الوقت- إثر هجوم القوات الصهيونية المتجدد على باحات المسجد الأقصى واعتقال وجرح المئات من المصلين الفلسطينيين في هذا المكان المقدس، إضافة إلى تصاعد التوترات في فلسطين وتدهور الأوضاع الأمنية، انتفضت الدول الإسلامية ودول أخرى في المنطقة دعما للمسجد الأقصى.
وقد عقدت جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا في ذات السياق وأدانت بشدة هجوم الصهاينة على المسجد الأقصى واعتبرته انتهاكا واضحا للقوانين والأعراف الدولية. واعتبر هذا الاتحاد حق جميع المسلمين والمسيحيين في القدس في دخول دور العبادة، ودعا إلى تحرك دولي لوقف الجرائم ضد الفلسطينيين.
وحملت وزارة الخارجية الأردنية إسرائيل المسؤولية الكاملة عن أي عواقب تتعلق بهذا الهجوم الإجرامي، وطالبت كيان الاحتلال بسحب قواته من المسجد الأقصى في أسرع وقت ممكن. وأعلنت الخارجية الأردنية في بيان منفصل أن اتصالاتنا وتحركاتنا على المستويين الإقليمي والدولي مستمرة في وقف العدوان الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، خرجت مظاهرات أردنية أمام السفارة الصهيونية في عمان للتنديد بالاعتداءات الوحشية على المسجد الأقصى، لليلة الثانية على التوالي.
ونددت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، بشدة بتدنيس المسجد الأقصى، مؤكدة أن مثل هذه الأعمال تقوض الجهود المبذولة من أجل السلام. وأكدت هذه الوزارة أنها تتابع الأخبار المتعلقة بالهجوم على المسجد الأقصى بقلق بالغ، وموقفها ثابت من إنهاء الاحتلال والوصول إلى نتيجة عادلة لفلسطين. كما استنكرت مصر مشاهد الكراهية في المسجد الأقصى، وانتهاك إسرائيل المتكرر لحرمة الأماكن المقدسة، الأمر الذي يؤجج مشاعر الغضب لدى كل أبناء الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية. كما اعتبرت الحكومة القطرية هذه الأعمال الإجرامية بمثابة توتر خطير وانتهاك واضح للأماكن المقدسة واستمرار لسياسة يهودية القدس، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف ضد هذه الانتهاكات.
وطالبت الحكومة العراقية، في معرض إدانتها لتدنيس المسجد الأقصى المبارك، المجتمع الدولي بوقف هذه الأعمال البشعة التي لا تقدر الدين ولا تكرم أي مسجد أو أعزل. وفي إشارة إلى هجوم القوات الصهيونية على المسجد الأقصى، اعتبر حزب الله اللبناني هذا العمل مؤشرًا على ضعف وإفلاس الكيان الصهيوني وحذر المحتلين من اندلاع الحرب في المنطقة. عبد الملك الحوثي، زعيم حركة أنصار الله اليمنية، استنكر اعتداء الصهاينة على المسجد الأقصى، ووصف هذه الاعتداءات بأنها أعمال شريرة يجب مواجهتها.
من ناحية أخرى، ردت تونس أيضًا على هذه الجرائم وحملت مسؤولية أي توتر وعنف ونزاع في الأراضي المحتلة على حكومة الكيان الصهيوني وطالبت المجتمع الدولي بالالتزام بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه الأمة الفلسطينية.. وشددت وزارة الخارجية المغربية، في معرض إدانتها للهجوم على المسجد الأقصى، على ضرورة احترام الوضع القانوني والتاريخي للقدس وأماكنها المقدسة وتجنب أي عمل من شأنه تدمير فرص السلام.
وفي رد آخر، أكد مجلس التعاون الخليجي في بيان أن استمرار الجرائم ضد المسجد الأقصى سيؤدي إلى تصعيد التوتر والصراعات، وستوجه نتائجها إلى حكومة الاحتلال، ودعا إلى التحرك الفوري المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات التي يشنها الصهاينة على المسجد الأقصى. وأدان الأزهر في مصر بشدة هذه الاعتداءات في بيان، وقال إن هذه الأعمال محاولة فاشلة لخلق حقائق جديدة باللجوء إلى القوة والسلاح لتغيير الهوية التاريخية للقدس والمسجد الأقصى.
على الصعيد الدولي، صاحب هذه الجرائم ردود فعل واسعة. حيث أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن أنطونيو غوتيريش أصيب بالصدمة لرؤية صور القمع العنيف للمصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى من قبل الجيش الإسرائيلي. وقال إن الأماكن الدينية يجب أن تستخدم فقط للأنشطة الدينية السلمية. وأعرب البيت الأبيض عن قلقه إزاء استمرار التوترات والصراعات في الأراضي المحتلة ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس. أعرب جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا، عن أسفه لما يحدث في الأراضي المحتلة.
