الوقت - ترتكب إسرائيل جريمة الفصل العنصري بحق الفلسطينيين. وهذه جريمة ضد الإنسانية تتطلب من الاتحاد الأوروبي محاسبة قادة الکیان، وضمان عدم توفيره أي دعم لنظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل. وينبغي أن يركز أي تعاون على تفكيك نظام القمع والهيمنة الإسرائيلي القاسي”.
وتُخضع السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين لعمليات الاستيلاء على الأراضي، والقتل غير المشروع، والنقل القسري، وتفرض قيودًا صارمة على حريتهم في التنقل، بينما تجردهم من إنسانيتهم وتحرمهم من المساواة في حقوق المواطنة وفي الحالة القانونية. لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يزعم وجود قاعدة مشتركة من الالتزامات المتعلّقة بحقوق الإنسان مع دولة تمارس الفصل العنصري.
عُلّقت النقاشات حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على مدى العقد الماضي في ظل بواعث قلق الاتحاد الأوروبي المتصلة بتجاهل إسرائيل للقانون الدولي وسياستها الاستيطانية غير القانونية، المستمرة بلا هوادة. يتعين على قادة الاتحاد الأوروبي أن يدركوا أن الواقع الفعلي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة هو واقع قائم على الفصل العنصري وأن يتخذوا خطوات ملموسة لمعالجته.
وتعتبر اللجان الدولية لتقصّي الحقائق، الأداة القادرة على تطبيق القوانين والشرائع الدولية الإنسانية، بناءً على ما تمخض عن المؤتمر الدبلوماسي الدولي منذ العام 1974، بشأن كل المهمات الإنسانية- الحوادث، الحروب، مهمّات الإغاثة، حفظ السلام- وغيرها من المهمّات الأخرى، وسواء المتعلقة بالدولة الواحدة أو بمجموعة من الدول.
وبصورة رئيسة، فإن الاتحاد الأوروبي يتمتع بثقلٍ سياسي واقتصادي كبيرين، في شأن خلق اللجان وتكليفها، وفي تحديد حركتها فيما بين مهمّاتها، والمفترض أن ينطبق كل ما تقدّم على إسرائيل أيضاً، وإلاّ فبتوفير روادع راغمة، تتمكن من خلالها لجان وجهات حقوقية دوليّة، من الدخول إليها، للتحقيق في القضايا المُثارة ضدها، وعلى رأسها فيما إذا ارتكبت جرائم حرب.
في كل مرّة، منعت إسرائيل التعاون مع اللجان المقترحة منذ البداية، وأدّى التراخي الدولي والأوروبي على نحوٍ خاص، إلى أن تقوم بتطوير ممانعتها تلك، من عدم السماح لها بدخولها البلاد والتعاون معها، إلى منع دخولها بالمطلق إلى داخل الأراضي الفلسطينية، بالاستناد إلى ذرائعها الموجودة والتي لا تحتاج إلى الكثير من التفكير، لكونها تعتبر أنها ذات سيادة، وبها الكفاية في إنتاج تحقيقاتها بنفسها.
سمعنا معاً، منذ القِدم وفي الأثناء، أن الاتحاد الأوروبي، يقف إلى جانب الفلسطينيين وخلف حقوقهم المشروعة، لكن، لم يكن الاتحاد جادّاً، وبالمقابل، فهو يديم المكافأة لإسرائيل ويعتني بشؤونها الاقتصادية والعسكرية، ولا يحرك ساكناً بالنسبة لإعلانها بعدم الانصياع لما يراه مناسباً بشأن القضايا المطروحة.
وتأكيداً على نفاق الاتحاد الأوروبي ، استنكر القيادي في حركة " حماس"، باسم نعيم، دعوة الاتحاد الأوروبي رئيس وزراء الاحتلال "يائير لابيد" إلى المشاركة في إعادة إحياء مجلس الشراكة الأوروبي-الإسرائيلي، في الوقت الذي تتواصل فيه جرائم الاحتلال وعنصريته بحق الفلسطينيين على مسمع ومرأى العالم أجمع.
وقال "نعيم"، في تصريح صحفي، الأحد: إن عقد هذا المجلس بعد انقطاع أكثر من 12 سنة بحضور رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد في سياق ارتكاب دولة الاحتلال جرائم حرب في غزة والضفة والقدس، والاستمرار في بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، لا يعني سوى شيء واحد؛ هو تشجيع الاحتلال على الاستمرار في سلوكه العنصري وانتهاكاته الصارخة للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
وأوضح أن تفعيل المجلس الآن يؤكد ازدواجية المعايير التي تتعاطى بها أوروبا مع حقوق الإنسان، وسيؤدي إلى تخفيف الضغوطات التي يتعرض لها الاحتلال بعد اتهامه بارتكاب جريمة الفصل العنصري من العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والأممية.
