الوقت- أثرت حرب كيان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل لافت على النمو الاقتصادي للكيان الغاصب بشكل أكبر مما كان متوقعا، حيث بلغت فاتورة حرب غزة على الاقتصاد الإسرائيلي بعد مرور 7 أشهر على بدايتها نحو 60 مليار شيكل (16 مليار دولار)، حسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ”، وبينما تواجه "إسرائيل" تحديات الحرب الحالية على غزة، تتعاظم التهديدات الاقتصادية التي تلوح في الأفق على الاقتصاد الإسرائيلي، وقد انعكس ذلك من خلال تباطؤ ملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة في العجز المالي وانخفاض قيمة الشيكل وتوقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية والتجارية بسبب الأضرار التي لحقت بها جراء الحرب، ففي شمال فلسطين المحتلة تضرر اكثر من 500 منشأة صناعية وتجارية وزراعية بفعل صواريخ حزب الله كما أعلنت حكومة الاحتلال عن ذلك، وعلى الصعيد البشري تم إجلاء أكثر من 250,000 إسرائيلي من منازلهم من جنوب وشمال فلسطين المحتلة وما زالوا عالقين بانتظار نهاية الحرب للعودة إلى بيوتهم.
مستجدات الاقتصاد الإسرائيلي بالأرقام
أظهرت بيانات وزارة المالية الإسرائيلية مؤخراً أن العجز المالي المستمر منذ 12 شهرا ارتفع إلى 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي اعتبارا من أبريل في أعلى من تقديرات الحكومة عند 6.6 بالمئة لعام 2024.
فيما ارتفعت النفقات بنسبة 36% تقريبا في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، واستحوذت نفقات الدفاع على ثلثها تقريبا كما انخفضت الإيرادات بنسبة 2.2%، ويرجع ذلك في الغالب إلى انخفاض مدفوعات الضرائب.
ووفقا للوكالة، فإن حكومة الاحتلال تسير نحو "أكبر عجز على الإطلاق في ميزانيتها خلال هذا القرن"، حيث يعد عبء الإنفاق من بين العوامل التي تبقي العملة الإسرائيلية تحت الضغط. وتغطي الحكومة الإسرائيلية الجزء الأكبر من احتياجاتها عن طريق الاقتراض، حيث تضاعف متوسط مبيعات السندات الشهرية 3 مرات بعد اندلاع الحرب، وحسب "بلومبرغ"، فقد جمعت الحكومة نحو 206.6 مليارات شيكل (55.4 مليار دولار) منذ تشرين الأول الماضي، من الأسواق المحلية والخارجية.
فيما شهد الشيكل في الأيام الأخيرة تراجعا بنسبة 0.3 في المئة مقابل الدولار، ما أدى إلى تراجعه بنسبة 4.5 بالمئة منذ بداية مارس، ليسجل ثاني أسوأ أداء بين 31 عملة رئيسية تتبعها "بلومبيرغ".
وقالت وزارة المالية الإسرائيلية: إن التأخير في بعض مدفوعات الضرائب من أبريل إلى مايو بسبب عطلة عيد الفصح ساهم في عجز مالي أوسع نطاقا ولو تم ذلك في الوقت المحدد، لكان العجز المتراكم قد وصل إلى ما يقدر بنحو 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
التصنيف الائتماني
مع تزايد العبء المالي للحرب على غزة، أصبحت "إسرائيل" تحت رقابة شركات التصنيف حيث تلقت أول تخفيض لتصنيفها السيادي على الإطلاق بدرجة واحدة إلى A2 من وكالة "موديز" لخدمات المستثمرين في فبراير الماضي، وهو القرار الذي انضمت إليه وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية الشهر الماضي، ومن المقرر أن تقوم وكالتا "موديز" و"ستاندرد آند بورز" بمراجعة درجة ديون "إسرائيل" هذا الأسبوع، مع احتفاظ كل منهما بنظرة مستقبلية سلبية، وقد تركت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، التي تضع كيان الاحتلال على غرار وكالة "ستاندرد آند بورز" عند A+، تصنيف كيان الاحتلال دون تغيير حتى الآن.