وردًا على الجريمة، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كناني: "إن الهجوم الوحشي الذي شنه جيش الكيان الصهيوني المغتصب على الحجاج والمصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك يصور مرة أخرى الإجرام والمناهضة لحقوق الإنسان لهذا الكيان. إن هذه الجريمة مدانة بشدة وتستحق الرد الفوري من العالم الإسلامي وشعوب العالم الحرة والهيئات الدولية المسؤولة.
وعلى الرغم من قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتطبيع العلاقات بين الدولة والكيان الصهيوني في العام الماضي، إلا أنه لم يستطع السكوت على جرائم المحتلين في المسجد الأقصى. وقال أردوغان: "نواصل دعم إخواننا في فلسطين ومقدساتنا، ويجب على إسرائيل أن تتفهم ذلك، ويجب وقف التهديدات ضد الوضع التاريخي والروحي للمسجد الأقصى وتهديد حياة الفلسطينيين بشكل نهائي".
رد الفعل المذهل للمقاومة على الصهاينة
بصرف النظر عن ردود أفعال العالم الإسلامي على هجوم الصهاينة على المسجد الأقصى، فإن فصائل المقاومة الفلسطينية لم تلتزم الصمت بسبب واجبها الشرعي والديني وكضامنة لأمن الأراضي المحتلة وكالعادة، أحرجوا الصهاينة. وبعد أن استهدف الكيان الصهيوني عدة نقاط في قطاع غزة فجر الجمعة، تحركت فصائل المقاومة على الفور وردت على هذه الجرائم بإطلاق عشرات الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة. وحسب التقارير، دقت صفارات الإنذار في جميع المستوطنات المحيطة بقطاع غزة وفر المستوطنون إلى الملاجئ. وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق 40 صاروخا من غزة باتجاه المستوطنات الصهيونية.
أعلن المتحدث باسم فصائل المقاومة الفلسطينية أن بحوزتهم عددًا كبيرًا من الصواريخ بعيدة المدى تحت تصرفهم، والتي لم يستخدموها حتى الآن. وأعلنت كتائب القسام أن الدفاع الجوي لهذه الكتائب تصدى لمقاتلات الكيان الصهيوني في سماء غزة بإطلاق صواريخ أرض جو. بينما أطلقت، يوم الخميس، عشرات الصواريخ من جنوب لبنان على الأراضي المحتلة، في رد فعل للاحتلال الصهيوني على المسجد الأقصى المبارك.
وألقت حركة حماس، في بيان لها، باللوم على الكيان الصهيوني في جرائمه بحق القدس وغزة، ودعت الشعب الفلسطيني والمقاومة إلى الوحدة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي بشكل شامل للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى.. وأكدت هذه الحركة أن "الاعتداء الإجرامي على غزة واستمرار العدوان على القدس والمسجد الأقصى لن يجلب الأمن والنصر لكيان الاحتلال ولن يخلق أي حقوق للصهاينة في أرضنا ومقدساتنا والمسجد الأقصى ". بعد المغامرة الجديدة للحكومة الصهيونية الراديكالية في المسجد الأقصى في غزة ولبنان، يقال إن هناك تنسيقًا تامًا بين فصائل المقاومة في غزة وغرفة عمليات محور المقاومة في المنطقة، وجميعهم على أهبة الاستعداد لأي تهور من جانب المحتلين.
كما كان متوقعا في أي صراع مستقبلي، سيتم استهداف الأراضي المحتلة من اتجاهين، وهذه الأيام يتم تنفيذ الخطة نفسها ، والفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية جنبًا إلى جنب مع إخوانهم في غزة يلقنون المحتلين درسًا لا يُنسى.. وفي هذا الصدد، أفادت مصادر صهيونية، الجمعة، بإطلاق أعيرة نارية قرب حاجز شمال الضفة الغربية ومقتل 3 صهاينة في هذه العملية.
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن تكليف مجموعة كبيرة من قوات الأمن الصهيونية باعتقال منفذي العملية. ورحب الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم في بيان له بعملية الاستشهاد في الضفة الغربية وقال إن المقاومة استهدفت مجدداً قوات الاحتلال في الضفة الغربية رداً على جرائم المحتلين في الضفة الغربية والمسجد الاقصى والاعتداء على المعتكفين". وازدادت العمليات الاستشهادية لشبان فلسطينيين خلال العام الماضي، وحسب سلطات تل أبيب، فقد تم تنفيذ مئات العمليات خلال هذه الفترة، قُتل خلالها أكثر من 50 صهيونيًا، الأمر الذي أثار قلقًا إسرائيليًا.
على الرغم من أن حكومة نتنياهو المتطرفة تحاول التستر على الأزمة الداخلية والاحتجاجات الوطنية ضد الحكومة بهجمات على الضفة الغربية وغزة وجنوب لبنان، فإن هذه الإجراءات، لا سيما التوتر في غزة واجتياح المسجد الأقصى على عشية حلول "يوم القدس" أدى إلى تضامن أكبر بين الشعوب الإسلامية، وسيكون بهدف تحرير القدس وتكثيف الضغط على الكيان.