الوقت - إن تنفيذ ثلاث عمليات إرهابية خلال أسبوع في ثلاث نقاط متفرقة في المنطقة، له تفسيرات مهمة.
في العمل الإرهابي الأول استشهد الشيخ صالح العاروري، نائب المكتب السياسي لحركة حماس، في منطقة الضاحية ببيروت، وبعد يوم واحد، استشهد ما يقرب من 95 إيرانيًا في هجوم إرهابي جبان في كرمان.
وفي العملية الإرهابية الثالثة، استشهد في هجوم أمريكي قائد اللواء 12 للحشد الشعبي ونائبه، وهما من قادة حركة النجباء.
وبعد هذه الأحداث الدموية الثلاثة، كتبت وكالة المخابرات المركزية في تحليلها للأحداث دون أن تذكر طبيعتها الإرهابية، أن محور المقاومة قد هُزم، وسيستمر هذا المسار في المنطقة! وكتبت وكالة الإعلام الأمريكية أنه قريباً ستتولى مجموعة مسلحة مسؤولية بعض العمليات.
وبطبيعة الحال، تحقق تنبؤ الأمريكيين في وقت قريب جدًا، حيث إنه بعد يوم واحد من جريمة كرمان، أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عن هذه العملية، لكن هل تمكن "داعش" من المرور بسهولة من الحلقات الأمنية، وارتكاب هذه الجريمة الكبرى؟
إن صمت الصهاينة عن العمليتين في لبنان وكرمان، ورسائل الأمريكيين لتجنب المزيد من التوتر، يشير إلى أن "داعش" لا يمكن أن يكون مسؤولاً عن مثل هذه العملية.
التغطية علی جريمة؛ فك رموز يوم دموي في كرمان
تظهر الأدلة الميدانية المتوافرة بعد العملية الإرهابية في كرمان، أن نوع العملية يختلف عن نهج "داعش"، وقد قام هذا التنظيم الإرهابي، بأوامر من قوة ثالثة (الأمريكيين)، بتبني عملية كرمان الدموية، لإبعاد المسؤولية عن الصهاينة.
وحسب تقييم وثيقة الأمن القومي الأمريكي، فإن المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب ليست في مصلحة واشنطن، وتخل بتوازن القوة لدى الولايات المتحدة، وبدلاً من الصراع في الشرق، ينبغي لهذه الدولة أن تتحرك نحو غرب آسيا.
ومن وجهة نظر الأمريكيين، رغم أن عملية كرمان الإرهابية عززت الروح الضائعة للصهاينة، إلا أن استمرار التوتر ليس مفيداً للميدان، ولذلك، فإن العملية الإرهابية يجب أن تستمر حتى تعزز "استراتيجية اللعب في ميدان الخصم"، ويجب ألا تتجاوز هذه اللعبة الحد المسموح به، حتی لا تعطي نتيجةً معکوسةً.
ولذلك، على الرغم من أن هذه العملية الإرهابية تمت بتوجيه من وكالة المخابرات المركزية والمجموعة التي تعاونت مع الصهاينة، إلا أن المسؤولية عنها يجب أن تتحملها المجموعة الأقل احتكاكاً في الميدان.
هل "داعش" وراء العملية الإرهابية الدموية في كرمان؟
بالطبع، ليس من الصعب الإجابة على هذا السؤال، إن نظرةً على المجلة الدعائية لتنظيم "داعش" المسماة "رومية"، والتي غيرت اسمها من "دابق" إلى "رومية" بعد سيطرة القوات المدعومة من تركيا على دابق في سوريا، تشير إلى انعطاف خطابي في النموذج العملياتي والتنظيمي ل"داعش"، وهو ما لم نلاحظه في عملية كرمان الإرهابية.
