الوقت - عشية الانتخابات البرلمانية في الأراضي المحتلة، يسافر بيني غانتس، وزير الحرب في الكيان الصهيوني، إلى تركيا لبحث القضايا الثنائية والإقليمية مع المسؤولين في أنقرة.
وتأتي زيارة غانتس لأنقرة بينما استأنفت تركيا والکيان الصهيوني علاقاتهما في الأشهر الأخيرة بعد عقد من التوترات السياسية، ويعملان يومًا بعد يوم لتعزيز هذه العلاقات.
يحاول الصهاينة، الذين قاموا بتطبيع علاقاتهم مع بعض المشيخات العربية في الخليج الفارسي، تقوية موقعهم في المنطقة من خلال تعزيز علاقاتهم مع تركيا والخروج من الأزمة الأمنية.
وقال خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، بخصوص هذه الزيارة، إنه "في هذا الاجتماع الذي يعقد لأول مرة على هذا المستوى، سنقوم بتقييم الوضع العام للجانبين". وأوضح أكار أن "سياستنا ووجهات نظرنا واضحة، والحكومة التركية تنفذ سياسةً شفافةً للغاية وسنشرح ذلك. ووفقًا للتطورات، سنرى کيف ستکون الخطوات التالية."
العمل على استفزاز تركيا ضد حماس
الکيان الصهيوني، الذي يستغل كل فرصة لمهاجمة فصائل المقاومة الفلسطينية في المنطقة، يتبع خطةً مماثلةً في تركيا هذه المرة.
فبالنظر إلى أن تركيا تتمتع بعلاقات جيدة نسبيًا مع حركة حماس باعتبارها العدو من الدرجة الأولى للکيان الإسرائيلي، فإن الصهاينة غير راضين عن هذا الموضوع ويعتزمون إجبار سلطات هذا البلد على التوقف عن دعم حماس.
كان الکيان الصهيوني قد أعلن إغلاق مكتب حماس في اسطنبول كأحد شروط التطبيع، لكن أنقرة لم توافق بعد على هذا الطلب، ورغم أنها وضعت قيودًا على هذه الحركة في أراضيها، لكن هذا الموضوع لم يقنع الصهاينة.
لذلك، فإن جزءًا من أهداف غانتس يتعلق بقضية فلسطين، حيث قال موقع "كان" الإسرائيلي إن غانتس قد يرغب في أن تتخذ تركيا إجراءات ضد حماس وبعض الفصائل الموجودة في هذا البلد.
يسعى الکيان الصهيوني إلى فرض العزلة الإقليمية علی حماس، في ظل تنامي الشعبية المحلية لهذا الاتجاه في المنطقة الفلسطينية، وكذلك علاقات حماس الدولية التي تنمو بشكل سريع.
وبالنظر إلى أن الوضع في الضفة الغربية متوتر للغاية، وقد اشتدّ الصراع بين فصائل المقاومة والجيش الصهيوني، يعتقد الصهاينة أن زيادة الضغط على حماس من أنقرة يمكن أن يفيد هذا الکيان في الوضع الحالي.
لقد حذرت حماس وفصائل المقاومة الأخرى في غزة مرارًا وتكرارًا من أنها لن تلتزم الصمت حيال تزايد الجرائم ضد سكان الضفة الغربية وتؤيد الانتفاضة المسلحة، ولهذا السبب تشعر سلطات تل أبيب بقلق بالغ إزاء هذه القضية.
ولا شك في أن دخول حماس إلى انتفاضة الضفة، بالنظر إلى الإعلان عن وجود مجموعات مقاومة جديدة في هذه المنطقة، يمكن أن يوجه ضربةً قويةً لهذا الکيان.
لكن محاولة غانتس إقناع تركيا بالتأثير على حركة حماس لن تحقق النتيجة المرجوة، لأن قادة حماس قد توصلوا إلى نتيجة مفادها بأنه بعد عملية التطبيع لم يعد بإمكانهم الاعتماد على مساعدة تركيا والشيوخ العرب، ولهذا السبب اتخذوا في الأسابيع الأخيرة طريق التقارب مع دمشق ومحور المقاومة. وكما قال مسؤول في حماس مؤخرًا بشأن إقامة علاقات مع سوريا، كان هذا قرارًا داخليًا ولا داعي للتشاور مع تركيا وقطر.
إن التحالف بين حماس وسوريا سيضيق دائرة الخناق ضد الصهاينة، وبالتالي تسعى السلطات الإسرائيلية إلى تعزيز علاقاتها مع تركيا وكذلك مع العرب المطبِّعين لزيادة ثقلهم ضد محور المقاومة.
قضية أزمة أوكرانيا والتوتر مع روسيا
يتوجه غانتس إلى تركيا بينما توترت علاقات الکيان الإسرائيلي مع روسيا بشدة بعد حرب أوكرانيا.
وبما أن تركيا تتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا في الأشهر الأخيرة بسبب جهود الوساطة التي تبذلها في حرب أوكرانيا، فقد تكون خيارًا مناسبًا للوساطة وتخفيف التوتر مع موسكو.
في الأسابيع الأخيرة، طبقت روسيا إجراءات عقابية مختلفة ضد الصهاينة، بما في ذلك دعوة قادة الجماعات الفلسطينية للسفر إلى موسكو. في غضون ذلك، يسعى الکيان الصهيوني، الذي أعلن أنه لن يزود أوكرانيا بأسلحة استراتيجية، إلى تقديم ما تسمى مساعدات إنسانية على الأقل وكذلك نقل موارد الغاز بدلاً من ذلك، من أجل الحد من ضغوط الغرب وأوكرانيا.
لكن من ناحية أخرى، فإن زيارة غانتس إلى تركيا تتم في وضع تم فيه للتو توقيع اتفاقية الغاز بين هذا الکيان ولبنان. وبما أن الکيان الصهيوني يخطط لنقل جزء من الطاقة التي تحتاجها أوروبا عبر تركيا، فإن الصهاينة يحاولون تقوية علاقاتهم مع أنقرة حتى يتم هذا النقل بسهولة.
الخوف من الإجراءات الإيرانية الرادعة
يمكن أن تكون زيارة غانتس لتركيا في هذا الوقت، مرتبطةً أيضًا بالتوترات الأخيرة في كاراباخ.
بما أن إيران اتخذت في الأسابيع الأخيرة موقفاً متشدداً تجاه المغامرات من قبل بعض الأطراف الإقليمية في جنوب القوقاز، وحذرت من أنها ضد أي تغيير جيوسياسي في المنطقة وسترد عليه، لهذا السبب تعتزم تركيا والکيان الصهيوني، بصفتهما الداعمين الرئيسيين لجمهورية أذربيجان، تنسيق خططهما في هذا المجال.
وهذه القضية، بعد إجراء مناورات "اقتدار الولاية" من قبل القوات البرية للحرس الثوري الإيراني في منطقة أراس الحدودية، والذي شكل تحذيرًا خطيرًا لبعض الدول التي تسعى لإثارة التوتر، جعلت الصهاينة يستغلون کل فرصة لتصعيد التوترات بين إيران وجمهورية أذربيجان.
الکيان الصهيوني، الذي له علاقات واسعة مع جمهورية أذربيجان ودخل هذا البلد لمراقبة تحركات إيران، خائف للغاية من الإجراءات الأمنية لطهران. لذلك، تحاول سلطات تل أبيب زيادة دعمها لباكو بمساعدة أنقرة، حتى يتمكنوا من تنفيذ خططهم الجشعة.