1000 قنبلة خارقة للتحصينات و2600 قنبلة صغيرة القُطر تُسقط جواً، وذخائر أخرى.
ولم يذكر المسؤولان جدولا زمنيا لشحنات الأسلحة، لكن الأرقام الإجمالية تشير إلى عدم وجود انخفاض كبير في الدعم العسكري الأمريكي لحليفتها بالرغم من الدعوات الدولية للحد من إمدادات الأسلحة وقرار الإدارة الأخيرة بتعليق شحنة من القنابل القوية.
من الجدير بالذكر، أن هذه الكميات الكبيرة والشحنات الضخمة من الأسلحة كانت كفيلة بإنهاء وجود أكبر الجيوش لكنها لم تستطع القضاء على إرادة شعب مقاوم يدافع عن أرضه ومقدساته.
لماذا تخرج هذه التصريحات؟
في الوقت الذي يغلي فيه الرأي العام العالمي من بشاعة المشهد في غزة يخرج موقع أمريكي شهير، لينقل عن مسؤول في الإدارة الأمريكية، بأن واشنطن تستعد لتسليم شحنة قنابل، كانت ضمن شحنة أسلحة متوجهة إلى “إسرائيل” وتم تعليقها الشهر الماضي.
في الواقع فإن هذه الخطوة تأتي في إطار تخفيف الاحتقان بين بايدن والداعمين لكيان الاحتلال الإسرائيلي في الكونغرس، الذي تنامى بعد قرار تجميد شحنة الأسلحة الأخيرة.
يذكر أن بايدن يواجه ضغوطا داخلية تدعوه لوقف تسليم الأسلحة لتل أبيب وسط ارتفاع وتيرة الشهداء بين المدنيين في غزة، إذ فاق عدد الضحايا 37 ألفا والمصابين 86 ألفا، حسب الإحصاءات الرسمية.
ويلقى الدعم الأمريكي العسكري لحكومة الاحتلال الإسرائيلي رفضا كبيرا داخل الشارع الأمريكي، حيث تتواصل الاحتجاجات الطلابية داخل الجامعات الأمريكية رفضا للعدوان الإسرائيلي، وتأييدا للشعب الفلسطيني، رغم حملات القمع المستمرة التي تمارسها الشرطة الأمريكية بحق المشاركين في تلك الاحتجاجات، حيث اعتقلت عشرات المتظاهرين، وفكت بالقوة عشرات خيام الاعتصام في أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة.
إبادة فلسطينية بتوقيع أمريكي
منذ الأسابيع الأولى التي أعقبت عملية طوفان الأقصى سارعت الولايات المتحدة بتسليم آلاف القنابل والمدفعية إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي من خلال جسر جوي عسكري بالإضافة إلى السماح بنقل الأسلحة التي تحتفظ بها الولايات المتحدة في مخازن بـ"إسرائيل"، ومن جانب آخر، سمحت "حالة الطوارئ الوطنية" التي أعلنها بايدن بعد الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول، للبيت الأبيض بالاستغناء عن الخطوة البرلمانية لتزويد الجيش الإسرائيلي بالذخيرة.
فيما اعترف بايدن بنفسه مؤخراً بتسبب الأسلحة الأمريكية بالمجازر في غزة وقتل المدنيين من خلال مقابلة مع شبكة سي إن إن ويأتي اعترافه بأن القنابل الأمريكية قد استخدمت لقتل المدنيين والقصف العشوائي في غزة بمثابة اعتراف صارخ بدور الولايات المتحدة في الحرب والإبادة الجماعية، ولكنه في الوقت ذاته رفض وضع أي قيود على المساعدات العسكرية، وأكد التزام واشنطن في تزويد "إسرائيل" بالأسلحة، داعيا إلى تجنب إصابة المدنيين.
من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" تتمتعان بعلاقات عسكرية وثيقة منذ عقود امتدت عبر إدارات ديمقراطية وجمهورية، سهلت تقديم الأسلحة لـ"إسرائيل" كمساعدات، أو عبر بيعها معدات عسكرية حيوية مثل الطائرات المقاتلة والمروحيات وصواريخ الدفاع الجوي والقنابل غير الموجهة والموجهة، والتي يتم استخدامها في غزة بشكل مكثف، وينص الاتفاق العسكري بين واشنطن و"إسرائيل" على أن الولايات المتحدة ملزمة بمساعدة "إسرائيل" على الحفاظ على "التفوق العسكري النوعي" في الشرق الأوسط مهما كانت التكلفة.
بصمة ألمانية
لم يكن السخاء الألماني في إرسال السلاح لإبادة الشعب الفلسطيني أقل من الأمريكي، فلم يقتصر الدعم الألماني على قرارات بإرسال أسلحة إلى كيان متهم بارتكاب إبادة جماعية ولا على مجازفة وزير دفاع غامر بتفريغ مخازن الجيش الألماني من السلاح وإرسالها إلى كيان الاحتلال الاسرائيلي ضمن صفقات سرية وقعت قبل عقود، بل يضمن كذلك تقديم وتمويل قطع حربية كبيرة أهمها غواصات قادرة على حمل رؤوس نووية، حيث إن ألمانيا والتي تعتبر ثاني أكبر مورد للجيش الإسرائيلي، وفقا لمعهد سيبري الذي قدر أن كيان الاحتلال الإسرائيلي قد استورد حوالي 30% من أسلحتها بين عامي 2019 و2023 من الشركات المصنعة الألمانية.
وللمفارقة عندما توجه جهة ما اتهامات للحكومة الألمانية بتزويد كيان الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح في خضم الحرب الدائرة في غزة، لا يتردد المسؤولون الألمان في ابتداع مصطلحات تفرق بين الأسلحة الدفاعية والهجومية، وفي وضع معظم الأسلحة الألمانية التي حصلت عليها "إسرائيل" بعد السابع من أكتوبر في خانة "معدات تسلح أخرى".
هذا المصطلح لا يكرره المسؤولون الألمان في جميع المؤتمرات الصحفية فحسب، بل استخدمه أيضا فريق الدفاع عن ألمانيا في القضية التي رفعتها ضدها نيكاراغوا أمام محكمة العدل الدولية، علما بأن التفريق بين الأسلحة الدفاعية والهجومية "ببساطة أمر مُبتدع لأن قوانين تصدير الأسلحة الألمانية لا تفرق بين الأسلحة الدفاعية والهجومية.
ويعتبر الدعم العسكري غير المتحفظ الذي تقدمه كل من ألمانيا والولايات المتحدة على وجه الخصوص لكيان الاحتلال الإسرائيلي بمثابة "تصريح مطلق (ضوء أخضر) للإبادة الجماعية" في غزة، ومن هنا فإن ازدواجية المعايير لدى الغرب تعرقل الحلول الدبلوماسية وتساهم في تصعيد الصراع وقتل أكبر عدد من الأطفال والنساء الأبرياء.