الوقت - أصبح جلياً أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس بأفضل حالاته سواء فيما يتعلق بالشأن الداخلي حيث تستمر شعبيته بالتراجع يوما بعد يوم أو حتى في علاقاته الخارجية وخاصة مع الإدارة الأمريكية التي من المفروض أن تعلن التزامها بأمن "اسرائيل" لكن على ما يبدو أن الرياح الأمريكية هذه المرة ستجري بما لا تشتهي سفن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة بعد الأخبار التي انتشرت عبر وسائل الإعلام المختلفة والتي مفادها بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن لن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بالبيت الأبيض هذه المرة إنما سيكون لقاء أقل أهمية وأقل حفاوة مما سبق دون أي احتفالات أو مراسم بل سيقتصر الأمر على نصف اجتماع على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
حيث نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أمريكيين أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قرر لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وليس في البيت الأبيض وذلك بعد نقاش داخلي طويل بشأن اعتبارات سياسية وفق تعبير الموقع وأضاف المسؤولون إن نقاشا طويلا دار داخل البيت الأبيض بشأن اللقاء ومكان انعقاده، حيث أيد بعض مستشاري بايدن عقده في البيت الأبيض، في حين أيد آخرون عقده في نيويورك.
كما ذكروا أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أبلغ نتنياهو في اتصال هاتفي أن جدول بايدن لن يشمل لقاءه في البيت الأبيض بل في نيويورك وسبب ذلك أن الكثير في البيت الأبيض اعتقدوا أن لقاء في البيت الأبيض يجمع بايدن بنتنياهو سيضر سياسيا بايدن.
من جهته أكد متحدث البيت الأبيض جون كيربي حدوث مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأن هناك اتفاقاً على لقاء بينهما دون تحديد موعده أو تأكيد توجيه بايدن دعوة لنتنياهو لزيارة واشنطن.
وقال كيربي في إيجاز للصحفيين في البيت الأبيض: إن بايدن ونتنياهو "اتفقا على اللقاء"، ولكن دون تحديد الزمان مضيفا "لقد اتفقا على أنهما سوف يجتمعان على الأرجح قبل نهاية هذا العام. وجميع تفاصيل أين ومتى ما زالت قيد الإعداد" وتابع: "يركز الجميع على الدعوة واللقاء، ومرة أخرى، سيكون هناك اجتماع هنا في الولايات المتحدة في وقت ما، في الخريف".
ووفقا لمصادر أمريكية فهناك عدة أسباب تقف وراء القرار بعدم دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض في هذه الفترة، من بينها أنّ ذلك سيسبب ضراراً سياسياً لبايدن إضافة إلى تخوّف عدد من مستشاري الرئيس من سيناريو تظاهر آلاف اليهود الأمريكيين والإسرائيليين قبالة البيت الأبيض خلال اللقاء، كما أنّ البيت الأبيض لا يريد نقل السجال السياسي الداخلي في "إسرائيل" إلى واشنطن.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التوترات القائمة في العلاقات بين "إسرائيل" والولايات المتحدة منذ تنصيب حكومة اليمين في "إسرائيل"، حيث إن التعديلات القضائية التي تقودها الحكومة الإسرائيلية لإضعاف القضاء هي أحد الأسباب الرئيسية لهذا التوتر وإن "أغلبية الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية وأغلبية أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس والبيت الأبيض نفسه، تعارضان تحركات الحكومة الرامية إلى إضعاف المحكمة العليا وغيرها من المؤسسات الديمقراطية في إسرائيل"، كما يعتبر الرئيس بايدن أن الحكومة الإسرائيلية الحالية "الأكثر تطرفاً، منذ أن بدأ العمل أمام رؤساء حكومات إسرائيل قبل 50 عاماً".
يذكر أنه تصاعدت الاحتجاجات منذ اقتراح حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة تشريعا جديدا تسميه "إصلاحات" في الجهاز القضائي حيث تعتبر الحكومة التعديلات القضائية هي محاولة لاستعادة التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، لكن المعارضة تقول إنّ ما تقوم به الحكومة من شأنه الحد من سلطات المحكمة العليا في إصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تمنح النواب سلطة أكبر في تعيين القضاة ويتطلب تعيين القضاة موافقة السياسيين والقضاة أعضاء اللجنة المعنية، بما يمنح الحكومة نفوذا أكبر ويسعى نتنياهو، لإدخال تغييرات جذرية على النظام القضائي، حيث تعتمد الحكومة على أغلبيتها البرلمانية، في محاولة لتمرير تعديل قانون السلطة القضائية.
على خلفية ذلك، ومع استمرار الاحتجاجات الداخلية ضده، حَمَلَ نتنياهو بشدة، قبيل صعوده للطائرة في مطار اللد، على المتظاهرين، فقال إن المتظاهرين ضده في "إسرائيل" والولايات المتحدة يتحدون مع إيران ومع منظمة التحرير الفلسطينية.
وعن المظاهرات التي تنتظره في الولايات المتحدة بمشاركة إسرائيليين وأمريكيين، قال نتنياهو إنها تتجاوز كل الحدود، وتشرعن إغلاق المفارق والشوارع في البلاد، وتشهّر بـ"إسرائيل" في العالم، وهذا أمر غير عادي، وهي ترفد بتنظيم وتمويل كبيرين.
في المقابل يؤكد قادة الاحتجاجات في تل أبيب أن نتنياهو يربط بين "إسرائيل" وبين بولندا، وهنغاريا، وتركيا، وإيران، ذات الأنظمة الدكتاتورية الظلامية، وأنه هو من يدمّر صورة "إسرائيل" في العالم، وهذا أمر غير عادي، وهي ترفد بتنظيم وتمويل كبيرين.
وأن الأمر الوحيد القادر على إنقاذها هو المظاهرات والمتظاهرون الذين يحافظون على القيم الديموقراطية داخل إسرائيل”.
من جهة ثانية تزداد مشاعر القلق وخيبة الأمل في البيت الأبيض من حكومة الاحتلال، وخاصة الوزراء المستوطنين الغيبيين والمتشدّدين فيها، والرافضين لـ أي “تنازلات” أو “خطوات حسن نية” للفلسطينيين- وفق ما قالته صحيفة “هآرتس” العبرية، نقلاً عن مصادر أمريكية وإسرائيلية.
الإدارة الأمريكية المعنية بصفقة ثلاثية مع "إسرائيل" والسعودية، لاعتبارات إقليمية ودولية تتعلق بمصالح كبرى في الشرق الأوسط وبالصين وإيران وروسيا، علاوة على حسابات انتخابية لدى بايدن، تفحص إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية في "إسرائيل".
فيما يساور القلق أيضاً أوساطاً يهودية في الولايات المتحدة من حكومة نتنياهو المتطرفة والعنصرية، فعلاوة على اللقاء مع بايدن وخطابه في الأمم المتحدة من المخطّط أن يلتقي نتنياهو في نيويورك، على هامش أعمال الأمم المتحدة، رئيس أكرانيا زيلينسكي، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب مع روسيا، ومن المخطّط أيضاً أن يلتقي نتنياهو في نيويورك الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، والمستشار الألماني أولف شولتس، ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك ياؤول.