الوقت- شهدت الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت سيطرة احتلال "إسرائيل" مؤخراً، مظاهرات حاشدة خرج فيها عشرات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين إلى الشوارع، اعتراضًا على سياسات الحكومة الدينية اليمينية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتركزت الاحتجاجات بشكل خاص على زيادة ملحوظة في معدلات الجريمة داخل القطاع العربي في "إسرائيل"، وأكد المنظمون أن أكثر من 100 ألف شخص شاركوا في المسيرة التي أُقيمت في مدينة تل أبيب (يافا) الساحلية بمفردها، وفي كلمة ألقاها في تل أبيب، أشار مأمون عبد الحي، رئيس بلدية الطيرة العربية، إلى أن "الدماء تسيل في شوارعنا"، وفي حادث أليم، تعرض عضو بارز في بلدية الطيرة لإطلاق نار قرب مركز الشرطة يوم الإثنين الماضي، ما أثر بشكل كبير على المجتمع المحلي.
جرائم بحق المجتمع العربي
بشكل صريح ومباشر، رفع رئيس البلدية اتهامات حادة ضد حكومة بنيامين نتنياهو، مؤكدًا فشلها في مكافحة الزيادة المتصاعدة لمستويات الجريمة داخل المجتمع العربي، وأشار عبد الهادي إلى أن الأشخاص الذين تم تعيينهم، ومن بينهم السياسي اليميني المثير للجدل إيتمار بن غفير كوزير للداخلية، لم يظهروا استعدادًا كافيًا لحماية المواطنين، وأثناء خطابه في بلدة كركور بالشمال، وصف زعيم المعارضة، يائير لبيد، بن غفير بأنه "عنصري يثير الشفقة وفاشل تمامًا"، ويُشار إلى أنه منذ بداية هذا العام، تم تسجيل 156 حادثة قتل نتيجة أعمال العنف داخل القطاع العربي وفقًا لتقارير وسائل الإعلام، ويعد هذا الرقم أكثر من ضعف العدد الذي تم تسجيله في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويُذكر أن "الأقلية العربية" في الأراضي المحتلة تمثل حوالي 20% من إجمالي السكان الذين يبلغ عددهم حوالي 10 ملايين نسمة، وتشهد "إسرائيل" منذ أكثر من ستة أشهر احتجاجات حاشدة ضد سياسات الحكومة، وتركز معظم هذه الاحتجاجات على مسألة "الإصلاح" القضائي المثير للجدل بشكل كبير، ويقول منتقدو هذا الإصلاح إنه "يشكل تهديدًا يهدد بتقويض الديمقراطية في إسرائيل"، وعلى الرغم من الاحتجاجات الشديدة، تمكن التحالف من إقرار قانون في شهر تموز/يوليو الماضي، والذي يقيد قدرة المحكمة العليا على مزيد من العمل، ومن المزمع أن تنظر المحكمة العليا في الالتماسات المُقدمة ضد هذا القانون في تاريخ 12 أيلول/سبتمبر المقبل.
ولا شك أن كيان الاحتلال الإسرائيلي قد تورط في العديد من الأحداث والجرائم المتعلقة بالعرب في الأراضي المحتلة، وهذا قد أثار ولا يزال الكثير من الانتقادات والانتقادات الدولية.
من بين القضايا والجرائم التي أثيرت ضده تشمل الاستيطان، حيث إن بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي يعتبرها العديد من المجتمع الدولي غير قانونية، إضافة إلى التهجير القسري والهدم، مع تقديم الدعم لعمليات هدم المنازل والبنية التحتية الفلسطينية، ونفي العائلات الفلسطينية من منازلهم، ناهيك عن حصار غزة، حيث فرض حصار على قطاع غزة لسنوات طويلة، ما أسفر عن آثار إنسانية واقتصادية كبيرة على السكان، إضافة للعنف العسكري، حيث خاضت قوات الاحتلال حروباً وهجمات عسكرية ضد الفلسطينيين مثل حرب غزة في 2014 وحرب لبنان في 2006، ولا يخفى على أحد انتهاكات حقوق الإنسان، حيث يعالم العالم مدى انتهاك "إسرائيل" لحقوق الإنسان الفلسطيني، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.
الجميع يكرهون نتنياهو
بنيامين نتنياهو هو رئيس وزراء "إسرائيل" السابق الذي شغل هذا المنصب بشكل متكرر على مدى عدة فترات، وتم توجيه العديد من الاتهامات إليه بارتكاب مجموعة من الأفعال والسياسات التي أثرت على الفلسطينيين وأثارت انتقادات وجدلا كبيرين، ومن بين هذه الاتهامات، اتهم نتنياهو بالسماح بزيادة استيطان اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يعتبر انتهاكًا للقانون الدولي وعائقا رئيسيًا أمام عملية السلام، كما تعرضت الضفة الغربية وقطاع غزة لعمليات عسكرية إسرائيلية على مر السنوات، واتهم نتنياهو بالمساهمة في استخدام القوة المفرطة والعنف ضد المدنيين الفلسطينيين، وقامت "إسرائيل" بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية وقمع الحريات الأساسية في الأراضي الفلسطينية، واتهم نتنياهو بتصعيد التوتر في المنطقة وإشعال حروب ضد الشعب الفلسطيني.