کما أن الفرق بين التسجيل الصوتي الذي نشره الناطق باسم "داعش"، وبين مواقف موقعي الفرقان (الذراع الدعائية لتنظيم داعش) وأعماق (المرجع الرسمي لأعمال داعش)، يعزز احتمالات حدوث خلافات في هذه المجموعة، أو التوصل إلى اتفاق مع المخابرات الأمريكية والكيان الصهيوني لقبول المسؤولية، مقابل إبعادهم عن الضغوط الدولية.
ويقال إن دعم أمريكا لتنظيم "داعش" فرع خراسان في مواجهة هجمات وضغوط طالبان الأخيرة، هو السيناريو المحتمل لهذه الصفقة.
في مجلة "رومية"، وفي مقالات تحت عنوان مشترك هو "تكتيكات فرسان الاغتيال"، تم الحديث عن التدريب على اغتيال الأشخاص، وقتلهم بشكل فردي.
هذه التدريبات مخصصة للأشخاص الذين تركوا بمفردهم في أراضي "داعش"، ويبدو أنه مع تدمير "تنظيم داعش"، أصبحت مثل هذه التوصيات الصادرة عن أجهزة المخابرات أكثر فعاليةً.
في الوقت الحالي، تظهر الأدلة المتوافرة أن "داعش" أكثر استعدادًا لتنفيذ عمليات إرهابية في مواقع مختلفة خارج الحدود الإقليمية، في هذه الفئة من العمليات، يقوم الإرهابي، كذئب منفرد، بمهاجمة الشخص مباشرةً، وتتم إزالته بعد الاغتيال.
لكن محاولة "داعش" إخفاء صورة المنفذ، تشير إلى أن المنفذ الرئيسي لعملية الاغتيال كان خارج مسرح الجريمة، وعليه، فإن ترك القوة التي لا أرض لها خارج نطاق العمليات، هو عمل غير عقلاني بالنسبة ل"داعش"؛ ونظرةً على عمليات "داعش" الإرهابية في شيراز تظهر أنه تم القضاء على الإرهابي في مشهد الجريمة، لعدم وجود مكان يعيش فيه خارجه!
لكن لماذا تحمل "داعش" مسؤولية العملية؟
لقد استخدمت المخابرات الأمريكية والكيان الصهيوني تنظيم "داعش" حاليًا، بطريقة تمكنهم من استغلال فرصة العمليات الإرهابية في إيران، والتحرك نحو تحديد المناطق مرةً أخرى، باستخدام نموذج "الذئب المنفرد".
وتشير حسابات تنظيم "داعش" الإرهابي، إلى أن تنفيذ عمليات إرهابية داخل الأراضي الإيرانية سيجذب مؤيدين في المناطق الحدودية، ويوفر فرصةً لـ"تحرير المدن" وبسط السيادة فيها، ويعوّل "داعش" بشکل خاص على مناطق في جنوب شرق وغرب إيران، ويعتبرها أماکن مستعدة للاجتذاب.
إن ما حدث في الهجوم الإرهابي في كرمان، له عدة أهداف رئيسية:
1- المدنيون هم الهدف الأساسي في هذا النموذج من العمليات الإرهابية.
2- في حين أن عمليات الاختطاف واحتجاز الرهائن وما شابه ذلك أكثر شيوعاً في معظم البلدان، فإن استخدام القنابل اليدوية بهدف التسبب في وقوع إصابات، هو أكثر شيوعاً في تصميم الأعداء.
3- في عملية التطرف، تم استخدام الإنترنت ووسائل الإعلام المتطرفة والأماكن المدنية بشكل متزايد.
4- العميل الإرهابي ليس لديه أيديولوجية (العميل الفارغ)، ويعمل بشكل أقل كعميل للجماعات المنظمة.
5- إن خلق تهديد مصطنع وإحداث خرق أمني، هو نتيجة لمثل هذه الأعمال.
تشير الأدلة إلى أن تنظيم "داعش" كان فقط أداة التستر على الجريمة بأوامر من الأمريكيين والصهاينة، والهدف من مثل هذه التصرفات هو إطلاق لعبة متعددة الأوجه، من شأنها تعطيل تصعيد المقاومة ووحدة الساحات التي نشأت عنها.