الوقت- يبدو ان شهر العسل بين تكتل الرابع عشر من اذار في لبنان والدول الغربية والعربية بدأ بالانتهاء، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لم يعد يحتمل عودة العلاقات العربية مع سوريا والمفاوضات التركية العلنية والغربية السرية مع دمشق وحلفائها في لبنان، فخرج ليصب جام غضبه على الام الحنون له فرنسا، وزعم ان هناك صفقة اقتصادية بين فرنسا وحزب الله تبدأ بالنفط والغاز وصولاً إلى مرفأ طرابلس، واوضح ان فرنسا من القلائل الذين يهتمون بالشأن اللبناني. لكن هذه المرة هو حزين عليها وليس منها، وذلك بسبب اغلاقها للابواب بوجهه هي وحليفتها الغربية السعودية. وكذب جعجع الاخبار التي تقول ان باريس عرضت صفقة من اجل الرئاسة في لبنان، واشار الى ان ما قالته السفيرة الفرنسية في لبنان هو انه يجب انتخاب رئيس لبناني، وانها تجد ذلك في سليمان فرنجية.
فرنسا والعرب تخلوا عن جعجع علانية، وخصوصا بعد فتح الحوار مع دول محور المقاومة وحلفائه في لبنان، وذهبوا نحو فرنجية ليكون رئيسا للبنان، وذلك لعدة اسباب ابرزها، ان فرنجية هو مرشح حلفاء دمشق وطهران في لبنان وذلك اذا صدق حديث جعجع بان فرنسا منفتحة على حزب الله، بالاضافة الى انه شخص وطني ولم يعرف عنه الفساد او السرقة وخصوصا في الازمة المالية الاخيرة في لبنان حيث كان جعجع وحلفاءه في تيار الرابع عشر من اذار من اكثر الفاسدين المتهمين بسرقة اموال المودعين وتدمير العملة الوطنية اللبنانية. وثانيا جعجع لا يمتلك الارضية الشعبية اللازمة لاسقاط فرنجية او اي تحالف يوصله للحكم، ثالثا اذا لم يأت فرنجية فلن يكون جعجع رئيسا وقد يأتي جبران باسيل اشد الاشخاص عداء لجعجع وبالتالي لن يستطيع ان يحتمل ذلك لا الان ولا مستقبلا. وبالتالي أي تسوية رئاسية تفضي إلى انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية لن يسير فيها جعجع على اعتبار أن ذلك سيؤدي إلى خسارته سياسياً وشعبياً وايضا لن يستطيع منعها، واذا وصل فرنجية للحكم سيكون جعجع قد انتحر شعبيًا ومسيحيًا في لبنان.
الوزير اللبناني السابق وئام وهاب اعتبر ان تصعيد جعجع الاخير جعله مقتنعاً بأن حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في الرئاسية قد زادت بشكل كبير. واضاف: إن استند الى قراءات جعجع خلال 17 سنة فإنه لم يصح منها شيء. وطالبه بان يتعمق بقراءاته. واشار وهاب الى ان سمير جعجع قال في 8/10/2022: مسألة ترسيم الحدود البحرية لن تحل قريباً لأنها معقدة أكثر مما يراها البعض ولا يعتقد ان الترسيم قريب، وفي 27/10/2022 الرئيس اللبناني ميشال عون وقع اتفاق ترسيم الحدود البحرية.
جعجع اعتبر ان حزب الله وحلفاءه لديهم معادلة إما فرنجية أو لا رئيس، لذلك المسافة بعيدة لانتخاب رئيس، ولكن في الحقيقة ان البرلمان اللبناني لم يستطع احد من اكمال نصاب انتخاب الرئيس وجميع الكتل المسيحية فشلت في هذا الامر لان الجميع منقسم على نفسه وبالتالي تحميل هذا الامر لحزب الله هو هجوم اعلامي لا قيمة له، وخصوصا أن مصادر لبنانية سياسية اكدت ان بيان وزارة الخارجية الفرنسية الاخير، الذي اعلنت فيه باريس ان لا مرشح لديها لرئاسة الجمهورية في لبنان، هو كخطوة الى الوراء بعدما تبين لها ان هناك عوائق خارجية ابرزها اميركية اضافة الى عوائق داخلية كثيرة، ابرزها موقف الكتلتين المسيحيتين الاساسيتين اي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الرافضتين لفرنجية، تعيق وصول المبادرة الى خواتيم سعيدة.
واشارت المصادر الى ان ابرز عامل دفعها الى فرملة جهودها هو الموقف القواتي المتشدد، باعتبار ان التعويل كان على ان يؤمن نواب "الجمهورية القوية" نصاب جلسة انتخاب فرنجية في ظل الموقف العوني النهائي الرافض لانتخابه، لكن التصريحات القواتية المتتالية وآخرها موقف رئيس القوات سمير جعجع كلها تؤكد ان طريق فرنجية ليس سالكا، وخاصة بعدما رفض جعجع عروضا كأن يكون حاكم مصرف لبنان محسوبا مباشرة عليها واقتراح اسم الوزير السابق كميل ابو سليمان.
ملف الرئاسة في لبنان معقد اكثر مما قد يتوقعه احد والرئيس اللبناني السابق ميشال عون أعاد للبنان قوته على الساحة الاقليمية والدولية، والرئيس الذي سيأتي بعده سيشكره لأنه أعاد لمنصب رئيس الجمهورية بريقه وقوته، ووضع صورة صحيحة للعلاقة بين سوريا ولبنان.