الوقت - بعد تصاعد التوترات بين تركيا واليونان على بعض الجزر المتنازع عليها الغنية بالنفط والغاز، انضمت بعض الجهات الفاعلة في المنطقة إلى هذه الحملة وانحازت إلى جانب أحد الطرفين. وبناءً على ذلك، قالت وزارة الدفاع السعودية، من جهة، إن قواتها الجوية تشارك في تمرين "عين النسر 3" الذي سيقام في الفترة من 7 إلى 20 نوفمبر في قاعدة "سودا" الجوية باليونان. وقال مسؤول كبير بالقوات الجوية السعودية في هذا الصدد إن "عين النسر 3" هي إحدى التدريبات الجوية الثنائية الواعدة بين البلدين، والتي كانت دوراتها السابقة ناجحة على جميع المستويات الاستراتيجية والتشغيلية والتكتيكية".
في السابق، أُقيم تمرين "عين النسر 1" في مارس 2021 في قاعدة سودا باليونان، وأقيم تمرين "عين النسر 2" في مايو 2021 في قاعدة الملك فيصل الجوية في المملكة العربية السعودية.
يتوسع التعاون بين المملكة العربية السعودية واليونان منذ عدة سنوات، وفي عام 2021، أعلن رئيس أركان الجيش اليوناني عن نشر نظام الدفاع الجوي باتريوت اليوناني في المملكة العربية السعودية. بعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى أثينا، والتي تمت قبل بضعة أشهر، تم توقيع العديد من العقود في مختلف المجالات الاقتصادية والعسكرية والطاقة، وبناءً على ذلك تتحسن العلاقات بين البلدين يومًا بعد يوم.. كما وقع الجانبان خلال هذه الرحلة اتفاقية تهدف إلى إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي اليوناني.
في السنوات الأخيرة أجرى الجيش السعودي تدريبات عديدة مع شركائه الغربيين والإقليميين لتحسين مستوى جاهزية قواته، لكن مثل هذه التدريبات لم تكن قادرة على تقوية الجيش السعودي، وحسب التقارير، فقد شهدت الحرب في اليمن هجمات كثيرة نفذتها مقاتلات سعودية من طراز F-15 بمساعدة طيارين أجانب من دول مثل مصر وباكستان والولايات المتحدة.
مشاركة السعودية في التمرين المشترك مع اليونان في الوقت الحالي، في الوقت الذي تشهد تركيا واليونان توترًا حادًا مع بعضهما البعض في الأشهر الأخيرة، مع احتمال حدوث صراع عسكري بين الجانبين في أي لحظة. فقد حذرت السلطات التركية، وخاصة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأطراف الأجنبية مرارًا من دعم أثينا.
تنتقد سلطات أنقرة وأثينا بعضها البعض كل يوم وتتهم بعضها البعض بالترويج للحرب في المناطق المتنازع عليها. لذلك فإن وجود السعودية في التمرين مع اليونان يعني مواجهة تركيا، وهذه القضية يمكن أن تؤثر على العلاقات بين البلدين. وعلى الرغم من أن السلطات التركية لم تعلق على هذه التدريبات الجوية، إلا أن أردوغان أعرب عن أسفه لإجراء تدريبات الرياض وأثينا في السعودية العام الماضي.
بينما بعد زيارة أردوغان للرياض وتحسن العلاقات مع المملكة العربية السعودية بعد عدة سنوات من التوتر، كان من المتوقع أن تتعزز العلاقات بين الجانبين في المنطقة، لكن يبدو أنه على الرغم من التطبيع، ومع ذلك، لا تزال هناك منافسة بين الرياض وأنقرة للعب دور قيادي في المنطقة، ولم تتمكن جهود أنقرة الدبلوماسية من إرضاء السعوديين.
وعلى الرغم من تطبيع العلاقات بين الرياض وأنقرة، فإن المسؤولين السعوديين غير راضين عن سياسات تركيا الإقليمية في العقد الماضي، وخاصة في أزمة قطر، حيث بذلت أنقرة قصارى جهدها لدعم الدوحة ضد حظرها من قبل بعض الدول. يعرف السعوديون جيداً أن أي تعاون عسكري مع اليونان في الوضع الحالي سوف يثير غضب أنقرة، لكن على الرغم من تفاقم اللغز الأمني في الخليج الفارسي، وخاصة مع تضاؤل الدور الأمريكي، فإن الرياض تميل إلى خلق توازن ضد المنافسين مثل تركيا، وقد أدى ذلك إلى تشكيل تحالف إقليمي جديد بمشاركة الكيان الصهيوني وحتى اليونان. ووفقًا للمحللين، كان السبب الرئيسي لتحول أردوغان الإقليمي في الأشهر الماضية هو تحسين العلاقات مع النظام الصهيوني والسعودية والإمارات لمنع تشكيل مثل هذا التحالف.
