الوقت- انتقد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية، المؤتمر الذي عقده الاتحاد الأوروبي في بروكسل، معتبرا أن الاتحاد قرر تغييب الحكومة السورية عن المؤتمر، حتى لا تنكشف أهدافه الحقيقية.
وقال المصدر المسؤول في وزارة الخارجية السورية، إن ”المؤتمر الذي عقد في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وتم تخصيصه بشكل أساسي حول سوريا، اختار فيه الاتحاد تغييب الدولة السورية عنه، لكي لا تنكشف حقيقة أهدافه وسياساته المفلسة، نتيجة للإجراءات القسرية اللاإنسانية واللاأخلاقية، التي يواجهها الشعب السوري، والمفروضة عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي”.
وأضاف المصدر: “منظمو الاجتماع اكتفوا بمشاركة أدواتهم الفاسدة والمتحالفة مع “داعش” و”جبهة النصرة” والتنظيمات الإرهابية الأخرى التي تابعت تآمرها على سوريا، والوقوف ضد إرادة شعبها ومصالحه الحيوية، وذلك من خلال مطالبتها بعدم السماح بعودة اللاجئين إلى وطنهم وعدم تقديم مساعدات إنسانية لضحايا الإرهاب والزلزال “.
وأكد المصدر على أن “سوريا التي أفشلت أهداف الحرب الإرهابية، عليها وأفشلت محاولات التدخل في شؤونها الداخلية، تؤكد أن محاولات النيل من مواقفها التي فشلت في ساحة المنازلة لم تنجح سياسيا، وأن سوريا صمدت أمام المرتزقة والإرهابيين عاقدة العزم اليوم على العمل مع الأشقاء العرب والأصدقاء وكل القوى الخيرة في العالم لتعزيز انتصاراتها وتجاوز تبعات الحصار الاقتصادي عليها”.
من ناحية أخرى، أكد الاتحاد الأوروبي -خلال المؤتمر- أن سياسته لن تتغير تجاه الحكومة السورية حتى إيجاد حل سياسي للأزمة في البلاد.
جاء ذلك على لسان الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل.
وجدد بوريل التأكيد على تخصيص أكثر من 1.6 مليار دولار لعام 2023 في شكل مساعدات للسوريين داخل بلادهم وللاجئين في المنطقة والبلدان التي تستضيفهم.
وأكد أن الاتحاد الأوروبي سيدعم جهود ضمان محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سوريا خلال الحرب الممتدة منذ 12 عاما، وكشف مصير المفقودين.
وبخصوص قرار الجامعة العربية قبول عضوية النظام السوري مجددا، قال بوريل "حدث تطبيع بين عدد من الدول العربية والنظام في دمشق، ونتابع مبادرات تركيا لإيجاد حلول لبعض مخاوفها من خلال التواصل مع الحكومة السورية، ولكن هذا ليس الطريق الذي سيختاره الاتحاد الأوروبي".
وشدد على عدم وجود ظروف لتغيير الاتحاد الأوروبي سياسته تجاه سوريا، مضيفا "الدول الأعضاء متفقة بهذا الخصوص، وقد تكثفت فعليا العقوبات على الحكومة السورية مؤخرا، وستتواصل".
من جهته، قال مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش، والمسؤول عن المساعدات الإنسانية التي يقدمها التكتل، إن "التمويل الإنساني لسوريا لا يسير بالسرعة ذاتها لوتيرة الاحتياجات المتزايدة".
مواقف عربية وعالمية من المؤتمر
مصر كانت أول المعلقين على عدم دعوة سوريا للمؤتمر حيث قال مر وزير الخارجية المصري سامح شكري ان "قرار عودة سوريا كان لا بد أن يكون محل تقدير من الاتحاد الأوروبي، ونأسف لإلغاء الاجتماع بين الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية بعد استئناف سوريا مقعدها في الجامعة".
