الوقت- مؤخراً، كشفت الصحف التركية عن تفاصيل الحركة الأمريكية "الفاضحة" في شمال سوریا وأهدافها الخفية، حيث اعتقدت صحيفة" يني شفق " التركية أن واشنطن تعتزم إرسال 2500 جندي ومعدات عسكرية إلى شمال سوريا بحجة تزايد التهديدات من روسيا وإيران، لكن هدفها الحقيقي والذين لا يرغبون الحديث عنه هو "حماية حزب العمال الكردستاني" أو قوات سوريا الديمقراطية، ومن المرجح أن تستمر الولايات المتحدة في تحركاتها في المنطقة، حيث تعتبر هذه المنطقة حيوية من حيث الاهتمام الاستراتيجي للولايات المتحدة ولعدد من الدول الأخرى، ومن الممكن أن تشمل التحركات الأمريكية في المنطقة زيادة الدعم للحكومات والقوى التي تدعم مصالح الولايات المتحدة، بما في ذلك دعم القوات الكردية في سوريا والعراق، كما يمكن أن تشمل التحركات الأمريكية زيادة العمليات العسكرية في المنطقة وتعزيز المساعدات العسكرية للحلفاء أو من يصفهم السكان والحكومة بالعملاء.
راعية التقسيم والفوضى
بشكل مباشر، يمكن أن تستمر الولايات المتحدة في مساعيها الدبلوماسية والعسكرية لتعزيز الاستقرار في المنطقة وحل الصراعات الإقليمية عبر الاحتلال والجنود وسرقة الخيرات، وكتب الإعلام التركي عن مواصلة تركيا حربها المستمرة مع حزب العمال الكردستاني، في وقت تتخذ الولايات المتحدة، راعية هذه المنظمة، خطوة فاضحة تلو الأخرى، وقد أعلنت الإدارة الأمريكية، الملتزمة بما يسمونه "الحرب المشتركة ضد الإرهاب"، لكنها سترسل 2500 جندي إلى مناطق انتشار حزب العمال الكردستاني في سوريا"، وعلى الرغم من الإعلان عن أن هذه الوحدات ستعمل في شمال سوريا والعراق، فقد وجدنا أن الولايات المتحدة مؤخرا نفذت أعمال تحصين جادة في المنطقة لتأمين حزب العمال الكردستاني حسب تقارير روسية.
وتشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة أرسلت عشرات الشاحنات المحملة بمعدات عسكرية إلى المنطقة، زاعمة بأنهم "تعرضوا للمضايقة والتهديد من روسيا وإيران، فيما نشرت إدارة واشنطن نظام صواريخ "هيمارز" في دير الزور (تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني)، وذكر التلفزيون الرسمي السوري أن تلك الصواريخ وصلت إلى منطقة دير الزور، نقلا عن مصادر محلية، وتم نشرها مؤخرا في أكبر قاعدة أمريكية احتلالية للأراضي السورية، وقد تم الأسبوع الماضي إرسال قافلة من 60 شاحنة محملة بالوقود واللوجستيات والمعدات العسكرية و 40 شاحنة محملة بالمعدات العسكرية والأسلحة الثقيلة إلى قاعدة أمريكية في الحسكة، وهي منطقة أخرى يحتلها حزب العمال الكردستاني، ومن المتوقع نشر 2500 جندي في المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني على الحدود مع العراق، فيما نقلت وكالة أسوشيتد برس الأسبوع الماضي عن مسؤول أمريكي كبير قوله إن الولايات المتحدة تدرس عددا من الخيارات العسكرية لمواجهة "العدوان الروسي المتزايد" في سوريا.
دعم أمريكي فاضح
يمكن اعتبار الدعم الأمريكي للأكراد في سوريا بمثابة سرقة أو تقسيم البلاد، حيث إن الولايات المتحدة تدعم القوات الكردية في سوريا تحت مزاعم "مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)"، والذي هو في الأساس صناعة أمريكية، لكن حماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة على حساب السوريين الذين باتت أغلبيتهم الساحقة تحت خط الفقر تعد "إرهاباً" غير موصوف، وتعتبر قوات سوريا الديمقراطية التي تشكلها القوات الكردية جزءاً من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا، وليس لها أي هدف سياسي سوى تقسيم البلاد أو سرقة أراضيها.
