الوقت- بينما تدعي سلطات الكيان الصهيوني أن حربها في غزة تشن بهدف القضاء على حماس، لكن بعد مرور 79 يوما على اجتياح هذا الكيان لغزة، تأكد أن جيش الاحتلال يقاتل المدنيين وليس جماعات المقاومة.
وعلى الرغم من استشهاد وجرح عشرات الآلاف من سكان غزة، فإن الجيش الصهيوني غير راضٍ عن هذا الحجم من الجرائم وسفك الدماء، لذا فقد وضع إعدام الفلسطينيين في الشوارع على جدول أعماله، وفي هذا الصدد، اتهم أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة، في حديث مع الجزيرة الأسبوع الماضي، القوات الصهيونية بارتكاب عدة مجازر بشعة أدت إلى استشهاد العشرات من المواطنين في مخيمي جباليا وتل الزعتر في قطاع غزة، وقال القدرة إن جيش الاحتلال أعدم العشرات من المواطنين في الشوارع أمام أهاليهم.
كما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أنه جمع وثائق تظهر قيام الجيش الصهيوني بإعدام أكثر من 137 مدنياً في مدينة غزة والمناطق الشمالية، وجاء في هذا البيان: "لقد حفر الجيش الصهيوني حفراً كبيرة ووضع العشرات من مواطنينا الفلسطينيين أحياء فيها، ثم أعدمهم بالرصاص المباشر ثم دفنهم بالجرافة"، وطالبت حماس بتشكيل فرق دولية للتحقيق في جرائم الاحتلال والإعدامات الميدانية.
حتى كبار السن ليسوا في مأمن من الإعدام
ولم تخف على منظمات حقوق الإنسان جريمة الجيش الإسرائيلي المتمثلة في إعدام الفلسطينيين علناً، كما أكدت ارتكاب مثل هذه الأعمال الوحشية في غزة، وقد أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، السبت، في تقرير له، أن الجيش الإسرائيلي حول المدارس التي يستخدمها عشرات الآلاف من النازحين كملاجئ إلى مراكز عسكرية وإعدامات ميدانية، تماشيا مع جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وقالت المنظمة الحقوقية إنها وثقت العثور على نحو 15 جثة مقطعة الأوصال لقتلى فلسطينيين، أظهرت المعاينة الأولية أنهم أعدموا ميدانياً أثناء استجوابهم من قبل الجيش الصهيوني في مدرسة شادية أبو غزالة بحي الفلوجة غرب الأراضي المحتلة، وأعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش الأوروبية أنها تتلقى تقارير يومية عن جرائم مروعة وجرائم قتل ترتكبها القوات الإسرائيلية خلال هجماتها على مدارس إيواء اللاجئين، ودعت إلى إجراء تحقيق دولي مستقل ومحايد في هذه الأحداث.
وذكرت هذه المنظمة الحقوقية أن هذا الكيان المجرم قام خلال عمليته ضد غزة بإعدام العشرات من المسنين بالرصاص المباشر، وأكدت أن "معظم هؤلاء المسنين قضو تحت أنقاض منازلهم أو في الملاجئ التي دمرت بعد قصفها بالطائرات المقاتلة أو انهم ماتوا بالقصف أثناء البحث في الشوارع والمتاجر بحثاً عن ضرورات الحياة الأساسية، وأعلن المجلس الأوروبي المتوسطي لحقوق الإنسان أن "القضية المثيرة للقلق هي أن العشرات من هؤلاء المسنين استُهدفوا بعمليات قتل وإعدام ميدانية متعمدة".
وحسب "العربي الجديد"، فإن قوات الاحتلال تجبر مهجري غزة على السير لمسافة تزيد على 12 كيلومترا من غرب مدينة غزة إلى مخيم النصيرات وسط غزة والمرور عبر مناطق سيطرة الدبابات الإسرائيلية والمركبات العسكرية وباتجاه المدن، حيث سيتم إعدام عدد من الأشخاص على يد الصهاينة على طول الطريق.
وقال إسماعيل سواباتا، مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة غزة، في هذا الصدد: "لقد قُتل بعض اللاجئين بالرصاص بعد أن طلب منهم الجنود التقدم، وتم ترك جثث بعضهم في مكانها، وتم نقل البعض الآخر إلى مستشفى شهداء الأقصى من قبل ذويهم".