ولفت شكري في مؤتمر صحفي مشترك مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزب بوريل في القاهرة، الى انه "بحث مع بوريل العلاقة بين مصر وشركائها الأوروبيين، ومن الضروري تكثيف التعاون مع الاتحاد الأوروبي لتحقيق المصالح المشتركة".
من جانبه السفير الألماني لدى القاهرة فرانك هارتمان، أعلن عن إلغاء مؤتمر كان مقرراً في 20 حزيران الجاري بين الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، بسبب مشاركة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، ورفض برلين الجلوس في وجود وفد النظام خلال الاجتماع.
وبدورها دعت تركيا خلال المؤتمر المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي إلى "التعاون من أجل عودة السوريين إلى بلدهم".
وقال السفير التركي الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فاروق قايماقجي، خلال المناسبة، إن الزلزال الذي ضرب تركيا في 6 فبراير/شباط الماضي وأثر على سوريا، أظهر مرة أخرى الحاجة الملحة إلى ضمان استقرار البلاد وتسريع العملية السياسية فيها.
وأشار إلى أهمية المؤتمر باعتباره منصة لتقديم الدعم للسوريين والدول المجاورة التي تستضيفهم.
وشدد المسؤول التركي على أن طريق حل الأسباب الرئيسية للمشكلة في سوريا هو من خلال تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، لافتا إلى أهمية المساعدات العابرة للحدود إلى شمال غربي سوريا، ومشيرا إلى أن قبول النظام في دمشق فتح بوابتين حدوديتين إضافيتين كان موضع ترحيب.
اما مفوض الاتحاد الأوروبي للأمن والخارجية، جوزيب بوريل، خلال لقائه مع أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، قال إن الاتحاد يعتبر عودة سوريا إلى الجامعة لم تأت في الوقت المناسب.
وأشار بوريل إلى أن الاتحاد الأوروبي يحترم القرار السيادي لجامعة الدول العربية بإعادة سوريا إلى المنظمة.
وأضاف: "نحن نرى أيضا أن هذا تم في وضع لم يبذل فيه الحكومة السورية أي جهود كبيرة لحل النزاع".
واعتبر السيناتور الروسي، أليكسي بوشكوف، في وقت سابق أن قيام الدول العربية بدعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى قمة جدة، أظهرت أن أوامر واشنطن غير مطاعة في المنطقة، ولا وزن لها خارج النطاق الغربي.
مصالحات تدريجية
منذ نهاية العام 2018، أعادت دولة الإمارات فتح سفارتها في دمشق قبل أن تتبعها البحرين. كما زار الأسد الإمارات في مارس 2022، في أول رحلة له لدولة عربية منذ الحرب.
خلال استقباله الأسد في مارس 2023، اعتبر الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أنه حان الوقت كي تعود دمشق إلى الحاضنة العربية. في غضون ذلك، أجرى البلدان مناقشات بشأن استئناف تقديم خدماتهما القنصلية.
في 12 أبريل 2023، أعلنت سوريا وتونس نيتهما استئناف العلاقات الدبلوماسية. وكانت تونس قد عينت ممثلا قنصليا في دمشق منذ العام 2015.
أفاد مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى لشبكة "سي إن إن" الإخبارية بأن أعضاء جامعة الدول العربية سيصوتون على "إلغاء تجميد عضوية سوريا"، الأحد، وذلك خلال "جلسة استثنائية"، في وقت يصمم فيه الأردن على إنهاء تجارة المخدرات عبر حدوده حتى لو لجأ للخيار العسكري داخل دمشق.
من جهة أخرى، زار الأسد في فبراير 2023 سلطنة عُمان، للمرة الأولى خلال 12 عاما من الحرب. وكانت السلطنة الدولة الخليجية الوحيدة التي حافظت على علاقات دبلوماسية رسمية مع سوريا.
في 12 أبريل 2023، أجرى وزير خارجية الحكومة السورية، فيصل المقداد، زيارة مفاجئة إلى السعودية، هي الأولى منذ بداية الحرب في بلاده. وفي 18 أبريل وصل وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إلى دمشق، في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ الحرب.
