الوقت - لم يمر عام على بناء السفينة الحربية الإيرانية "الشهيد مهدوي"، حتى نُشرت صور منسوبة إلى البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، الثلاثاء الماضي، تظهر إطلاق صاروخ باليستي من سطح هذه السفينة الحربية.
ويقال إن الصاروخ الباليستي الذي أطلق من هذه السفينة، يصل مداه إلى 1700 كيلومتر، ووفقاً لمصادر إخبارية، تمت إضافة سفينة "الشهيد مهدوي" العابرة للمحيطات و95 قاذفة صواريخ يتراوح مداها الصاروخي بين 10 و180 كيلومتراً، إلى الأسطول البحري للحرس الثوري الإيراني.
وقد تمت ترقية سفن هذه السفينة متعددة الأغراض من سفينة صاروخية ثابتة إلى سفينة إطلاق صواريخ، كما زاد مدى هذه السفن بشكل كبير مقارنةً بسفن إطلاق الصواريخ الأخرى.
من الواقعي القول إن القدرات الجديدة للسفن الحربية التابعة لبحرية الحرس الثوري الإيراني، لن تزيد من قوة إيران العسكرية فحسب، بل ستزيد أيضًا من قوة الردع لديها، وهي أيضاً الأساس لقفزة جديدة في تغيير المعادلات الإقليمية.
ولذلك، يمكن القول إن تفعيل هذه السفينة الحربية ذات القدرة على إطلاق صواريخ باليستية بعيدة المدى وحمل طائرات مسيرة، يزيد من محدوديتها من البر إلى البحر.
وقال اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، في هذا الصدد: "إن هذا الإنجاز الجديد زاد من نطاق نفوذنا وقوتنا البحرية إلى أي نقطة مرغوبة، لأن سفننا البحرية يمكن أن تظهر في أي مكان في العالم، وعندما نتمكن من إطلاق الصواريخ منها، لا يوجد مكان آمن لقوة تريد خلق انعدام الأمن لنا".
كما أعلن العميد تنكسيري، قائد البحرية في الحرس الثوري الإيراني، أنه تم تركيب صواريخ كروز مداها 2000 كيلومتر في سفينة الشهيد مهدوي، وهي من إنتاجنا، واسم هذا الصاروخ الذي يبلغ مداه 2000 كيلومتر هو "قدر 474".
وتجدر الإشارة إلى أن إطلاق صاروخ باليستي بعيد المدى من السفينة، يتطلب معرفةً فنيةً دقيقةً في مجالات الطيران وبناء السفن، لتحمل الطاقة العالية والاهتزازات التي تدخل إلى هيكل السفينة أثناء إطلاق النار.
وبطبيعة الحال، لا يمكن اعتبار تزامن الكشف عن هذه السفينة اللوجستية متعددة الأغراض والعابرة للمحيطات، غير ذي صلة مع التطورات الأخيرة في المنطقة والتوترات المتزايدة بين طهران وواشنطن.
في السنوات الأخيرة، عملت إيران على تعزيز قوتها البحرية من أجل تواجد أوسع في المياه الإقليمية، وفي هذا الصدد، وفي عملية غير مسبوقة في تاريخ الملاحة البحرية الإيرانية، عادت مجموعة السفن الحربية 86 للجيش الإيراني إلى المياه الساحلية للبلاد، بعد 8 أشهر من الإبحار والدوران حول العالم في مايو الماضي.
ومن ناحية أخرى، فإن الزيادة في النظرة الإستراتيجية للبحرية، بالإضافة إلى الزوارق السريعة والفرقاطات والسفن الخفيفة وشبه الثقيلة، جعلت الجهود المبذولة لاستخدام السفن الثقيلة على جدول أعمال البحرية والجيش الإيراني في السنوات الأخيرة، وكانت نتيجة ذلك بناء عدة سفن عملاقة تم تحويلها إلى سفن عسكرية، مثل مكران والشهيد مهدوي والشهيد رودكي.
قبل تفعيل سفينة الشهيد مهدوي اللوجستية، كتبت وكالة أسوشيتد برس في تقرير، إن بناء سفينة الشهيد مهدوي سيوفر قاعدةً بحريةً كبيرةً وعائمةً للحرس الثوري الإيراني، والتي يمكنها استخدامها لإرسال زوارق سريعة صغيرة لمواجهة البحرية الأمريكية وحلفائها في المنطقة.
