الوقت- في بداية الازمة السورية كانت هناك 4 اطراف رئيسية في النزاع هم الجيش السوري وما يسمى بالجيش الحر وجبهة النصرة والاكراد لكن مع ظهور داعش اصبح هناك 5 جهات رئيسية للنزاع وعندما هاجم داعش، الذي سيطر تقريبا على نصف الاراضي السورية، الاكراد السوريين الذين قاموا بايجاد 3 كانتونات كردية في شمال سوريا (هي عفرين وكوباني وجزيرة)، قاوم الاكراد هجمات داعش في البداية ومن ثم وسعوا مناطق انتشارهم وخططوا لربط هذه الكانتونات الثلاثة ببعضها البعض ثم ظهر هناك رد فعل تركي وبدأت تركيا بمهاجمة داعش وحزب العمال الكردستاني واكد اردوغان في حينها على ضرورة ايجاد منطقة "آمنة" في شمال سوريا وقد عاد اردوغان خلال الشهر الاخير الى طرح موضوع ايجاد هذه المنطقة في سوريا من جديد وذلك بعد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية.
وتتكون المنطقة التي تريد تركيا انشائها من شريط بطول 90 كيلومتر وعرض 50 كيلومتر وهي تمتد بين مدينتي جرابلس واعزاز (في شمال محافظة حلب بين الكانتونين الكرديين كوباني وعفرين) وقد كانت انقرة مصرة على ايجاد هذه المنطقة منذ بدء الازمة السورية لكن الدول الغربية وامريكا رفضت ذلك، ويمكن تلخيص اهداف انقرة من ايجاد هذه المنطقة الآمنة في النقاط التالية:
1- منع تقدم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي والحؤول دون تشكيل اقليم كردستان في سوريا، لأن التحاق الكانتونات الكردية الثلاثة ببعضها البعض يقطع طريق ارتباط تركيا بالجيش الحر وباقي الجماعات التي تدعمها تركيا ويصبح 80 بالمئة من الحدود السورية التركية تحت سيطرة الاكراد وهذا ما اكد الاكراد بانهم سوف لن يسمحوا به مهما كان الثمن.
2- ضرب حسار جيوسياسي على الاكراد المحاصرين في مناطقهم في سوريا والعراق والذين تنحصر مناطقهم في الجبال وليس لهم منفذ الى البحر، واذا تمكن الاكراد من الحاق الكانتونات الكردية الثلاثة في سوريا ببعضها البعض فانهم سيصبحون على بعد 50 كيلومتر فقط من البحر الابيض المتوسط والمياه الدولية واذا حصل ذلك فانه يعتبر كابوسا لتركيا لأن الاكراد سوف يقطعون اي اتصال بين تركيا والعالم العربي وسيصبح "كردستان" خارجا عن الحصار الجيوسياسي.
3- الدفاع عن المدن التركية الحدودية امام الاخطار المحتملة، لأن الساسة الاتراك يعتبرون سيطرة قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على المناطق الحدودية في سوريا والمتاخمة للحدود التركية تهديدا جديا لأمن تركيا ويعتبرون هذا الحزب فرعا سوريا لحزب العمال الكردستاني.
4- حفظ طرق الوصول الى الجماعات المسلحة التي تدعمها تركيا في سوريا والنفوذ التركي في داخل هذه الجماعات، لأن التحاق الكانتونات الكردية ببعضها البعض سيفقد تركيا طريق الاتصال بالمعارضين السوريين عبر محوري "ادلب – اللاذقية" و"حلب" وهذا ما يعتبره الاتراك هزيمة استراتيجية بالنسبة لهم ولذلك نرى ان الاتراك وضعوا خططا جديدة لمواجهة ذلك وعمدوا الى تشكيل غرف عمليات مشتركة للجماعات المسلحة في سوريا تحت اسم جيش الفتح الذي احتل حلب ويخطط لاحتلال دمشق.
ان تحقيق المشروع الكردي يعني قطع طريق الامدادات التركية للجماعات المسلحة التي تصبح مرغمة على سلوك طريق تركيا – ادلب – حلب البعيد وهذا يعني بطئ تقدم معارضي بشار الاسد بشكل كبير او حتى عدم التقدم والاصابة بالشلل بالاضافة الى وقوع قسم كبير من الجماعات المسلحة المعارضة في الحصار.
5- منع دخول النازحين ولاجئي الحرب الى تركيا بشكل غير قانوني، حيث تسعى تركيا الى اقامة منطقة حظر للطيران في المناطق المتاخمة لحدودها يمكن للاجئين والمشردين والنازحين السوريين ان يسكنوا فيها دون الحاجة الى عبور الحدود نحو تركيا أو الذهاب الى اوروبا عبر تركيا.
ويمكن القول ان مقترح تشكيل مخيمات للاجئين في مثل هذه المناطق ربما يكون مقترحا مناسبا لتقليل وتخفيف آثار الحرب على المواطنين السوريين لكن الحقيقة هي ان ما تسعى اليه انقرة ليس مصلحة الشعب السوري بل ان الامر يخفي وراءه سعيا لايجاد عمق استراتيجي تركي في داخل سوريا وهذا يشكل خطرا على السيادة السورية بشكل عام.