محاولات للخروج من الورطة
وضعت أرقام العجز في الموازنة، الذي يقفز من شهر لآخر بمعدلات كبيرة، الاقتصاد الإسرائيلي في ورطة كبيرة
وعملت البيانات الضعيفة الأسبوع المنصرم والتي فاجأت حتى مسؤولي وزارة المالية أنفسهم، ورؤساء بنك إسرائيل، وكبار المسؤولين الاقتصاديين، الذين لم يتوقعوا مثل هذا الوضع الخطير، على تكريس عمق الأزمة وكشف القلق الذي يعيشه أصحاب القرار الاقتصادي في كيان الاحتلال.
وكشفت "يديعوت أحرنوت" عن خبراء اقتصاديين القلق الكبير بين أروقة الحكومة الإسرائيلية والحديث عن الحاجة الماسة لتنفيذ تدابير طارئة في الاقتصاد قريبة جدا لوقف التدهور الذي من شأنه أن يعمق العجز ومن الصعب للغاية الخروج منه في المستقبل القريب.
وتقول الصحيفة العبرية: إن هناك خططا مطروحة حاليا على الطاولة لإصدار "مراسيم" مهمة تتعلق بالاسرائيليين، لم نشهد مثلها منذ سنوات، وتشير في تقرير للصحفي، جاد ليئور إلى أنه "من أجل فهم خطورة الوضع، يحتاج المرء فقط إلى التعمق قليلا في هذه الأرقام المقلقة حيث وصل عجز الميزانية في الأشهر الـ12 الماضية إلى معدل مرتفع للغاية ببلوغه 7% من الناتج القومي الإجمالي لإسرائيل".
وقال مسؤولون إسرائيليون سابقون في وزارة المالية في جملة واحدة" الاقتصاد الإسرائيلي في وضع مؤسف بسبب الحرب المستمرة على غزة"، ويؤكد هؤلاء "لقد تحولنا من دولة ناشئة إلى دولة منبوذة، هذا إنذار حقيقي في وقت تتطور فيه أزمة حادة بشكل خاص للاقتصاد الإسرائيلي".
الحرب الأغلى وأهداف لم تتحقق
وضعت وزارة الحرب الصهيونية أهدافاً عديدة في حربها على غزة لكن ما نشهده اليوم أنها لم تحقق شيئاً من أهدافها ما جعلها تصب جام غضبها على المدنيين والبنى التحتية، وهذا بشكل دقيق ما يفسر الهجوم على رفح، وعلى الجانب المقابل فشلت القدرات والقوات الإسرائيلية الضخمة من تقليص القدرات العسكرية لـ "حماس" وإعادة المختطفين إلى جانب التداعيات السلبية للحرب على الاقتصاد والتعليم والنازحين والأمن الشخصي للإسرائيليين.
أما على الصعيد العالمي فقد خسرت "إسرائيل" كل ما بنته خلال 70 عاما عندما عرفت نفسها بأنها واحة للحرية والسلام والديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وعرفت رجال المقاومة بأنهم عصابات تريد إبادة الشعب الإسرائيلي، لقد تبين للعالم عكس ذلك فقد انفضح زيف الدعاية الإسرائيلية وأنها ليست أكثر من دولة مارقة وأن السلطة الإسرائيلية ليست إلا مجرمي حرب يمارسون الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وأن نتنياهو ليس أكثر من رجل سفاح تلطخت يداه بدماء الأطفال والنساء، وقد ترجم العالم هذه الحقيقة من خلال المناداة بمحاكمة "إسرائيل" على جرائمها كما فعلت جنوب إفريقيا، وعلى صفحات الجرائد التي امتلات بالتصريحات والمقالات والأبحاث حول الطبيعة الإجرامية لكيان الاحتلال الإسرائيلي .
وأخيراً تجلى ذلك في انتفاضة الجامعات الأمريكية والأوروبية التي زلزلت الأرض تحت أقدام المساندين والمؤيدين لكيان الاحتلال الإسرائيلي فاضطرت بعض الحكومات غلى التراجع عن مساندتها للكيان الغاصب.