الوقت-منذ ظهور الكيان الإسرائيلي إلى العلن بعد الانسحاب البريطاني من فلسطين الذي كان مخططا له؛ لإفساح المجال للعصابات الصهيونية لاحتلال فلسطين وطرد شعبها عام ١٩٤٨ كانت الولايات المتحدة الأمريكية القوة الصاعدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تعترف بالكيان الإسرائيلي كدولة بعد أيام، وكان ذلك إيذانا بتحول الدعم والمساندة السياسية والاقتصادية والعسكرية من لندن إلى واشنطن، وخاصة أن ملامح اضمحلال وانتهاء سطوة الإمبراطورية البريطانية كانت واضحة.
ومن هنا يمكن القول بوضوح إن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا سلبيا ومدمرا طوال سبعة عقود ضد القضية الفلسطينية، ولا تزال، ولعل الذي يجعل الحكومات الإسرائيلية المتطرفة المتعاقبة منذ بن جوريون أول رئيس حكومة للكيان الإسرائيلي متشددة، وتقوم بالانتهاكات والقتل وهدم المنازل، هو شعور تلك الحكومات والأحزاب المتطرفة بأن الدعم الأمريكي سيساند أي تصرف أو سلوك إسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ومن هنا يمكن تفسير كل بشاعة السلوك الإسرائيلي على مدى سبعة عقود.
الولايات المتحدة الأمريكية بإداراتها المتعاقبة جمهورية أو ديمقراطية لا تختلف في ثوابتها تجاه الكيان الإسرائيلي، بل إن موضوع "إسرائيل" يناقش داخل الكونجرس وداخل البيت الأبيض ومراكز صنع القرار، على أنه موضوع محلي ، بل إن أحد المتنفذين يقول: إن هذا التوجه المساند للكيان الإسرائيلي يتم توضيحه بشكل مباشر للقيادات العربية عند زياراتها لواشنطن وعلى مدى عقود.
كما أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي عشرات المرات ضد أي قرار أو حتى بيان يدين السلوك الإسرائيلي المشين ضد المدنيين الفلسطينيين، وهدم منازلهم والاستيلاء على ممتلكاتهم ومزارعهم. كما أن الدعم العسكري متواصل من خلال تزويد الكيان الإسرائيلي بأحدث الأسلحة الفتاكة، التي تكون مخصصة للجيش الأمريكي وتمنعها عن جيش عربي، كما أن الدعم الاقتصادي متواصل وبمليارات الدولارات وعلى أي رئيس أمريكي أن يظهر الولاء لإسرائيل كجزء من تطمين قوى الضغط اليهودية في واشنطن
موقف أمريكي مخزٍ
دائماً ما يظهر التناقض الامريكي عقب كل عدوان يقوم به الكيان الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني حيث تبدوا وضحة ازدواجية المعايير والقيم على الولايات المتحدة التي تتشدق بها حيث إن الجانب الامريكي دائما ما يقف مع الجلاد ضد الضحية وفي هذا السياق أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية موخراً بيانا أدانت فيه العملية الاستشهادية في قلب الأراضي المحتلة ، بما في ذلك تل أبيب. وقال البيان إن الولايات المتحدة تدين بشدة هجمات اليوم في الضفة الغربية وتل أبيب.كما أعلنت الولايات المتحدة في بيانها أنها تقف إلى جانب ما تسمى الحكومة الصهيونية وستكون على اتصال بشركائها الصهاينة وتؤكد التزامها الدائم بأمنهم. جاء هذا في البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية بعد أن أعلنت وسائل إعلام عبرية سابقاً ، مقتل ثلاثة صهاينة على الأقل خلال عملية مقاومة جرت في تل أبيب. وفي هذه العملية دهس شاب فلسطيني عددًا من الصهاينة بسيارة وقتلهم.وفي عملية مقاومة أخرى في تل أبيب مركز الكيان الصهيوني قتل ثلاثة مستوطنين وأصيب جندي حالته حرجة.وجاءت هذه العمليات في يوم أفادت فيه وسائل إعلام عبرية عن مقتل 3 صهاينة في إطلاق نار في منطقة "جلبوع" شمال منطقة "الأغوار" في الأراضي المحتلة.
