الوقت - بعد مدة من الزمن عصفت خلالها “الأزمة الصامتة” بين الرباط وباريس بالعلاقات التاريخية والتقليدية بين البلدين، تراهن فرنسا، في عهد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، على تعيين “وشيك” لسفير جديد يمثل مصالح بلادها بالمملكة المغربية وعينُها على إنعاش العلاقات الاقتصادية الثنائية وتطويرها نحو آفاق أرحب، مع حل نقاط الخلاف، ولا سيما في مسألتي التأشيرات والقاصرين.
يتعلق الأمر برجل الأعمال الفرنسي كريستوف لوكورتييه ،الذي يشغل مهمة الرئيس التنفيذي الحالي لشركة “Business France”، كما أنه مسؤول عن التنمية الدولية للشركات الفرنسية في عدد من الفروع، ويضبط الاستثمارات الدولية في فرنسا وله خبرة في الترويج الاقتصادي والتسويق.
وفي انتظار تأكيد من الرباط لما يعتبر “مؤشرات” على قرب عودة الدفء إلى علاقات البلدين، أكدت السفارة الفرنسية بالمغرب، خبر الموافقة الفرنسية على تعيين لوكورتييه سفيرا جديدا لدى الرباط خلفا لهيلين لوغال التي تركت منصبها في سبتمبر الماضي.
وقالت السفارة الفرنسية بالرباط، في تصريح ، إنها “بصدد انتظار تأكيد رسمي يتعلق بالتعيين المرتقب لسفير جديد”، دون تقديم إضافات أو تفاصيل أخرى في هذا الصدد.
وكان هذا المسؤول السابق في المديرية العامة للخزينة الفرنسية، الذي يتمتع بمسار اقتصادي قوي، سفيرا لبلاده لدى كل من صربيا وأستراليا.
العديد من الخبراء يرون أن فرنسا ضاعفت أخطاءها الفادحة وهو مسار ذهب في اتجاه سيء، وقد يكون التعيين المتوقع للسفير الجديد، عوض سابقته لوغال التي فشلت في الإقناع، الخطوة الأولى على درب التقارب الذي يبدو في الوقت الحالي أنه سيكون طويلا وشاقا.
وخلال فترة استلام لوغال بدأت تبرز علامات الصدام بين المغرب وفرنسا، وخصوصا بعد قرار هذه الأخيرة تقليص عدد التأشيرات المسلمة للمغاربة إلى النصف العام الماضي.
حيث اشتدت الأزمة الدبلوماسية بين فرنسا والمغرب، منذ تشديد باريس لإجراءات منح تأشيرة دخول أراضيها على المواطنين المغاربة.
ففي 28سبتمبر 2021، أعلنت الحكومة الفرنسية، في بيان لها تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس بدعوى “رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها”.
وجاء الرد سريعا من ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، وفي اليوم ذاته، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الرباط، معبرا عن استنكاره للقرار الفرنسي ووصفه بـ”غير المبرر لمجموعة من الأسباب”.
كذلك أثار تعيين السفير المغربي السابق لدى باريس، محمد بنشعبون، مديرا عاما لصندوق محمد السادس للاستثمار في الرباط، وعدم الإعلان عن خليفة له، تساؤلات لدى مراقبين حول فتور العلاقة بين المغرب وفرنسا، حيث يعتبر البعض أن القرار جاء ردا على عدم تعيين باريس سفيرا لها لدى الرباط منذ استدعاء السفيرة السابقة هيلين لوغال .
وأيضاً يعزو محللون الفتور في علاقات البلدين، التي كانت جيدة تاريخيا، إلى عدم إعلان باريس موقفا أكثر تقاربا من الطرح المغربي في نزاع الصحراء الغربية، وهو الملف الذي وصفه الملك محمد السادس، بأنه النظارة التي ترى بها الرباط علاقاتها الخارجية.
فمن أبرز الملفات التي تثير الاختلاف بين المغرب والدول الأخرى، كما صرح به العاهل المغربي نفسه، قضية الصحراء الغربية التي تعتبرها المملكة جزءا منها بينما تطالب جبهة بوليساريو باستقلالها اعتمادا على قرارات أممية أوصت في 1991 بتنظيم استفتاء لتقرير المصير.
ويُذكر أن ماكرون قال في تصريح غير رسمي إنه سيزور المغرب في أكتوبر لكنه لم يفعل لحد الآن، كما لم يعلن قصر الإليزيه عن أي موعد قريب، لكن بعض التحليلات ترى أن زيارة الوزير الفرنسي الحالية، يمكن أن تكون بادرة خير من فرنسا حتى يتمكن الرئيس من زيارة المغرب لاحقا. وتجدد هذا الحديث مؤخرا في الأوساط الدبلوماسية والإعلامية بكل من المغرب وفرنسا
وهو عن زيارة مرتقبة قد يبرمجها الإليزيه للرئيس الفرنسي إلى المغرب،، مع وصف الزيارة بكونها “حاسمة” من حيث آثارها في تحسين العلاقات بين البلدين وحل نقاط الخلاف المثارة في الآونة الأخيرة.