محاكاة هجوم على الکيان الإسرائيلي في إزاحة الستار عن السفينة الإيرانية
إن تزامن إنجاز الحرس الثوري الإيراني الأخير في مجال الصواريخ، مع أزمة الحرب في غزة وارتفاع مستوى التهديدات المتبادلة والاشتباكات بين جبهة المقاومة والجبهة الأمريكية-الصهيونية، لم يخف حتى عن أعين المراقبين الأجانب.
ويبدو أن محاكاة هجمات صاروخية واسعة النطاق على مراكز عسكرية إسرائيلية حساسة، مثل مفاعل ديمونة النووي أو قاعدة بلماخيم الجوية، وهي موقع التخزين الرئيسي لمقاتلات إف-35 التابعة للجيش الصهيوني، كانت بمثابة رسالة واضحة لقادة الصهاينة رعاة الحرب.
ومن رسائل هذه المناورات أنه في حال نشوب صراع عسكري، فإن الصهاينة، الذين يعتبرون أنفسهم القوة الجوية الأولى في المنطقة، لن تتاح لهم الفرصة لاستخدام هذه القوة في عمليات هجومية ضد إيران، حيث تمكنت إيران من تقليص الوقت الذي يستغرقه تدمير الأهداف في الأراضي المحتلة إلى أقل من 8 دقائق، من خلال حصولها على تقنية صنع صواريخ "فتاح 1" و"فتاح 2" الأسرع من الصوت.
وتناولت قناة الجزيرة في تقرير لها موضوع هذه السفينة الإيرانية، وكتبت: "يُنظر إلى هذه المناورة على أنها رسالة واضحة إلى "إسرائيل" والولايات المتحدة، في الوقت الذي تؤدي فيه حرب غزة إلى تصعيد التوترات في جميع أنحاء المنطقة، حيث أجرى الحرس الثوري الإيراني محاكاةً لهجوم على قاعدة جوية إسرائيلية كبيرة، وأظهر قدراته البحرية".
وأضافت الجزيرة: "لقد أظهرت الصور التي بثها التلفزيون الحكومي يوم الثلاثاء، الحرس الثوري وهو يطلق سلسلةً من الذخائر من السفن والغواصات، ومع تصاعد حرب "إسرائيل" ضد غزة وتصاعد التوترات في جميع أنحاء المنطقة، يبدو أن هذه الحرب تبعث برسالة واضحة".
کما أثارت الصور المنشورة لهذه السفينة اللوجستية، كالعادة، ضجةً في وسائل الإعلام التابعة للولايات المتحدة، لدرجة أنها ومن دون الأخذ في الاعتبار تصرفات واشنطن المزعزعة للاستقرار في المنطقة، والتوترات الأخيرة واستمرار الهجمات واسعة النطاق على مواقع جماعات المقاومة في المنطقة، فضلاً عن القواعد الأمريكية التي لا تعد ولا تحصى الموجودة في الدول الخليجية، زعمت أن إزاحة الستار عن سفينة الشهيد مهدوي خطوة غير آمنة من جانب إيران!
وفي هذا الصدد، كتبت إذاعة صوت أمريكا في مقال: "في الوقت الذي تواصل فيه جمهورية إيران الإسلامية دعم الجماعات الوكيلة في المنطقة، ودعم الأعمال غير الآمنة لهذه الجماعات، أعلن الحرس الثوري الإيراني، الثلاثاء، أنه أطلق صواريخ باليستية بعيدة المدى من سفينة في بحر عمان لأول مرة".
مع بدء تشغيل هذه السفينة اللوجستية رسميًا، سيتم إضافتها إلى القدرات القتالية لبحرية الحرس الثوري الإيراني في مختلف المجالات العسكرية، وستمكن إيران من زيادة مهامها في المياه الدولية بقوة أكبر ونطاق عمل أوسع، ومن الواضح أن زيادة قوة الردع والسيطرة على المياه الإقليمية، ستؤدي إلى أمن خطوط الشحن، وتسهيل التجارة الدولية عبر المياه المفتوحة.