الوقت- تُعد حكومة نتنياهو وفترته الطويلة في رئاسة الوزراء للكيان الصهيوني من بين الفترات السياسية البارزة والمثيرة للجدل في تاريخ الكيان الموقت، ومع ذلك، لم تخلُ هذه الفترة الطويلة من انتقادات واتهامات بالفشل في تحقيق العديد من الأهداف والتحديات المهمة التي تواجه الكيان الصهيوني المؤقت.
تُعد إحدى أبرز نقاط الفشل لحكومة نتنياهو عجزها عن تحقيق التقدم في عملية السلام مع الفلسطينيين، وقد ازدادت التوترات والصعوبات ، وتفشى الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما زاد من عراقيل التوصل إلى اتفاق سلام شامل ودائم، إضافة إلى ذلك، تعرضت حكومة نتنياهو لانتقادات حادة بشأن سياساتها الاقتصادية، رغم التزامه بتحقيق النمو الاقتصادي ، إلا أن الفجوة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة قد اتسعت وزادت مشكلات البطالة والفقر داخل كيان الاحتلال الصهيوني.
علاوة على ذلك، كان هناك اتهامات متكررة لحكومة نتنياهو بالفساد والتورط في قضايا قانونية، وقد أدى ذلك إلى تقويض الثقة في قيادته وتهديد استقرار الحكومة، ورغم محاولاته للبقاء في السلطة وتفادي المساءلة، إلا أن الفضائح المتتالية والاتهامات المستمرة أثرت سلبًا على سمعة نتنياهو وشكلت تحديًا كبيرًا أمام حكومته، حكومة نتنياهو انتهجت تطرفًا سياسيًا وتوجهًا نحو اليمين، وهذا التوجه القوي نحو اليمين ساهم في زيادة الخلافات والانقسامات وسط المجتمع الإسرائيلي وتأجيج التوترات في المنطقة.
تعتبر سياسات الاستيطان والتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة أحد أبرز التطرفات التي اتخذتها حكومة نتنياهو، فقد شهدت الاستيطانات توسعًا مستمرًا، وتم بناء المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الفلسطينيين بشكل غير قانوني ومستفز، هذا النهج المتطرف زاد من التوترات والاحتقان في المنطقة، وأثار غضب الفلسطينيين، إضافة إلى ذلك، شهدت حكومة نتنياهو تصعيدًا في اللغة العنصرية والتحريض ضد العرب والمجتمعات الفلسطينية، وتم استخدام الخطاب العنصري والتحريض لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل، ما أدى إلى زيادة الاحتقان والتوتر بين الأعراق والطوائف في داخل الكيان الصهيوني، ومن جانب آخر، تتعلق الخلافات التي تسببت فيها حكومة نتنياهو بالعديد من القضايا الداخلية والسياسية، فقد تعرضت الحكومة لانتقادات حادة بشأن إدارة الاقتصاد وتوزيع الثروة، حيث اتهمت بتفضيل المصالح الاقتصادية الكبرى على حساب الطبقات الفقيرة والمتوسطة، أيضًا، تراكمت الاتهامات بالفساد والتورط في قضايا قانونية من قبل نتنياهو ومقربين منه، ما زاد من الاحتقان السياسي ونقص الثقة في الحكومة ومؤسساتها، بشكل عام، يمكن القول إن حكومة نتنياهو شهدت تطرفًا سياسيًا وسلوكًا قوميًا يميل نحو اليمين، ما زاد من الخلافات والانقسامات في المجتمع الإسرائيلي .
" تصاعد الاتهامات وتنامي الضغوطات".. هل انتهى مستقبل نتنياهو السياسي؟
يرى محللون أن مستقبل رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يصبح على المحك بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على الكيان الصهيوني والذي خلّف صدمة في داخل الكيان الصهيوني، وفي هذا السياق رأى خبير السياسة الإسرائيلية والنائب السابق عن الحزب العمالي دانيال بنسيمون “إنها بداية سقوطه”، وإن كان يقر بأنها ليس المرة الأولى التي يجري الكلام فيها عن نهاية المسيرة السياسية الطويلة لنتانياهو، إلا أنه على قناعة بأن “الخطأ الذي ارتكبه هذه المرة جسيم للغاية”.
وقال لوكالة فرانس برس “أخفق في مهمته الجوهرية، وهي ضمان حماية شعبه، وبسببه، كانت "الدولة والجيش" غائبين السبت في السابع من تشرين الأول عند حدود قطاع غزة” مضيفا “سوف يدفع الثمن غاليا”.
وباغتت حركة حماس "إسرائيل" بشن عملية “طوفان الأقصى” التي توغّل خلالها مقاتلوها في مناطق بجنوب "إسرائيل" بحرا وبرا وجوا تزامنا مع إطلاق آلاف الصواريخ على "إسرائيل"، فقتلوا أكثر من ألف مدني في الشوارع وفي منازلهم كما في مهرجان موسيقي، وأخذوا ما لا يقل عن 155 شخصا رهائن، وفق السلطات الإسرائيلية.
تصاعد القتال إلى حرب شاملة، بعدما أعقبته حملة قصف إسرائيلية كثيفة"، ووصلت حصيلة القتلى في الجانب الإسرائيلي إلى أكثر من 1400 شخص، فيما أدى الرد الإسرائيلي إلى استشهاد 2670 فلسطينيا وفق وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس.
وبعدما شغل منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ "إسرائيل" بلغت 16 سنة بصورة إجمالية، قد تنتهي المسيرة السياسية لنتانياهو إذا خلصت لجنة تحقيق حكومية إلى أنه يتحمل مسؤولية في المجازر التي وقعت خلال هجوم حماس وفق السلطات ووسائل الإعلام الإسرائيلية.
