الوقت - في الأشهر القليلة الماضية، تزايد التوتر بين الکيان الصهيوني وحزب الله اللبناني في الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، وتشير تقييمات وتحليلات الخبراء الصهاينة، إلى أن احتمالات المواجهة بين الجيش الصهيوني وحزب الله اللبناني قد تزايدت بشكل كبير.
ويقدر محللون ومنتقدون لحكومة نتنياهو، أن السيد حسن نصر الله توصل إلى نتيجة مفادها بأن "إسرائيل" أصبحت ضعيفةً وعاجزةً، بالنظر إلى التطورات التي شهدتها الأراضي المحتلة في الأشهر القليلة الماضية.
وحسب تحليلات بعض الخبراء الصهاينة بشأن احتمال تزايد الصراع بين حزب الله اللبناني والجيش الصهيوني، فإن السؤال الذي يطرح في هذه الأثناء هو، هل سيتحرك الکيان الصهيوني ضد حزب الله اللبناني في الحدود الشمالية؟ وما مدى صحة تقييم بعض الخبراء لاحتمال نشوب صراع بين جيش الکيان وحزب الله في لبنان؟
بالنظر إلى سياسة وسلوك السلطات الصهيونية في مواجهة حزب الله اللبناني، يمكن أن نفهم أن الصهاينة ليسوا مستعدين حالياً للدخول في صراع مع حزب الله اللبناني، وسلطات هذا الکيان تدرك جيداً أن نتيجة مثل هذا الصراع مع حزب الله اللبناني ستكون كارثيةً، إلى درجة يصعب على الصهاينة تصورها.
قال السيد حسن نصر الله في كلمته الأخيرة رداً على تهديدات وزير الحرب في الکيان الصهيوني: قادة العدو يعرفون ذلك جيداً، لكنهم يبحثون فقط عن مناورات إعلامية لا قيمة لها عندنا، أقول لقادة العدو إن ذهبتم إلى الحرب مع لبنان، فإنكم ستعودون أيضاً إلى العصر الحجري.
إن سلطات الکيان الصهيوني تعرف جيدًا القوة العسكرية والهجومية التي يمتلكها حزب الله اللبناني، والضرر الذي يمكن أن يلحقه بهم والذي لا يمكن إصلاحه، ولذلك، فإن الصهاينة يبذلون قصارى جهدهم لتبني السياسات الأكثر حذراً في مواجهة حزب الله اللبناني.
على سبيل المثال، يمكن رؤية مثال على ذلك في هجمات المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة من جنوب لبنان في الأشهر القليلة الماضية، فبعد إطلاق عدد كبير من الصواريخ باتجاه شمال الأراضي المحتلة، وهو ما اعتبر غير مسبوق بعد حرب لبنان الثانية، طرح السؤال كيف سيرد الکيان الصهيوني على هذه الهجمات الصاروخية؟
ربما ظنّ البعض أن جيش الکيان الصهيوني سيوجه ضربةً قويةً لمواقع قوى المقاومة في جنوب لبنان، وكذلك حزب الله في هجوم كبير، لكنه هاجم مواقع أخرى غير مواقع حزب الله في جنوب لبنان بشكل محدود وحذر للغاية، وتجدر الإشارة إلى أن أحد أهداف الکيان الصهيوني رداً على الهجمات الصاروخية من جنوب لبنان، كان مهاجمة مزرعة موز في جنوب لبنان!
وقد يدعي الصهاينة أن لديهم جيشاً قوياً ومجهزاً جيداً ويردون بسرعة على أي تهديد، لكنهم يعلمون جيداً أن حزب الله اللبناني مجهز حالياً بأسلحة قوية وعالية الجودة، وهو ما يميز حزب الله اللبناني في فترة حرب لبنان الثانية تماماً عن حزب الله 2023.
كما أن الصهاينة يدركون جيداً قوة نيران حزب الله وقوات المقاومة الفلسطينية، ويعرفون عدد الهجمات الصاروخية التي سيواجهونها إذا بدأت الصراعات، وقد كتب موقع هآرتس الصهيوني في تقرير له عن الهجمات الصاروخية التي يشنها حزب الله والمقاومة الفلسطينية: إن إطلاق 10 آلاف صاروخ من لبنان و5000 صاروخ من قطاع غزة باتجاه فلسطين المحتلة، ليست أرقاماً خياليةً.
هذا لو دخل حزب الله اللبناني وقوات المقاومة الفلسطينية فقط في صراع مع الجيش الصهيوني، ورغم أن قوى المقاومة الفلسطينية قادرة وحدها على تركيع الکيان الصهيوني اليوم، إلا أنه بالنسبة للصهاينة، فإن فكرة دخول حزب الله اللبناني وقوات المقاومة في سوريا والعراق واليمن وأجزاء أخرى من المنطقة في الصراع، إلى جانب هجمات القوات الفلسطينية، هي كابوس رهيب.
وفي فترة الهجمات الصاروخية المحدودة من جنوب لبنان ومن قطاع غزة، أدرك الصهاينة بشكل ملموس أنه في حال نشوب صراع إقليمي، فإنهم سيتعرضون لهزيمة كبرى في وقت أقرب مما يعتقدون.
وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أننا نشهد اليوم حالة أزمة غير مسبوقة في الأراضي المحتلة؛ لأنه حتى الآن في تاريخ هذا الکيان، لا يوجد ما يشير إلى أن حكومةً بأغلبية ساحقة يمكن أن تتولى السلطة ويتم تشكيل مثل هذه الاحتجاجات ضدها.
لقد مرت تسعة أشهر الآن على قيام معارضي حكومة نتنياهو بتنظيم مظاهرات ضد الحكومة اليمينية للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وقد نشأ مستوى كبير من الخلاف الداخلي في الکيان الصهيوني، وقد أثّر ذلك أيضًا على جيش هذا الکيان، حيث أعلن عدد كبير من قوات الاحتياط في الجيش الصهيوني أنهم لن يشاركوا بعد الآن في برامج الجيش، وحسب الصهاينة فإن هذه القضية أضرت بتماسك الجيش، الذي يعدّ أهم عنصر في بقاء الصهاينة.
ولذلك، يمكن القول إن سلطات الكيان الصهيوني لن تقوم أبداً بفتح أبواب الجحيم علی نفسها، لأنها تدرك جيداً الوضع الداخلي المزري وقوة محور المقاومة، ويحاول القادة والمسؤولون العسكريون في هذا الکيان إظهار قوتهم من خلال التهديدات اللفظية والأفعال الشکلية، بما في ذلك إجراء تدريبات عسكرية، لكن الجميع يعلم أن هذه المواقف الفارغة لم تعد تنطلي علی أحد، واليوم تغير الواقع الميداني.