العلاقات الأمريكية الصهيونية
لايخفى على أحد أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية مرتبطة بشبكة وثيقة من الروابط الاستراتيجية، يدعمها الدافع العقائدي، الأمر الذي يجعل نظر الولايات المتحدة إليها متبايناً عن النظر إلى أي حليف آخر، فالنظرة الأميركية إلى "إسرائيل" تُبنى على أساس "أنها حليف للولايات المتحدة... فيها إجماع عام بشأن التوجه الموالي لأميركا يسود المستويات كافة، مهما يكن قادة الأحزاب السياسية، ومهما تكن الائتلافات الحكومية". وهذا يفسّر الدعم الأميركي لها.في المقابل، تضع "إسرائيل" الولايات المتحدة الأميركية في قلب نظامها الاستراتيجي، الذي يقوم على الحصول على العتاد العسكري الأكثر تقدماً بسعر خاص، وإشراك الولايات المتحدة في أمن الشرق الأوسط، وجعلها تقدّم ضمانات أمنية موثوقة أكثر بين الفترة والأخرى.كل هذا يجعل "إسرائيل" تنخرط في الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، حيث تكون الحليف الأهم الذي يُعتمد عليه لحماية المصالح الأميركية.لا يمكن إيجاد نتيجة في العلاقة سوى أنّها تبادلية. فلكل طرف وظيفة استراتيجية يقوم بها، تُعَدّ مهمة وحيوية للطرف الثاني. فالقوة والارهاب الاسرائيلي لا يمكن أن يكون من دون غطاء أميركي، ولا يمكن المحافظة على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط من دون وجود "إسرائيل" قوية.
من جهةٍ اخرى أبدت العديد من التقارير الحقوقية انزعاجاً شديداً إزاء دعم حكومة الولايات المتحدة التلقائي المطلق للكيان الصهيوني. حيث دعت العديد من التقارير الولايات المتحدة إلى الكف عن دعم فوضوية الكيان الصهيوني. حيث تظهر الحقيقة واضحة للعيان بأن الدعم الذي تقدمه حكومة الولايات المتحدة للكيان الصهيوني ، يساعده على المضي قدماً في سياسة الإرهاب ضد أبناء الشعب الفلسطيني وهنا يمكن الاستدلال بحرص قادة الولايات المتحدة الامريكية خلال كل السنوات الماضية على إطلاق يد الكيان الصهيوني لفعل ما يشاء دون ضابط أو رابط سببا في تشجيع العنصرية المتطرفة داخل أجزاء من المجتمع الإسرائيلي، إلى جانب شعور بين القادة "الإسرائيليين" بأن أي إساءة يرتكبونها أو يتغاضون عنها لن تزعزع دعم حكومة الولايات المتحدة لهم. وأصبح استحضار لغة الكراهية، والإقصاء العنصري، والمذبحة المنظمة، شديد السهولة بين المنتمين إلى اليمين الإسرائيلي.
الوجه القبيح للسياسة الأمريكية
مهزلة جديدة تضاف إلى التاريخ السيْ للولايات المتحدة الأمريكية حيث تناقلت وسائل الإعلام البيان الصادر عن وزارة الخارجية الامريكية والذي أدانت فيه امريكا الشعب الفلسطيني و وقفت إلى جانب الكيان الصهيوني ، فكيف يمكن أن تدين الولايات المتحدة الامريكية دفاع ابناء الشعب الفلسطيني عن انفسهم بينما تقف الى جانب الكيان الصهيوني العنصري المتطرف الذي ارتكب الجرائم البشعة بحق الأبرياء خلال كل السنوات الماضية .يؤكد الكثير من النشطاء في مجال حقوق الإنسان أن البيان الصادر عن الولايات المتحدة الامريكية يأتي في سياق المواقف القبيحة للولايات المتحدة الامريكية والتي تعمل دائما للظهور بمظهر المدافع عن الحقوق والحريات . في السياق نفسه يمكن القول وبكل وضوح ان الدعم الامريكي للكيان الصهيوني شجع القوات الإسرائيلية على قتل أبناء الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الصدد يتضح جلياً أن للكيان الصهيوني في نظر الدول الإستعمارية ولاسيما أميركا دور مهم، وصار من مصلحة الاستعمار أن تبقى إسرائيل ويشتدّ ساعدها لتقوم بدور البوليس الاستعماري في المنطقة حيث إن إسرائيل وضعت يدها على “كنز سياسي” هو تخويف الولايات المتحدة بالمدّ والخطر الشيوعي, وكانت تضرب حركات التحرّر الوطني العربية تحت هذا الزعم وبمباركة من الولايات المتحدة الأميركي وكان على الولايات المتحدة أن تعتمد على قوة مخلصة وأتت هذه القوة المخلصة مجسّدة بإسرائيل.
