الوقت- حقوق الإنسان والحريات والسعودية خطان متوازيان لا يلتقيان، فالتعبير عن الرأي بما يتخالف مع سياسات الرياض وأفكار حكامها يعتبر جريمة ربما يصل الحكم بها إلى الإعدام، فكل شيء مباح في مملكة محمد بن سلمان، إلا أن تُعبر عن رأيك أو تقف في وجه ما يريده أو ترفضه أو حتى لا تتقبله، ويجب على السكان هناك أن يقولوا دائمًا "سمعًا وطاعة".. الناشطة الحقوقية المعتقلة في سجون الرياض منذ سنوات إسراء الغمغام، رفعت محكمة الاستئناف في السعودية عقوبة السجن بحقها من ثماني سنوات إلى ثلاثة عشر سنة. وقالت منظمات حقوقية إن محاكمة إسراء شابتها انتهاكات متعددة لحقوقها الأساسية والإنسانية في وجود محاكمة عادلة لها.
ودعت منظمة القسط لحقوق الإنسان وفود وسفارات الدول الأجنبية لحضور محاكمة إسراء الغمغام التي وصفتها بغير العادلة. وإسراء لم تدعو أبدًا إلى اسقاط الحكم في السعودية أو العنف في البلاد، وكانت مطالبها مُنذ عام 2011 بوقف التمييز بين السنة والشيعة وخصوصًا في المنطقة الشرقية للملكة، كما طالبت بتحقيقٍ للعدل وللديمقراطية وتحسين وضعية مدينتها القطيف المهمّشة بسبب أنها مدينة شيعيّة.
وفي عام 2018 واجهت حكما بالإعدام بسبب نشاطها الحقوقي السلمي هذا. وهي معتقلة رفقة زوجها موسى الهاشم مُنذ آواخر عام 2015 وإلى اليوم. كما أُدرج لها تهم تحريض الرأي العام، “تصوير التظاهرات ونشرها بمواقع التواصل وتوفير الدعم المعنوي للمشاركين بالتجمعات. وهذه التُهم حسب المنظمات الحقوقية هي أحد أساليب السعودية الانتقامية لإسكات الأصوات المطالبة بالعدالة والحرية.
قضية حقوقية أُخرى تظهر حجم القمع الذي تمارسه سلطات الرياض، ألا وهي قرار محكمة سعودية بسجن طبيبة تونسية لـ15 عامًا بتهمة الإساءة إلى نظام الحكم، وذلك ليس لأنها قامت بحرق صورة للملك مثلًا، أو خرجت بتظاهرات تطالب بإسقاط النظام الحاكم في السعودية، أو سلّحت أو مولت جماعات المسلحة ومعارضة، بل لأنها وضعت إعجابًا على أحد مواقع التواصل الاجتماعي لفيديو لتظاهرة مؤيدة لحزب اللّٰه في العاصمة التونسية. والطبيبة تعيش في السعودية مُنذ عام الفين وثمانية وتم اعتقالها عام 2020 من قبل السلطات السعودية، وتم توجيه التُهم للطبيبة التونسية تتعلق بالإساءة إلى نظام الحكم والتعدي على نظام الدولة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. والتحقيقات معها استمرت عامًا كاملًا، ثم تم الحكم عليها بالسجن لمدة سنتين و8 أشهر مع وقف التنفيذ لسنة، قبل أن يتم استئناف الحكم من قبل المحامي الذي عيّنته السلطات السعودية والحكم عليها بالسجن لمُدّة 15 سنة عامًا.
التجمعات السلمية والفكرية والحزبية والنقابية جميعها ممنوعة في السعودية، ودائمًا ما تصدر المحكمة الجزائية المتخصصة أحكامًا مُشددة بالسجن على أشخاص بسبب نشاطهم الحقوقي، والتعبير عن آرائهم المعارضة. وكان من بين الذين تم احتجازهم تعسفيًا أو مقاضاتهم أو الحكم عليهم، مدافعون عن حقوق الإنسان ومن انتقدوا الحكومة وغيرهم من النشطاء السياسيين وانتقاداتهم كانت سلمية.
وأُخضعت النساء المدافعات عن حقوق الإنسان لقرارات قضائية بحظر السفر إثر إطلاق سراحهن من السجن بشروط. ولجأت المحاكم إلى فرض عقوبة الإعدام على نطاق واسع، وأُعدم أشخاص بسبب نشاطهم المعارض السلمي وتم تلفيق التهم لهم على نطاق واسع، والعمال الأجانب الذين يعيشون في السعودية لم يكونوا بَعيدين عن عنف السلطات ضد حقوق الإنسان والتعبير، حيثُ إنه يتم استغلال وجودهم في المملكة ضمن نظام الكفالة والعمل ويتم حبسهم إذا عبروا عن آرائهم كما هو الحال مع الطبيبة التونسية، وبعد سنوات من حجزهم يتم ترحيلهم بعد مصادرة أموالهم وأخذ جميع مستحقاتهم. والمعتقلون في السجون يعانون من أوضاع إنسانية صعبة وخصوصًا في مجال الصحة وهناك من توفي منهم بسبب هذه الإهمالات مثل المعتقل الدكتور عبد الله الحامد الذي يطلق عليه لقب شيخ الحقوقيين والذي لقى حتفه في السجن نتيجة الإهمال الطبي.
من أبرز صنوف ووجوه القمع في السعودية هو اعتقال أهالي المعارض الذي يعيش في الخارج من أجل الضغط عليه، فقد أعلن الناشط السعودي المعارض المقيم في بريطانيا عبد الله الغامدي أن أجهزة الأمن اعتقلت والدته المريضة واثنين من أشقائه من أجل أن يقوم بوقف عمله المعارض، ومنذ تولى الملك سلمان بن عبد العزيز، الحكم في المملكة وولي عهده نجله محمد تشن أجهزة الأمن حملات اعتقال للناشطين، ولكل شخص يعارض رؤية الأخير للمملكة.