ومن المهم الإشارة إلى أن دعم الولايات المتحدة للأكراد في سوريا لا يتم بالتنسيق مع الحكومة السورية الشرعية، وذلك في إطار المساعي الأمريكية لعرقلة مساعي حل الصراع السوري وعدم تحقيق الاستقرار في المنطقة، وإن هذا الدعم يثير القلق في بعض الأوساط الإقليمية والدولية، ويمكن أن يؤثر على العلاقات الدولية بشكل عام، ولذلك يجب على الولايات المتحدة والأطراف الأخرى العمل على إيجاد حلول سياسية مستدامة للصراع السوري وضمان خروج قوات احتلالها للحفاظ على السيادة والوحدة الترابية لسوريا.
وتتحدث الكثير من الأطراف السياسية والإعلامية في المنطقة، أن الدعم الأمريكي للأكراد في سوريا يأتي في إطار مخطط لتقسيم سوريا وسرقة أراضيها، وتعتبر هذه الوجهة من وجهات النظر القائمة على معتقدات وتصورات دقيقة ويوجد لها دليل و أساس قوي، فقد تم إعلان دعم الولايات المتحدة للأكراد في سوريا بشكل علني وفاضح، ولا يتم تنسيق هذا الدعم مع الحكومة السورية الشرعية تحت خدعة " مكافحة تنظيم داعش"، وتعتبر هذه الوجهة من وجهات النظر المهمة التي تستخدم لمنع تأجيج العنصرية والتحريض في سوريا، وتهدف إلى إظهار حقيقة الولايات المتحدة ودفعها للخروج من سوريا، باعتبار وجودها يمثل تهديداً للسلم والأمن في المنطقة، ومن المهم الإشارة إلى أن الصراع السوري يتطلب حلولاً سياسية مستدامة وشاملة، تحفظ سيادة ووحدة تراب سوريا وتحقق التنمية والاستقرار في المنطقة، وعلى كل الأطراف العمل على تحقيق ذلك بالطرق السلمية والمشروعة.
ما الأهداف الأمريكية؟
يعتبر وجود القوات الأمريكية في سوريا من القضايا المثيرة للجدل، وتختلف وجهات النظر حول أهداف الولايات المتحدة من وجودها في سوريا، ومن بين هذه الوجهات هي وجهة النظر التي تعتبر وجود الولايات المتحدة في سوريا عملية احتلالية وتهدف إلى تحقيق أهداف مختلفة، ومن بين هذه الأهداف، التدخل في شؤون سوريا، حيث يرى السوريون المعارضون للوجود الأمريكي في بلادهم أن الهدف الرئيسي هو التدخل في الشأن السوري وتغيير النظام السياسي فيها بالقوة، والتأثير على السياسة الإقليمية في المنطقة، وبالتالي السيطرة على الثروات الطبيعية، باعتبار أن الهدف الرئيسي هو السيطرة على الثروات الطبيعية في سوريا، مثل النفط والغاز والموارد المعدنية، والاستفادة منها في مصالحها الاستراتيجية، إضافة إلى تأمين المصالح الإسرائيلية ودعم الكيان الإسرائيلي في مواجهة تحديات الأمن والاستقرار في المنطقة.
وتعتبر الحكومة السورية الولايات المتحدة من الدول الأجنبية التي تتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، وتعتبر وجود القوات الأمريكية في سوريا عملية احتلالية وغير شرعية بموجب القانون الدولي ومن شأنها أن تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتقوم الحكومة السورية بمطالبة الولايات المتحدة بالانسحاب الفوري والكامل من الأراضي السورية، وتعتبر وجود القوات الأمريكية في سوريا انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية السورية، وتشير الحكومة السورية إلى أن الوجود الأمريكي في سوريا يؤدي إلى تأجيج الصراع في البلاد وتعطيل العملية السياسية ومنع تحقيق السلام والاستقرار.
إذن، باتت تحركات الولايات المتحدة مكشوفة للجميع سواء في سوريا أو غيرها، فما الذي يهم الأمريكيين أكثر من سطوتهم واقتصادهم و"إسرائيل"، ومن المهم الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تعمل في سوريا بشكل قانوني وفقاً للقانون الدولي ولا من أجل مكافحة تنظيم داعش الارهابي بل فقط من أجل حماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، ولو كان على حساب الملايين من الأمعاء الخالية، والجثث المرمية على الطرقات.