كشف عدد من شهود العيان تفاصيل الاعدامات الميدانية التي نفذها جيش الاحتلال في غزة، وقال أحد لاجئي غزة، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "قامت قوات الاحتلال بفصل الأطفال والنساء عن الرجال، وأمرتهم بخلع ملابسهم بشكل كامل، واستجوبتهم، ومن ثم أجبرتهم على مغادرة المكان، وإخلاء المدرسة مع التهديد بالبنادق، وعندما توجه اللاجئون إلى قطاع غزة، أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليهم بطريق الخطأ، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة عدد آخر بجراح.
وحسب تقرير "العربي الجديد"، فإن بشير حجاجي، وهو أحد كبار السن من سكان حي الزيتون بغزة، والذي نشر جنود الاحتلال صورته لترويج "كذبة الممر الآمن" أثناء توجهه جنوبا في 10 تشرين الثاني/نوفمبر، وزعم جنود الاحتلال أنهم ساعدوه في عبور الطريق للمرور، قاموا بعد ذلك مباشرة بقتله بإطلاق النار عليه في صدره.
استهتار جيش الاحتلال
وأعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، أنها تلقت تقارير تفيد بأن القوات الإسرائيلية قتلت 11 فلسطينيا أعزل في جريمة حرب في غزة، وطلبت اللجنة من تل أبيب فتح تحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها قواتها، لكن الكيان الإسرائيلي قال إن الاتهامات لا أساس لها من الصحة.
ولم يعلق الجيش الصهيوني بشكل محدد على الاتهامات المتعلقة بعمليات الإعدام، لكن المتحدث باسم الجيش زعم في حديث مع "وكالة فرانس برس" أن هجماته كانت ضد أهداف عسكرية ووفقا لأحكام القانون الدولي، وبعد تقييم الأضرار الجانبية المتوقعة للمدنيين.
ويدعي قادة تل أبيب أن جميع الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة والذين يدعمون حماس هم إرهابيون ويجوز سفك دمائهم، ولهذا السبب، فإنهم لا يرحمون أحداً في هذه المنطقة، ويدعي الصهاينة أن حماس تختبئ خلف المدنيين ويسعون لمواجهة قوات حماس، ولكن في هذه الأثناء يقع المدنيون أيضا ضحايا ويعتبرون حماس المذنب الرئيسي في هذه الجريمة، وبناء على هذه الادعاءات، يمكن القول إن "إسرائيل" ليس لها حدود، وأي عملية تقوم بها، مهما كانت نتائجها فظيعة، تعتبر مشروعة.
ويلجأ جيش الاحتلال إلى سياسة العقاب الجماعي والتجويع والترهيب والإعدامات الجماعية لإجبار المواطنين الفلسطينيين على الفرار من منازلهم في غزة من أجل احتلال هذا القطاع المحاصر دون أي إزعاج والادعاء بأنه إنجاز كبير للمستوطنين.
الفلسطينيون الذين يتوجهون إلى جنوب غزة لا يشكلون أي خطر على قوات الاحتلال، لكن يبدو أن الصهاينة يعدمون بعض الأشخاص من أجل زيادة الخسائر في صفوف أهل غزة ومن أجل المتعة، ومن أجل تعويض ما فاتهم من هزيمتهم أمام حماس.
إن الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة على يد الكيان الصهيوني تكشف تمامًا عن استخفاف هذا الكيان الصارخ بالقوانين الإنسانية الدولية، كما أنها تشكل انتهاكًا خطيرًا لمبادئ وقواعد الحرب التي اعترف بها حتى المحللون الصهاينة، وقال ناحوم بارنيا، المعلق السياسي البارز في صحيفة يديعوت أحرونوت، ورون بن يشاي، المعلق العسكري في موقع واي نت العبري، يوم السبت، إن عمليات الإعدام في الشوارع في غزة لم تكن مجرد حادث أو خطأ، بل كانت جريمة، ووصفوا هذه الجريمة بأنها عار وفضيحة وفشل للجيش الصهيوني.