اجتماع عمان التشاوري
وزراء خارجية سوريا ومصر والعراق والسعودية والأردن اجتمعوا في العاصمة الأردنية عمان، لمناقشة كيفية تطبيع العلاقات مع سوريا. وحسب بيان صدر عقب الاجتماع، وافقت سوريا على المساعدة في إنهاء تهريب المخدرات عبر حدودها مع العراق والأردن.
منذ أشهر تجري تحركات عربية تهدف بمجملها إلى إعادة سوريا إلى الحضن العربي، والتي كان آخرها اجتماع عمان التشاوري حول سوريا.
وجاء في البيان أن الوزراء ناقشوا سبل العودة الطوعية لملايين النازحين السوريين إلى ديارهم وتنسيق الجهود لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية.
وتخوض عمان حربا في مواجهة الجماعات المسلحة التي تهرب مخدرات من سوريا، بما في ذلك الكبتاغون الذي يسبب الإدمان. ويعتبر الأردن نقطة عبور رئيسية لتهريب المخدر إلى دول الخليج، حسب تقرير لوكالة رويترز.
موقف أميركا من التطبيع مع الأسد
وتواجه عودة سوريا لجامعة الدول العربية رفضا أميركيا، إذا أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في اتصال هاتفي مع نظيره الأردني، دعم الولايات المتحدة لتطبيق القرار الأممي 2254 باعتباره الحل الوحيد لإنهاء الصراع في سوريا.
وأعاد بلينكن التأكيد على موقف واشنطن الرافض لتطبيع العلاقات مع حكومة الرئيس بشار الأسد.
وأوضح أن الولايات المتحدة لا تدعم تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية حتى يتم تحقيق تقدم سياسي حقيقي تسيره الأمم المتحدة، وفق بيان للخارجية الأميركية.
ودعا إلى ضرورة أن تهيئ سوريا الظروف لتعزيز احترام حقوق الإنسان، ودعم عودة اللاجئين بطريقة آمنة وطوعية.
أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن على دعم الولايات المتحدة لتطبيق القرار الأممي 2254 باعتباره الحل الوحيد لإنهاء الصراع في سوريا.
وكان وزير الخارجية الصفدي قد أطلع نظيره بلينكن على مخرجات الاجتماع التشاوري حول سوريا، موضحا أن الاجتماع العربي دعا إلى حل متدرج للأزمة ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية، وفق منهجية "خطوة بخطوة" بما ينسجم مع القرارات الأممية.
وشرح أن هذا المسار يكسر جمود جهود التوصل لحل شامل للأزمة في سوريا، والتقدم نحو حل سياسي.
وشدد الصفدي على أهمية الدور الأميركي المركزي في جهود حل الأزمة في سوريا، واستمرار التنسيق مع واشنطن لوقف معاناة الشعب السوري، ووقف تهديدات الأمن الإقليمي والدولي.
من الواضح أن فك عزلة سوريا العربية جاء ليعبر عن حاجة عربية وإقليمية إلى تسوية الخلافات البينية والانتقال من مرحلة الاستنزاف المتبادل، وخصوصا بعد التقارب السعودي-الإيراني، والتقارب التركي-المصري، والتركي-الخليجي، وفي ظل تنامي التنافس الصيني-الأميركي في المنطقة، وأن هذه الحاجة هي التي ستحدد حتما طبيعة الدور الذي ستقوم به سوريا في الإقليم وموقعها في اصطفافاته الجديدة، لكن المُضي في هذا المسار لن يكون سهلا؛ إذ سيتعين على الدول العربية مقاومة الضغوط الغربية، الأميركية وخصوصا، الرافضة لمسار التطبيع، وإقناعها بجدوى المقاربة الجديدة، بما يسمح بتجاوز العقوبات أو تخفيفها لإطلاق عملية إعادة الإعمار.