الوقت- في تحرك إنساني ملموس ضد الإبادة الجماعية التي يقوم بها العدو الصهيوني ضد الأبرياء في القطاع، اتجه أسطول يضم ألف قارب، ويضم حوالي 4500 فرد من دول غربية، نحو سواحل غزة الأربعاء، وتهدف هذا الاستجابة إلى إيصال رسالة قوية إلى "إسرائيل"، تدعوها إلى وقف هذه الأفعال المروعة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "تركيا" التركية، وأدلى فولكان أوكجو، الذي قاد التنظيم الخاص بالجزء التركي من العملية، بتصريحات صحفية قال فيها: "لن نمنح إسرائيل ورقة رابحة، ولن يشارك أي من الدول العربية في هذا الحدث"، وشدد على أن أكبر عدد من المشاركين يأتي من روسيا بواقع 313 قاربًا، تليهم إسبانيا بعدد 104 قوارب، فيما ستشارك تركيا بـ12 قاربًا، في وقت يواجه الكيان الإسرائيليّ صفعات متتالية على الصعيد العالميّ الذي خسر رأيه العام للأبد.
تصدٍ للإبادة الجماعيّة
بكل شفافية، أضاف أوكجو: "نتمنى زيادة هذا العدد، ونعتزم المضي قدمًا وفقًا للالتزام الصارم بالقوانين الدولية، دون تقديم أي ذريعة لـ"إسرائيل"، سنتوقف أولًا في قبرص الشمالية لتوفير الإمدادات الضرورية، ومن ثم سنتوجه إلى ميناء أشدود الإسرائيلي"، وأكمل: "يعد هذا استجابة وعصياناً مدنياً ضد المذبحة اللاإنسانية التي ترتكبها إسرائيل"، ومن المقرر أن يجتمع نحو 1000 قارب من عدة دول حول العالم في تركيا، بدءا من يوم الأربعاء 22 نوفمبر، بهدف مشترك وهو "التصدي للإبادة الجماعية المستمرة التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة".
ويهدف حوالي 4500 شخص، حاملين جوازات سفر من 40 دولة مختلفة إلى المشاركين في الأسطول للوصول إلى غزة عبر البحر، وستغادر القوارب تركيا في 23 نوفمبر، ومن بين المشاركين في هذا الأسطول البحري يوجد يهود مناهضون للصهيونية، ويؤكد المنظمون أن هذا الأسطول يعتبر أكبر عمل احتجاجي حتى الآن، مع التركيز على حماية الفلسطينيين المضطهدين ورفع صوتهم عالياً للتعبير عن قضيتهم أمام العالم الذي بات بأكمله مناهضا لـ"إسرائيل" وجرائمها.
وفي السابق وصل أسطول الحرية رحلته نحو ميناء قطاع غزة في محطته الأخيرة، بعد إطلاق سفنه الصغيرة من موانئ إيطالية متنوعة، وتأتي في مقدمتها سفينة "العودة"، التي تُعد واحدة من أكبر قوارب كسر الحصار، والتي انطلقت من ميناء "باليرمو" في جزيرة صقلية الإيطالية في 21 يوليو 2018، وفي اليوم الخامس من رحلتها في الخطوة النهائية نحو غزة، وصلت السفن الثلاث لكسر الحصار (العودة، حرية، وفلسطين) إلى جنوب شرق اليونان، حيث قطعت نصف المسافة بين جزيرة صقلية وشواطئ غزة، وعادة ما تؤكد اللجنة الدولية لكسر الحصار أن السفن تتحرك وفقًا للخطة والجدول الزمني المحدد لها، على الرغم من كل الظروف والأحوال الجوية، بهدف كسر الحصار عن قطاع غزة وتقديم المساعدات الطبية الرمزية، مرفقة برسالة قوية من التضامن والأمل بالحرية لشعب فلسطين.
والجديد في الأمر، أنه في المرات السابقة كان على متن السفن حوالي 40 فقط من المتضامنين الدوليين وشخصيات عامة من نحو 15 دولة، وشمل ذلك فريقًا إعلاميًا يضم مراسلين من قناة الجزيرة وقناة برس تي في، لكن الأعداد اليوم كانت صادمة لـ"إسرائيل" ومسؤولي تل أبيب الذين أجرموا بالفلسطينيين، ومن الصعب أن نفهم كيف يظل السياسيون في العالم على هذه السلبية والصمت، وخاصةً عندما نرى كل هذا الدعم والتضامن من شعوب العالم، إن هؤلاء الأفراد الذين يبحرون لعشرة أسابيع لنقل رسالة التضامن والدعم للشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقهم في الحركة الحرة من وإلى وطنهم دون قيود يمثلون عينة مهمة وكبيرة من أحرار العالم.