ويرى "نعيم" أن الاتحاد الأوروبي بهذا السلوك يمارس نفاقاً سياسياً في مواقفه تجاه الاحتلال. وقال: إنه في الوقت الذي يدّعي فيه الاتحاد الأوروبي معارضته للاحتلال والمستوطنات شفوياً، يدعمهما عملياً بملايين اليوروهات عبر المشاريع الثنائية مثل هورايزون 2020، وهورايزون يوروب التي تدعم مباشرة وغير مباشرة المؤسسات والشركات الإسرائيلية المتورطة في الاحتلال مثل مؤسسات الجيش والشركات التي تساهم في بناء المستوطنات.
وطالب الاتحاد الأوروبي، بالتراجع عن عقد مجلس الشراكة، وألا يكون شريكاً في غسيل جرائم الاحتلال وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. ودعا "نعيم" الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على الاحتلال من خلال خطوات عملية جادة، لإنهاء احتلالها المتواصل للأراضي الفلسطينية، وإنهاء حصار غزة، والكف عن الجرائم ضد الفلسطينيين وخاصة في القدس والمسجد الأقصى، والالتزام بواجباتها كدولة احتلال تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الأصيلة بالحرية والاستقلال وحق تقرير المصير.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن الخميس أنه سيعقد الاثنين أول اجتماع "لمجلس الشراكة" مع "إسرائيل" بعد توقف لعشر سنوات.
ومن جانبه أيضاً دعا الإعلاميّ الإسرائيليّ، غدعون ليفي، في مقاله الأخير في (هآرتس)، الاتحاد الأوروبيّ إلى مقاطعة الاحتلال ووقف تمويل الدول الأوروبيّة للمراكز الثقافيّة والفنيّة الإسرائيليّة حتى امتثال الكيان أمام القانون الدولي.
كما دعا تلك الدول إلى التوقف أيضًا عن النفاق بالقول إنّ الدعم مشروط بأنْ تكون المراكز في الدّاخل الفلسطينيّ (ضمن ما يُسمّى الخط الأخضر) ولا يكون للمراكز خارجه (في القدس والضفة)، معتبرًا في ذات الوقت أنّه لم يعد هناك فرق بين الداخل والخارج فـ”جميعنا مستوطنون، جميعنا شركاء في المشروع الأساسي للصهيونية، وهو مشروع الاستيطان”، على حدّ تعبيره.
وأضاف ليفي إن الجميع يكذب على الجميع ويكذبون على أنفسهم، الأوروبيون يكذبون على أنفسهم وعلى غيرهم، الفنانون والمثقفون في إسرائيل يلعبون لعبة “كم نحن جميلون”.
وقرر الاتحاد الأوروبي، القيام بمشروع ثقافي وضخ مئات ملايين اليورو لمؤسسات الثقافة في إسرائيل، ومن غير المناسب أنْ يتم ضخ أموال هائلة كهذه لدولة الفصل العنصريّ، ومع ذلك فإن الاحتلال يصرخ من تحت كلّ حجر”.
وأكد في مقاله بـ(هآرتس) العبريّة على أنّ “الخط الأخضر مات منذ زمن، فلم يعد هناك أيّ طريقة للفصل بين إسرائيل السيادية (أيْ داخل ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر) وإسرائيل المحتلة (أراضي الـ 67 المحتلّة)، ولم يعد هناك أيّ طريقة أخلاقية للتمييز بين الإسرائيليين في تل أبيب وبين المستوطنين الأشرار في (يتسهار). جميعنا مستوطنون، جميعنا شركاء في المشروع الأساسي للصهيونية، وهو مشروع الاستيطان، حتى لو كان بعضنا ينتقده، ينتقد ولا يفعل تقريبا أي شيءٍ”، على حدّ تعبيره.
وخلُص المُحلّل ليفي إلى القول إنّه “في حال أرادت أوروبا أنْ تكون صادقة فعليها مقاطعة كل إسرائيل، إلى حين امتثالها للقانون الدولي، كما فعلت مع جنوب أفريقيا. فهناك نجح الأمر، وهو سينجح هنا. إذا كنتم لا تعتقدون بأنّ الأمر يتعلق بالأبارتهايد، بل بدولة ديمقراطية، عندها أعطوها كل الدعم، ولكن فقط هناك أمر واحد لم يخطر بالبال، هو النفاق”، على حدّ تعبيره.
خلاصة الأمر، وبناء على ما سبق ،فإنّه كما لا يتوجب علينا الإيمان بالولايات المتحدة كجهة ذات مصداقية بالنسبة للصراع مع إسرائيل، فإنه لا يتوجب علينا بنفس القدر، الوثوق بكل خطوات الاتحاد الأوروبي باعتبارها مصلحيّة منافقة.