والحكومة هي التي تعين في "إسرائيل" هذا النوع من لجان التحقيق، مثلما حصل بعد حرب أكتوبر 1973 حين فوجئت "إسرائيل" تماما بهجوم القوات المصرية والسورية، وبعد الاحتجاجات التي أعقبت الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
نتنياهو يعيش فشلًا ومأزقًا حقيقيًا.. المقاومة تكسر شوكة الكيان الصهيوني
يشهد الكيان الصهيوني، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حالة من الفشل والمأزق الحقيقي في مواجهة المقاومة الفلسطينية، وتمكنت المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، من كسر شوكة الكيان الصهيوني وتوجيه ضربات قوية تجاه القادة العسكريين والسياسيين في "إسرائيل".
تتصاعد الخلافات داخل الكيان الصهيوني، وتزداد حالة الاحتقان والضغط الداخلي، وتعكس سلسلة الهجمات والصواريخ التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس، وفشل نتنياهو في مواجهتها، فشلًا حقيقيًا للكيان الصهيوني، لقد تمكنت المقاومة من تجاوز النظام الدفاعي الإسرائيلي وتوجيه ضربات مدمرة إلى مدن إسرائيلية، ما أثار صدمة وهلعًا داخل الكيان.
وفي هذا السياق تزايدت الانتقادات والضغوط على القادة العسكريين والسياسيين في الكيان الصهيوني بسبب عجزهم عن وقف تقدم المقاومة، حيث يتعرضون لانتقادات حادة بسبب عجزهم عن التصدي للصواريخ والهجمات الفلسطينية، ويتساءل الناس عن قدرة القادة على توفير الأمن، وهو ما يضعهم في موقف صعب ويشكك في قدراتهم القيادية، نعم لقد تزايدت الخلافات والانقسامات داخل الكيان الصهيوني نتيجة لفشل نتنياهو وقادة الكيان في مواجهة المقاومة، ويتبادل السياسيون والمحللون الاتهامات والانتقادات فيما بينهم، ما يعكس حالة من الفوضى وعدم الثقة داخل الكيان، الخلافات تعصف بقدرة الكيان على اتخاذ قرارات فعالة.
رسم كاريكاتور لزعيم حزب الليكود اليميني
نشرت صحيفة هآرتس الجمعة رسم كاريكاتور لزعيم حزب الليكود اليميني يصوّره على شكل بستانيّ يقوم بري الخسّ في بستانه، وعلى كلّ خسّة وجه أحد قادة حماس، ورأى الخبير السياسي أكيفا الدار أن نتنياهو “فشل على طول الخطّ، وتجاهل تحذيرات العسكريين، وأعطى الأولويّة للاستيطان في الضفة الغربية (المحتلة) وأهمل الكيبوتسات اليسارية بصورة عامة، وبقي أسير مفهوم خاطئ يعتبر أن حماس لن تجرؤ أبدا على مهاجمتنا بمثل هذه الوحشية”.
وتابع “إضافة إلى كلّ ذلك، هو غير قادر على اتخاذ قرار”، ومضى معلّق في الإذاعة الإسرائيلية في الاتجاه ذاته، لافتا إلى أن تشكيل “حكومة طوارئ وحكومة حرب” تضم المعارضة “كان يفترض أن يحصل في غضون 48 ساعة بعد المأساة، لكنه تحتم الانتظار خمسة أيام، إنها فضيحة حقيقية”، وفي دليل على أن "إسرائيل" فوجئت تماما، قال مسؤول حكومي كبير لفرانس برس إنه لم يكن من المقرر عقد أي اجتماع طارئ للحكومة حين شنت حماس هجومها.
في الختام، يمكن القول إن الكيان الصهيوني يعيش حاليًا أوضاعًا صعبة ويواجه تحديات عديدة، ويتجلى ذلك في الفشل الصهيوني في مواجهة المقاومة الفلسطينية وتصاعد الاحتقان داخل الكيان، لقد أظهرت المقاومة الفلسطينية صمودًا وقوة استثنائية في مواجهة العدوان الصهيوني وتحقيق مكاسب مهمة، على الرغم من الجرائم الوحشية التي ارتكبها الصهاينة بحق الأبرياء والمدنيين في قطاع غزة.
مسيرة نتنياهو، كزعيم بارز في الكيان الصهيوني، تواجه نهايتها المحتومة، فشله في التعامل مع التحديات الأمنية والسياسية، وتورطه في فضائح فساد، جعلت منه شخصًا غير مقبول لدى جميع الأطراف، يبدو أنه لا فرار من نهاية مسيرته السياسية، ويمكن رؤية تحركات وتوجهات جديدة تسعى لتغيير الوضع الراهن في "إسرائيل"، على الرغم من التحديات والصعاب التي يواجهها الكيان الصهيوني، فإن الشعب الفلسطيني والمقاومة لا يزالون يثبتون صمودهم وقوتهم في مواجهة القمع الصهيوني.
إن إرادتهم وصمودهم أمام الظروف الصعبة يشكلان رمزًا للتحدي والأمل في تحقيق الحرية والعدالة للشعب الفلسطيني، ومع استمرار القتل الصهيوني والجرائم التي يرتكبها الصهاينة، يتعين على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية المضي قدمًا في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وتحقيق العدالة، يجب أن تتحمل "إسرائيل" المسؤولية عن جرائمها وأعمالها العدائية وأن تواجه عواقب أفعالها.
على المستوى العالمي، يجب أن يستمر الجهود المبذولة لدعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في تحقيق حريته واستقلاله، وإن التضامن الدولي والحركة الشعبية لن تتوقف حتى يتحقق السلام العادل والدائم في المنطقة.