ازدواجية المعايير الأمريكية
في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال اعتقال الأطفال الفلسطينيين، وقتل أبناء الشعب الفلسطنيي والعدوان بشكل مباشر على أبناء الشعب الفلسطيني، يظهر بشكل واضح موقف امريكا المنحاز إلى جانب الكيان الصهيوني، فعلى الرغم من الشواهد التي لا تحصى حول الانتهاكات الصهيونية للقانون الدولي ومنذ عشرات السنين لاتزال الولايات المتحدة الامريكية تقف إلى جانب الكيان الصهيوني بل إنه يمكن القول إن ازدواجية المعايير الأمريكية تساعد الكيان الصهيوني على ارتكاب المزيد من المجازر بحق أطفال فلسطين.
في هذا السياق ادانت الخارجية الامريكية العمليات الاستشهادية التي يقوم بها أبناء الشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني الغاصب وهذا دليل واضح على مدى دعم السلوك الأميركي الذي تواطأ بشكل فاضح مع كيان الاحتلال ، بل ان الخارجية الأمريكية لم تخجل من تبرئة القاتل أمام العالم وهو الاحتلال الإسرائيلي، رغم إقرار اليوم العالمي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء بهدف الاعتراف بمعاناتهم، ووجود الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ومنها اتفاقية حقوق الطفل، نجد أن العنصرية الإسرائيلية تتغول بحق الأطفال الفلسطنيين وهذا له عدة رسائل: أن كل الشعب الفلسطيني مستهدف وفي مقدمتهم الأطفال والنساء، وأن "إسرائيل" تضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط، وأن الصمت الدولي يشرعن ممارسات إسرائيل، كما أن غياب المحاسبة والإفلات من العقاب يجعلها ترتكب المزيد من الجرائم الإنسانية. من جهة أخرى إن الإرهاب الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني يستدعي تحرك المؤسسات الدولية والأمم المتحدة لتقف أمام مسؤولياتها، وأن تكشف للرأي العام الدولي عن الإجرام الذي يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني، والعمل على تشكيل رسالة طفولية دولية تدعم صوت أبناء فلسطين.
في الختام من الواضح أن السياسة الامريكية في التعامل مع أبناء الشعب الفلسطيني تقوم على ازدواجية المعايير الأمريكية، فسلطات الاحتلال الإسرائيلية التي تدعمها امريكا تعمل بشكل منهجي على إرهاب وقتل المدنيين . وتوضح القوانين والسياسات والتصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين أن هناك دعما مطلقا من الولايات المتحدة الامريكية للكيان الصهيوني وفي هذا السياق تظهر ازدواجية الولايات المتحدة الامريكية الداعمة للممارسات العنصرية ضد أبناء الشعب الفلسطيني وهنا يسقط قناع الولايات المتحدة الامريكية ويكشف الوجة القبيح لازدواجية المعاير التي تتعامل بها الولايات المتحدة الامريكية حيث يبدو أن أشكال الدعم الأمريكي المطلق للكيان الصهيوني واضحة. فلماذا الإجراءات التي تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد ابناء شعب فلسطين بعلم ومساعدة الولايات المتحدة الامريكية لم ترق إلى جرائم ضد الإنسانية ؟.في الحقيقة كل الحكومات الامريكية المتعاقبة تتبع السياسة نفسها في ازدواجية المعاير فيما يخص الإرهاب الصهيوني الذي تقوم بها سلطات الاحتلال الصهيوني بل إن الكيان الصهيوني ، يعتمد فعلياً على ما تزوده به الولايات المتحدة من الذخيرة والدعم المالي. وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى أن موجة العمليات الاستشهادية الفلسطينية الاخيرة اربكت كيانَ الاحتلال الاسرائيلي بشكلٍ واضح، واظهرت ضعفَ أجهزته الاستخبارية والامنية، واَنه يسهل جداً اختراقُها من قبلِ المقاومةِ التي اثبتت ايضا اَنّ يدَها هي العليا في وجهِ الاحتلال. فالعمليات الاستشهادية ايضاً أظهرت أن الاسرائيليين عاجزون عن وضع خطط جديدة لتفكيك المقاومة حيث قال سابقاً أحد المسؤولين الكبار في جهاز الأمن (الإسرائيلي) خلال إحدى جلسات "الحكومة" إن الافتراض بأن غداً قد تقع عملية هو كما ستشرق الشمس .. من جهة اخرى يذكر أن جهاز الأمن الصهيوني يتلقّى يومياً أكثر من خمسين إنذاراً يفيد بقرب قيام الفلسطينيين بتنفيذ عمليات استشهادية وهذا بحد ذاته حرب نفسية .