إضافة إلى ذلك، يُتهم بنيامين نتنياهو بعدم الالتزام بمبدأ حل الدولتين وحقوق الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعدم تقديم العدالة للضحايا الفلسطينيين وضمان حقوقهم، ونتيجة لهذه الاتهامات، تعرض نتنياهو لانتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، وهذه المنظمات تدعو إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضده وضد حكومته بهدف وقف هذه الممارسات وتحقيق العدالة، وتعزيز حرية واستقلالية الشعب الفلسطيني.
واستنادًا إلى ما تم ذكره سابقًا، يُوجَه العديد من الاتهامات الأخرى إلى بنيامين نتنياهو بشأن سياسته وممارساته السياسية المتعلقة بالفلسطينيين، ومن هذه الاتهامات، يتضمن انتهاك حقوق الإنسان حيث يُتهم نتنياهو بانتهاك حقوق الإنسان للفلسطينيين، وتشمل هذه الانتهاكات الحريات الأساسية مثل الحرية الدينية والحرية السياسية وحرية التنقل وحرية التعبير، إضافة إلى اتهامه بتجريف منازل الفلسطينيين وإجبار المدنيين الفلسطينيين على التهجير من أراضيهم، إضافةً إلى ذلك، يتعلق الاتهام بتصعيد العنف في المنطقة وعدم تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. وتشمل الاتهامات أيضًا تحريض جيش الاحتلال الإسرائيلي على استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين، وتُشدد هذه الاتهامات خاصةً خلال الحروب الأخيرة في قطاع غزة والضفة الغربية.
وإضافة إلى ذلك، يتعرض بنيامين نتنياهو لاتهامات بالفساد والتلاعب بالقانون واستغلال منصبه لمصلحة مصالحه الشخصية، وخضع لتحقيقات واسعة في مجموعة متنوعة من القضايا المتعلقة بالفساد، وبعض النقاد يربطون بين هذه الاتهامات وسياسته تجاه الفلسطينيين، كما يتم اتهام نتنياهو بالتمييز العنصري ضد الفلسطينيين، ويُتهم بتبني سياسات تمييزية تمنح اليهود مكانة خاصة تفوق على الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، ويُعتقد أن هذه السياسات تفاقم التوترات بين الجماعات الإسرائيلية والفلسطينية وتثير مخاوف من عدم تحقيق المساواة والعدالة، وتلك الاتهامات تكون محورًا للنقاش السياسي والقانوني والاجتماعي في كيان الاحتلال وفي الساحة الدولية، وتلقى اهتمامًا كبيرًا من قبل المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي.
ومن الناحية الإسرائيلية، تتراجع شعبية بنيامين نتنياهو ويمكن أن يُرتبط ذلك بعدة عوامل، أحد هذه العوامل هو سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يرى الكثيرون في "إسرائيل" أن هذه السياسة تعرقل فرص التوصل إلى حل سلمي مع الفلسطينيين وتعرض الكيان لانتقادات دولية وعزل دبلوماسي. وإضافة إلى ذلك، يُعزى تراجع شعبية نتنياهو أيضًا إلى التحديات الأمنية والتحديات الإقليمية التي تواجه العدو، يُرى المستوطنون أنه لم يتمكن من التعامل بشكل فعال مع هذه التحديات وتحقيق الاستقرار الأمني، وهذه العوامل تضع ضغوطًا على نتنياهو للبحث عن حلول دبلوماسية وأمنية أكثر فعالية وتغيير في سياسته لمواجهة التحديات السائدة.
ومن جهة أخرى، تعتبر القضايا الاقتصادية والاجتماعية أمورًا حساسة للغاية في "إسرائيل"، ويُشير الإسرائيليون ووسائل الإعلام إلى تراجع شعبية بنيامين نتنياهو نتيجة لهذه القضايا، ويرون أنه لم ينجح في حل بعض المشاكل الاقتصادية المستمرة، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة وضرورة توفير السكن بأسعار معقولة. وإسرائيليون كثيرون يرون أن تراجع شعبية نتنياهو يعكس رغبة الجمهور في تغيير الوجوه القيادية بعد فترة طويلة من الاستمرارية في السلطة، ويعتقدون أن هناك حاجة ملحة لتنويع السياسة وتجديد الروح السياسية في الكيان.
في النهاية، لا شك أن أسلوب القيادة يُعتبر موضوعًا مهمًا للغاية. ولا شك بأن بنيامين نتنياهو وأسلوب قيادته ساهم بشكل كبير في تراجع شعبيته، ويُنظر إليه كواحدٍ من العوامل التي زادت من حدة الانقسام والاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي، ويركز بشكل زائد على مصالحه الشخصية والسياسية على حساب المصالح الأوسع للكيان، وخلال فترة ولايته، أثيرت نقاشات واهتمامات كبيرة حول تآكل المؤسسات الديمقراطية في الكيان، حيث يرون أن نتنياهو قوض استقلال القضاء، وشن هجمات على وسائل الإعلام، وحاول إضعاف الضوابط والتوازنات الديمقراطية، وهذه الإجراءات قد تسببت في خيبة الأمل وتراجع الدعم العام للحكومة، وخاصة بالنظر إلى الطموح الشخصي المستمر لنتنياهو ورغبته في البقاء في السلطة لفترات طويلة، ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الدولية أيضًا تعرضت للنقد بسبب تصرفات نتنياهو وتعامله مع الشؤون الدولية، ويعتقد البعض أن نهجه في التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتورطه في المجازر والأحداث الدموية قد ساهم في تدهور مكانة الكيان الدولية، ما أدى إلى توتر العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين وتأثير سلبي على الصورة الدولية للكيان، والتي باتت إجرامية للغاية.