وشارك في هذه المحاولة السابقة لكسر الحصار، التي نظمها تحالف أسطول الحرية الدولي تحت شعار "من أجل مستقبل عادل لفلسطين"، نحو 25 ناشطًا دوليًا وشخصيات عامة، بينما تحمل القوارب الأخرى الأصغر حوالي 20 متضامنًا، أما اليوم فهناك الآلاف من 40 دولة ممن يودون صفع تل أبيب وقياداتها، وإن جميع المشاركين يأملون في الوصول إلى غزة لنقل رسالة الأمل والحب والسلام التي يحملونها لأهل غزة، وهم لا يستبعدون السيناريو الأسوأ، الذي يتمثل في "القرصنة الإسرائيلية" و"الاعتداء على السفن"، واعتقال المشاركين من على متنها، لكن تحالف أسطول الحرية نظم دورات لكل المشاركين حول المقاومة اللاعنفية، وكيفية التعامل مع مثل هذا السيناريو.
محاولة لتخفيف آلام غزة
لا شك أن لجنة المشاركين واللجنة القانونية قد أعدت كل الوثائق والإجراءات الضرورية في حال اعتقال المتضامنين، بهدف ضمان سلامتهم وعودتهم سالمين إلى بلادهم، ومن ناحية أخرى، نظمت اللجنة الدولية لكسر الحصار سابقا وبالتعاون مع الجالية الفلسطينية والجمعيات التضامنية في عدة موانئ أوروبية فعاليات تضامنية بحرية لدعم سفن كسر الحصار، ومن بينها في مدينتي مالمو ويوتوبوري في السويد، وتوفر هذه القوارب فرصًا اقتصادية وتدريبية مهمة للفلسطينيين المحاصرين في غزة، ولقد أدى الحصار البحري الإسرائيلي غير القانوني إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني، وخاصة صناعة صيد الأسماك في غزة، في الوقت الحالي، وتعتبر هذه القوارب فرصًا اقتصادية حيوية للفلسطينيين في غزة.
وتمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين في غزة من الإبحار لمسافات بحرية أكبر من بضعة أميال من الشاطئ، وتهاجم بشكل روتيني القوارب التي تتجه نحو صيد الأسماك في غزة، ولا بد من اتخاذ موقف دولي تجاه الحصار المفروض على غزة، وإغلاق المعابر، والمعاملة السيئة التي تمارسها السلطات الإسرائيلية تجاه سفن التضامن المتجهة إلى غزة لكسر الحصار، وخاصة أن هدف هذا الأسطول ليس فقط تقديم المساعدات الغذائية والطبية، ولكن أيضًا لإظهار التضامن ونشر الأمل بين أبناء وبنات الشعب الفلسطيني في غزة.
وتحمل هذه السفن كمية رمزية من الأدوية والمستلزمات الطبية، بهدف المساهمة في تخفيف معاناة الجرحى والمرضى الفلسطينيين، وخاصةً جرحى مسيرة العودة الكبرى الذين يعانون من عدم قدرتهم على الخروج للحصول على العلاج في الخارج بسبب الحصار، وعادة ما تشهد عدة موانئ في دول أوروبية، بما في ذلك الدنمارك والسويد واليونان، أنشطة وفعاليات تضامنية دعمًا لسفن كسر الحصار عن غزة، ويحمل المشاركون العلم الفلسطيني وشعارات تطالب بكسر الحصار، ويلقون كلمات وخطباً لشرح معاناة قطاع غزة.
ويضاف إلى ذلك، وجود حملات إعلامية وسياسية ترافق سفن كسر الحصار بهدف الضغط على الكيان وإيجاد حالة من التوعية حول معاناة غزة والواجب الإنساني الضروري تجاهها، كما أن الشعوب في العالم الغربي، من مختلف الشرائح، تقدم دعمًا كبيرًا لسفن كسر الحصار ولكل الأنشطة والفعاليات المناهضة للحصار إضافة إلى اليهود المناهضين للكيان العنصري، والذين يقولون نحن نعرف كيف يجب أن نقف إلى جانب إخواننا الفلسطينيين وأخواتنا في غزة لإنقاذ ما تبقى من إنسانيتنا، ولا نستطيع تخيل كيف يعاني الناس في غزة الذين فقدوا أطرافهم خلال الهجمات الوحشية التي طالتهم وما زالوا ينتظرون إنقاذهم، إن السبب يعود برأينا إلى بعض العواقب العديدة جراء الحصار الإسرائيلي غير القانوني.
في الختام، يعتبر كثيرون أن غزة هي منطقة في العالم تبدو فيها قوانين حقوق الإنسان منسية، وأن كل شخص يمكن أن يغير العالم، بطريقته الخاصة، أينما كانوا وبأي طريقة يستطيعون، ويُذكر أن "إسرائيل" تعتبر مبادرة أسطول الحرية غير قانونية، وأن محكمة في القدس قررت سابقا وضع اليد على سفن كسر الحصار النرويجية والسويدية، وتحويل ثمنها للعائلات الإسرائيلية المتضررة من عمليات المقاومة، فيما يسعى منظمو أسطول الحرية لإهداء السفن إلى محتاجين في قطاع غزة عند وصولها إلى الموانئ، وقد اعترضت بحرية الاحتلال الإسرائيلي إحدى سفن "أسطول الحرية 3" في عام 2015 عندما كانت في طريقها لكسر الحصار المفروض على سكان قطاع غزة.