قطر إلى جانب تركيا
بينما اختارت المملكة العربية السعودية اليونان لتطوير التعاون العسكري في منطقة البحر الأبيض المتوسط ، هناك بعض المشيخات التي تقف إلى جانب أنقرة لتكون حليفة لها في أوقات الأزمات. وبناءً عليه، اتفقت أنقرة والدوحة قبل شهر على نشر 36 طائرة مقاتلة قطرية في تركيا.
وبموجب هذه الاتفاقية، سيتم تدريب طيارين مقاتلين قطريين في تركيا، وسيتم الاحتفاظ بـ 250 من القوات العسكرية القطرية و36 مدرباً في تركيا. وحسب وسائل إعلام تركية، فإن الهدف من هذا العمل هو تطوير العلاقات العسكرية الثنائية. وحسب مسؤولين من الجانبين، فإن هذا العمل يأتي على أساس التعاون العسكري بين البلدين في السنوات الأخيرة.
في السابق، عندما قطعت الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وفرضت بعد ذلك عقوبات على الدوحة، وقفت تركيا إلى جانب الدوحة، بل أرسلت بعض قواتها العسكرية إلى قطر في حالة الحاجة إلى الدفاع عن حليفها. إجراء دفع السلطات القطرية إلى إصدار إذن لبناء قاعدة لتركيا على اراضيها، والآن تمتلك أنقرة قاعدة في الدوحة، وهذا التعاون العسكري يتزايد يومًا بعد يوم. كما أعلنت وسائل الإعلام التركية، أنه تم إرسال أكثر من 3000 من شرطة مكافحة الشغب إلى قطر للمساعدة في تأمين الملاعب والفنادق خلال استضافة كأس العالم لكرة القدم، بأوامر من حكومة أردوغان.
وتشير الأدلة إلى أن قضية الخلافات البحرية مع اليونان هي السبب الرئيسي وراء قيام أردوغان بتعزيز جيش بلاده. وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة تؤجل بيع مقاتلات F-16 لتركيا، لكنها في الوقت نفسه قدمت هذه المقاتلات إلى اليونان، فإن وجود عشرات المقاتلات القطرية يمكن أن يساعد بشكل كبير القوات الجوية التركية في حال حدوث حرب مع اليونان. كما أن بعض الطائرات المقاتلة التركية من الجيل القديم والمتهالكة، وهذا البلد قد يئس من شراء طائرات مقاتلة من الولايات المتحدة، وقد تواصل مع الدوحة لاستخدام المقاتلات القطرية إذا لزم الأمر لتنفيذ أهدافها ضد اليونان.
وحسب مراقبين، فإن أحد الأبعاد المهمة للتعاون العسكري بين أنقرة والدوحة ونشر الطائرات القطرية في تركيا هو أن الطيارين الأتراك ستتاح لهم فرصة استثنائية للتعرف على مقاتلة رافال الفرنسية. لأن اليونان اشترت 18 طائرة من هذه الطائرات من فرنسا والآن بعد أن امتلك القطريون مثل هذه الطائرات، يمكن للطيارين الأتراك أن يصبحوا أكثر دراية بهذه المقاتلة وأن يكونوا أكثر استعدادًا للتعامل مع الهجمات اليونانية المحتملة.
بما أن حدود تركيا واليونان في الغالب بحرية، وبما أن البلدين ليس لديهما قوة بحرية قوية، فإن قوة القوة الجوية ستكون مهمة، وكل دولة ستسعى لأن تكون أقوى من منافستها في هذا المجال حيث يمكنها من أن تنهي الحرب لمصلحتها. ولهذا السبب حاول المقاتلون الأتراك إظهار قوتهم من خلال التحليق فوق الجزر المتنازع عليها في الأشهر الأخيرة، على الرغم من أن اليونان اعترضت أيضًا الطائرات التركية باستخدام دفاعاتها الجوية، كما إن إجراء مناورة جوية بمشاركة السعودية يظهر أن دور القوات الجوية سيكون أكبر بكثير من دور القوات الأخرى في المواجهة بين أثينا وأنقرة.
وبسبب عضوية تركيا واليونان في منظمة حلف شمال الأطلسي، وفق ميثاق هذا التحالف العسكري، لا يستطيع الغربيون تقديم المساعدة العسكرية لأي من الطرفين، لذلك يحاول كلا البلدين استقطاب الحلفاء إلى جانبه، وخاصة من المشايخ الأثرياء من الخليج الفارسي، والذين بسبب الخصومات الداخلية بينهم في مجلس التعاون الخليجي، فهم ليسوا مترددين في لعب دور في هذا الصراع، لتعزيز جبهته.
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية وقطر استأنفتا علاقاتهما السياسية قبل عامين، إلا أن هذه الإجراءات تُظهر أن التنافس الإقليمي والخلافات بين هذه الدول لا تزال قائمة.